Voice of Preaching the Gospel

vopg

"افهَمْ ما أقول. فلْيُعْطِكَ الرب فهمًا في كلِّ شيء." (2تيموثاوس 7:2)

كانت هذه طلبة الرسول بولس لابنه تيموثاوس، حيث أدرك بولس أن هذه هي الوسيلة الوحيدة لتيموثاوس حتى يمكنه استيعاب الأمور الإلهية التي يحدّثه عنها.
وإذا تَلفّتَّ حولك أيها القارئ العزيز، تستطيع بسهولة أن تلاحظ الكارثة التي يسبّبها عدم الفهم فيمن حولنا؛ سواء بما يعتقدون أو كيف يفكّرون، أو كيف يسلكون!
ولهذا السبب امتدح الكتاب المقدس الفاهمون بالقول: «والفاهمون يضيئون كضياءِ الجلد... إلى أبد الدهور.» (دانيآل 3:12) ألا تتّفق معي أيها القارئ العزيز أننا في حاجة إلى هذه الفضيلة في هذه الأيام؟!

أولاً: ما هو الفهم وأهميته؟
1. الفهم هو ببساطة استيعاب الأمور بطريقة سليمة، والمقدرة على التمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ. فأن تكون فاهمًا يعني أن تكون مُميِّزًا، وهذا ما طلبه الرسول بولس في صلاته لأجل مؤمني فيلبي: "وهذا أصلّيه: أن تزداد محبتكم أيضًا أكثر فأكثر في المعرفة وفي كل فهم، حتى تميّزوا الأمور المتخالفة." (فيلبي 9:1-10)
2. وقد نفهم أمور العالم وأنشطته وعلومه وهذا رائع. لكن هناك نوعٌ آخر أهمّ من هذا يُسمَّى بـ [الفهم الروحي] كقول الوحي: "أن تمتلئوا من معرفة مشيئته، في كلِّ حكمةٍ وفهمٍ روحي." (كولوسي 9:1) وهو فهمٌ لأمور الله بروح الله، وأيضًا النظر إلى كل الأمور حولنا بمعايير الله المُعطاة في كلمته.
3. عدم الفهم الروحي يجعلنا لا نفهم أمور الله، إذ نحاول تفسيرها بطريقة جسدية. فمرة قال الرب يسوع لتلاميذه: "«انظروا، وتحرَّزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين.» ففكّروا في أنفسهم قائلين: «إننا لم نأخذ خبزًا»." والرب لم يقصد الخبز بل قصد رياء الفريسيِّين وتعاليمهم، هذا أحزن الرب وقال لهم: "أحتّى الآن لا تفهمون؟" (متى 6:16-9)
4. ولنأخذ مثالًا واضحًا للفهم الروحي، يوم أن قام رجلٌ ليشتم داود، اسمه شمعي بن جيرا. وحسب فهمهم البشري، قرَّر رجال داود أن يقتلوه، لكن داود "بالفهم الروحي" أدرك الأمر بطريقة مختلفة تمامًا فقال لهم: "دعوه يسبّ لأن الرب قال له: [سبّ داود.] ومن يقول: لماذا تفعل هكذا؟" (2صموئيل 10:16)؛ أي أن داود فهم أن هذا كان من معاملات الرب معه!

ثانيًا: خطورة الحياة بدون الفهم
يقول سليمان الحكيم: "الذكي يبصر الشر فيتوارى. الأغبياء يعبرون فيعاقَبون." (أمثال 12:27) فبينما الفهيم ينجو من فخاخ الشرّ بالبصيرة الروحية التي له من الرب، لكن فإن عديم الفهم يؤذي نفسه! ودعني أوضِّح ما أقصده بهذين المثلَيْن:
1. اجتمع الأشرار يومًا على نحميا وهو يبني السور، وقصدوا أن يوقفوا عمله بهدف أن يحدثوه عن أمرٍ هامٍّ ثم يقتلوه. لكن الرب أعطى نحميا المصلّي فهمًا فقال لهم: "إني أنا عاملٌ عملًا عظيمًا فلا أقدر أن أنزل." (نحميا 3:6)
2. أما "الأغبياء يعبرون فيعاقبون"، وهل من غباء وعدم فهم أكثر مما أظهره شمشون! فلقد استدرجته دليلة الشريرة ولم ينتبه، قالت له بوضوح: "بماذا توثَق لإذلالك؟" ولم يفهم. ورويدًا رويدًا خدعته بكلامها المعسول حتى كشفَ لها سرَّ قوَّته - ألا وهو كونه نذيرًا، أي مُكرَّسًا للربّ – والنتيجة، لحماقته، أن حلق الأعداء شعر رأس انتذاره، وفارقته قوَّته بل فارقه الرب أيضًا، فقلع الأعداء عينيه ومات أخيرًا مُهانًا بينهم (راجع قضاة 16).
ألا تشعر معي عزيزي، بحاجتنا الماسة إلى هذا "الفهم الروحي"، الذي يمنحنا الرب إيّاه، لحفظنا من السلوك الأهوج غير الواعي ومن الخطية ونتائجها المريرة. "فالعقل يحفظك، والفهم ينصرك، لإنقاذك من طريق الشرير." (أمثال 11:2)

ثالثًا: أروع الأمثلة المبهرة للفهم في التاريخ
يقدِّم لنا الكتاب المقدس أمثلة كثيرة ورائعة، لعظماء كانت الحكمة الإلهية منهجهم والفهم سمة حياتهم، ودعني أذكر لك مثالًا واحدًا فقط، وهو سليمان الحكيم.
طلب سليمان من الرب: "... فأعطِ عبدك قلبًا فهيمًا لأحكُمَ على شعبك وأميّز بين الخير والشر." (1ملوك 9:3) ويقول الكتاب أن الرب أعطاه قلبًا حكيمًا ومميِّزًا. وبعد هذه الصلاة مباشرة، ظهرت ثمار هذا الفهم الرباني في أروع صورة. فلقد جاءت إليه امرأتان معهما طفلًا واحدًا، وكلٌّ منهما تدّعي أنه طفلها. فماذا فعل هذا الفهيم؟! يقول الكتاب: "فقال الملك: اشطروا (شقّوا) الولد الحيَّ اثنين، وأعطوا نصفًا للواحدة ونصفًا للأُخرى." (1ملوك 25:3) وطبعًا، لم يُشطَر الولد، بل قصد به سليمان أن يعرف من هي الأم الحقيقيّة، وعرفها عندما صرخت إحداهما قائلة: "أعطوها الولد الحيّ ولا تميتوه." وفي الحال عرف أن التي صرخت هي الأم الحقيقيّة؛ فأعطاها الطفل. ويقول الكتاب إن الشعب جميعًا "رأوا حكمة الله فيه." فيا لروعة الفهم!

رابعًا: من أين نحصل على هذا الفهم؟
1- اطلبْ من الرب: صلَّى الشاب الصغير: "فأعطِ عبدك قلبًا فهيمًا." فأجابه الرب قائلًا: "هوذا أعطيتك قلبًا حكيمًا ومميِّزًا." (1ملوك 9:3 و12) وأصبح هذا الشاب هو الملك سليمان الحكيم، وشهد بهذا الاختبار قائلاً: "لأن الرب يعطي حكمة. من فمه المعرفة والفهم." (أمثال 6:2)
2- من كلمة الله: يقول دانيآل: "فهمت من الكتب..." (دانيآل 2:9) فبحقّ أن كلَّ من التصق بكلمة الله وطبّقها في حياته، امتلأ حكمةً وفهمًا فهي "تصيِّر الجاهل حكيمًا." (مزمور 7:19)
3- بروح الله: الامتلاء بروح الله الذي قيل عنه: "روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب." (إشعياء 2:11)
أحبائي، إن الرب إلهنا إله فهيم. "الرب بالحكمة أسّس الأرض. أثبت السماوات بالفهم." (أمثال 19:3) وهو يريدنا أن نكون مثله، ولا سيما وسط عالمٍ لا يفهم الله ولا أموره. "ليس من يفهم. ليس من يطلب الله." (رومية 11:3) لذلك لتكن صلاتنا للرب أن يحقِّق لنا هذه الطلبة الجميلة: "لا تكونوا أغبياء بل فاهمين ما هي مشيئة الرب." (أفسس 17:5)

المجموعة: آب (أغسطس) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

62 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10625950