Voice of Preaching the Gospel

vopg

عندما بدأت المسيحية بأولى خطواتها قبل ألفي عام، أكّدت أن باب الخلاص لنيل الغفران والتصالح مع الله باب مفتوح

لكل الناس على اختلاف أعراقهم وأجناسهم وألوانهم من أين كانوا في كل دائرة الأرض.
وسرعان ما انتشرت المسيحية بين الشعوب بدءًا ببلدان الشرق الأوسط، وآسيا الصغرى، ثم أوروبا وشمال أفريقيا وغيرها من بلدان العالم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، دون دعم من سيف أو رمح، أو عصا...
فالسلاح الوحيد الذي شقّ طريقها بين الشعوب هو البُشرى السارة التي نادى بها الإنجيل لخلاص البشرية بدم الصليب من عدوٍّ قتّالٍ يُخادع الناس ويسعى لهلاكهم، ويزرع في أذهانهم مُعطلات وتعثّرات وتشكيكات باطلة ليمنع عنهم معرفة الحقيقة!
قبل أن يُغادر المسيح الأرض بصعوده إلى السماء، أوصى تلاميذه والأجيال اللاحقة: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا (بشِّروا) بالإنجيل للخليقة كلها." (مرقس16:15) وهذا ما فعلوه، وهو ما يقوم به أتباعهم حتى اليوم دون أن يقتحموا أو يؤذوا أحدًا... فمسيحهم لم يقل لهم احملوا سيوفكم وخناجركم وعُصيكم لتُخضِعوا الشعوب بالقوة ليؤمنوا بما أوصيتكم به، بل قال اكرزوا (بشّروا) انقلوا الخبر السار لكل الناس، وعلموهم أنني جئت لفدائهم، لنجدتهم، لخلاصهم من قبضة عدوٍّ مُخادع يسعى لهلاكهم بإبعادهم عن الحقيقة بطرق مُلتوية...
هذا الكلام له جذور نبوية في سفر مميّز بين أسفار العهد القديم هو سفر إشعياء، وقد اصطلح المفسّرون على تسمية إشعياء بالنبي الإنجيلي لوضوح ما أنبأ به عن المسيح قبل ميلاده بقرون عديدة... فهو من أنبأ بميلاد المسيح من عذراء في الأصحاح السابع من سفره، ولاحقًا في الأصحاح التاسع كشف عن هوية مولود العذراء وأشار إلى جلاله وألوهيته المؤكّدة، كإله لا إله سواه، نزل إلى أرضنا متجسّدًا بهيئة إنسان!
وفي أصحاح 7:52 يُفصح الوحي على لسان إشعياء عن بُشرى سارة يتغنّى بها بابتهاج، تعبّر عن رسالة هذا القادم العجيب، ولماذا يأتي؟ وما الذي يحمله في قدومه للبشرية؟ والوصف هناك جاء بأسلوب رمزي مُحبّب في غاية من جمال التعبير يقول فيه:
"ما أجمل على الجبال قدمَيّ المبشّر المُخبر بالسلام المُبشّر بالخير المُخبر بالخلاص." فالعناصر التي حملها في مجيئه: سلام وخير وخلاص!
وفي الأصحاحين 54 و55 يخاطب الوحي بلسان إشعياء النبي الشعوب الوثنية ويصفها بالعاقر، لعدم اقترانها بالرب، ويزفّ لها البشرى السارة قائلًا:
"ترنّمي أيتها العاقر التي لم تلد. أشيدي بالترنم أيتها التي لم تمخض." ودعاها لترتوي من نبع الخلاص قائلًا:
"أيها العطاش جميعًا هلمّوا إلى المياه، والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا. هلموا اشتروا بلا فضة (فخلاص المسيح خلاص مجاني لكل الناس)... لماذا تزنون فضة لغير خبز، وتعبكم لغير شبع؟ ... أميلوا آذانكم وهلمّوا إليّ. اسمعوا فتحيا أنفسكم. وأقطع لكم عهدًا أبديًا..."
إشعياء بهذا النداء، يبدو وكأنه كان يستمع مسبقًا لقول يسوع: "تعالوا إليّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم. لأن نيري هيِّن وحملي خفيف." (متى 28:11-30)
ويشير هذا النبي الإنجيلي إلى حتميّة انتشار رسالة المسيح بين شعوب الأرض، الشيء الذي تحقّق فعلًا فيما بعد... فيقول بلسان الوحي: "هوذا قد جعلته (المسيح) شارعًا للشعوب، رئيسًا وموصيًا للشعوب. ها أمة لا تعرفها تدعوها، وأمة لم تعرفك تركض إليك." (إشعياء 55)
ثم يُخاطب باقي شعوب الأرض ويناديها لتنعم بخلاص المسيح فيقول:
"اطلبوا الرب ما دام يوجد. ادعوه وهو قريب. ليترك الشرير طريقه، ورجل الإثم أفكاره، وليتب إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا لأنه يُكثر الغفران." ويؤكد إشعياء في نهاية الأصحاح 55 على حالة التغيير التي تحدث في طبيعة من سمع النداء واستجاب لدعوة التوبة فيقول:
"عوضًا عن الشوك ينبت سروٌ، وعوضًا عن القريس يطلع آسٌ." تعبير رمزي جميل مُحبّب تتحوّل به أشواك الخطايا في المؤمن التائب إلى سرو ... وما يسمّيه بالقريس المؤلم، إلى نبتة جميلة هي الآس.
ثم يختتم إشعياء خطابه في ذات الأصحاح بكلمات تثير العجب، يفجّر بها معلومة جديدة تستحقّ الوقوف عندها والتأمل، إذ يقول: "ويكون للرب اسمًا، علامة أبدية لا تنقطع."
هذا كلام نبوي عجيب عالي الشأن، يأخذنا إلى مقطع مُماثل ورد في إنجيل لوقا في زمن ولادة المسيح، خلال حديث سمعان الشيخ للعذراء المطوّبة وهي تحمل الطفل يسوع على ذراعيها بعد أن دخلت الهيكل، فاندفع إليها سمعان الشيخ من بين الحضور، مسوقًا بالروح وأخذ الصبي من بين يديها وهي لا تعرفه، وبارك وخاطب العذراء بإعلان نبوي يثير العجب، نقتطع منه عبارة قصيرة اختصارًا للوقت، فبعد أن باركها سمعان قال لها مشيرًا إلى طفلها:
"إن هذا قد وُضع لسقوط وقيام كثيرين في إسرائيل ولعلامةٍ تُقاوَم." (لوقا 34:2)
في مقالة سابقة لي ذكرتُ أن العلامة هي [صليب المسيح] بدليل قوله للعذراء: "وأنتِ أيضًا يجوز في نفسك سيف." فالسيف هناك هو سيف الألم الذي ستعاني منه العذراء بعد 30 سنة حين تقف كأم مفجوعة بجوار صليب ابنها وهو على الصليب ينزف دمًا.
أهيب بقارئي الكريم ونحن نستذكر في هذا الموسم أحداث الميلاد، أن يبحث ويُقارن بين ما ورد في الفقرة الأخيرة من إشعياء 55 عن تلك العلامة ... وما نطق به سمعان الشيخ في لوقا أصحاح 2.
وكيف بتأثير تلك العلامة يُستَبْدل الشوك بالسرو، والقُريس بالآس، بفعل صليب المسيح الذي يطهّر القلوب ويعطيها نقاءً وحياة أبديّة.
اختبار تذوّق كاتب هذه الكلمات حلاوته بنعمة من الرب قبل 66 عامًا ويتمنّاه لكل قارئٍ لم يختبره بعد. واليوم الرب يدعوك لتتصالح مع الله وتقبل المسيح ربًّا ومُخلِّصًا لحياتك... فتعال!
في سفر إشعياء أصحاح 55 يشير إلى علامة أبدية لا تنقطع... لا يقوى أحد على طمسها أو تغييبها، لأن فيها شفاء ثمين يضمنه رب المجد، مُمثلة بصليب المسيح لفداء البشرية، إذ بدون الصليب لا شفاء ولا نجاة! ونقولها بكل الحب والاحترام لكل مسيحي تقليدي مُتغافل ولغير المسيحي من كل شعوب الأرض، أن الدخول إلى الفردوس (الجنة) مشروط بأن يكون من خلال بوابة الصليب. هذه حقيقة نتمنّى أن يدركها كل الناس.
إذ "ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس، به ينبغي أن نخلص." (أعمال الرسل 12:4)
بدم الصليب إبليس مغلوب، مُداس تحت أقدام المفديين. "وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم." (سفر الرؤيا 11:12)

المجموعة: كانون الأول (ديسمبر) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

473 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10630440