"فَقَالَ لَهُمُ الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ...»"
لم تشعر الأرض بميلاد المسيح، لا رؤساء الكهنة ولا الكتبة ولا الفريسيين مع أنهم أولى الناس بالشعور به
لأنهم يعرفون العهد القديم والنبوّات الخاصة به – ولكن السماء اهتزّت واهتمّت ولم تستطع أن تصمت أمام هذا الأمر العجيب؛ فخالق الأكوان موجود في مذود بقر!
أرسلت السماء ملاكًا يحمل رسالة هامة لرعاةٍ يحرسون حراسات الليل... رعاة رجسون في نظر بعض الأشخاص كما نقرأ في سفر التكوين عن قول يوسف لإخوته: "إذا دعاكم فرعون وقال: ما صناعتكم؟ أن تقولوا: عبيدك أهل مواشٍ منذ صبانا إلى الآن، نحن وآباؤنا جميعًا. لكي تسكنوا في أرض جاسان. لأن كل راعٍ غنم رجس للمصريين." لم تكتفِ السماء بإرسال ملاكًا ولكنها أرسلت معه جوقة من الملائكة لتنشد الأنشودة الخالدة: "المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرّة." ولي معكم ثلاث كلمات:
1- طمأنينة قبل إعلان الخبر
بينما كان الرعاة يتحدَّثون معًا ليقتلوا الوقت "إذا ملاك الرب وقف بهم، ومجد الرب أضاء حولهم، فخافوا خوفًا عظيمًا." لأنهم لم يروا قبلاً مثل هذا المنظر، فهدّأ الملاك من روعهم وطمأنهم قائلاً: "لا تخافوا!" عبارة قصيرة جدًا، ولكن كان لها شديد الأثر عليهم. تبدّدت مخاوفهم وزال رعبهم وكان ذلك مهمًّا جدًا قبل أن يسترسل الملاك في تقديم الرسالة التي جاء بها. يقدّم لنا الرب عشرات العبارات قائلاً: "لا تخافوا!" لكي يهرب منا خوفنا ويزول منا رعبنا ويحلّ السلام والأمان.
كان التلاميذ قد دخلوا السفينة وفجأة هبّت الرياح والزوابع فلاطمت السفينة فخافوا خوفًا عظيمًا فما كان من الرب يسوع أن قال لهم: "أنا هو. لا تخافوا!" فامتلأت قلوبهم بالسلام.
طمأن الملاك الرعاة وبعدها قدّم لهم أروع خبر يمكن أن يسمعوه: "... فها أنا أبشِّركم بفرحٍ عظيمٍ يكون لجميع الشعب: أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلّصٌ هو المسيح الرب."
2- فرحة لجميع بني البشر
تعالوا بنا لنسمع الرسالة من فم الملاك: "... فها أنا أبشِّركم بفرحٍ عظيمٍ يكون لجميع الشعب..." يشمل هذا الفرح كل الجنس البشري بكل ألوانه: الأبيض، والأسود، والأصفر... الرجال والنساء والأطفال... كان من الممكن أن تقدّم رسالة الفرح لتشمل الرعاة فقط ولكن الرسالة شملت الكل: اليهود والأمم... لذلك قيل في إحدى النبوءات عنه: "ويأتي مشتهى كل الأمم..." عندما يولد طفل ما تفرح أعضاء أسرته التي وُلد فيها مع الأهل وبعض الأصدقاء، ولكن عندما وُلد الرب يسوع المسيح دعا الجميع ليفرحوا... فهذا المولود يقول عنه كل واحد: "يولد لنا ولد ونُعطى ابنًا". بولادة الرب يسوع لقد قُدِّمت الدعوة لكي يفرح الجميع بها... "افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضًا افرحوا."
3- قرار رائع ومعتبر
"ولما مضت عنهم الملائكة إلى السماء، قال الرجال الرعاة بعضهم لبعض: "لنذهب الآن إلى بيت لحم وننظر هذا الأمر الواقع الذي أعلمنا به الرب." ولكن هناك معوّقات... الوقت ليلٌ لأنه كان الرعاة "متبدّين يحرسون حراسات الليل على رعيّتهم". وأيضًا هناك مشكلة الغنم... لا شكّ أنهم اقترحوا أن تذهب الأغلبية وتبقى الأقلية مع الغنم... ولكن من الذي يقبل أن يحرم نفسه من رؤية هذا المولود العجيب؟ وإذا تُركت الغنم ستكون عرضة لهجمات الذئاب وأطماع اللصوص... لذلك ذهبوا جميعًا.... اختاروا الوقت الصحيح الآن، واختاروا المكان الصحيح بيت لحم... دفعهم الهدف الصحيح وبدأوا رحلتهم...
كم أتعجّب من القول: "فجاءوا مسرعين..." أي لم يُعِقْهم أي شيء. وعندما جاءوا وجدوا مريم ويوسف والطفل مضجعًا في مذود. "فلما رأوه (ما أروع هذا القول! لم يقل لوقا: ولما رأوهم... بل "فلما رأوه") أخبروا بالكلام الذي قيل لهم عن هذا الصبي. وكل الذين سمعوا تعجّبوا مما قيل لهم من الرعاة. وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكّرة به في قلبها."
يا لعظمة هذا المولود الذي اهتمّت السماء بميلاده وارتعبت الأرض ممثَّلةً في هيرودس الذي اضطرب وجميع أورشليم معه!
