Voice of Preaching the Gospel

vopg

اذَكِّر القارئ الكريم أننا قد تكلّمنا في الأعداد السابقة عن خمسة من ثمر الروح التسعة، وهي المحبة والفرح والسلام وطول الأناة واللطف، ونتكلّم في هذه المرة عن الصلاح.

وكما ذكرنا سابقًا أن ثمر الروح ينقسم الى ثلاث ثلاثيات: الثلاثية الأولى تختصّ بعلاقة الإنسان بالله وهي: محبة فرح سلام. والثلاثية الثانية تختصّ بعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان وهي، طول أناة لطف صلاح. والثلاثية الثالثة تختصّ بعلاقة الإنسان بنفسه وهي، إيمان وداعة تعفف. والصلاح وهو ضمن الثلاثية الثانية التي تختصّ بالإنسان وأخيه الإنسان.

فما المقصود بالصلاح؟
كلمة "صلاح" تعنى الخير والبر. ويعَرِّف بعض المفسرين الصلاح بأنه هو الخير الذي نظهره للآخرين، السخاء والجود والرغبة في نفع القريب والسعي في إسعاده. وبقولٍ آخر هو ممارسة المحبة العملية.

صلاح الله
"الرب صالح للكلِّ، ومراحمه على كل أعماله." (مزمور 9:145) وكون الرب صالح فهو لا يفعل الشرّ قط، بل يفعل الخير دائمًا "... جال يصنع خيرًا..." (أعمال 38:10) "صالح أنت ومحسن." (مزمور 68:119) و"صالح ومستقيم." (مزمور 8:25) والرب يسوع هو "الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن الخراف" والذي يعتني بقطيعه ويرعاهم (يوحنا 11:10). والنصيب الصالح لمن يختاره ربًّا ومخلّصًا كما قيل عن مريم: "فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها." (لوقا 42:10) والسامري الصالح الذي يرحم ويتحنّن ويضمِّد الجراح ويجبر الكسور كما حدث مع المسافر الذي كان نازلًا من أورشليم الى أريحا فوقع بين اللصوص. "ولكن سامريًّا مسافرًا جاء إليه، ولما رآه تحنّن، فتقدّم وضمّد جراحاته، وصبّ عليها زيتًا وخمرًا، وأركبه على دابَّته، وأتى به إلى فندق واعتنى به." (لوقا 33:10-34) وهو "المعلم الصالح" لحكمته وتعاليمه وقيادته، "المذّخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم." (كولوسي 3:2؛ متى 16:19-17) وهو الكنز الصالح الذي لنا فيه كل الغنى والذي يعطي بسخاء ولا يعيِّر. "يفتح لك الرب كنزه الصالح، السماء، ليُعطي مطر أرضكَ في حينه، وليبارك كل عمل يدك، فتقرض أُممًا كثيرة وأنت لا تقترض." (تثنية 12:28)
وصلاح الله مرتبط ارتباطًا وثيقًا بصفات الله المترابطة والمتكاملة والمتوازنة والمتناسقة مع طبيعته. فصلاح الله ينبع من محبته؛ الله صالح للكلّ لأنه يحبّ الكلّ. "لأنه هكذا أحب الله العالم..." قال جي أي بايكر في كتابه [معرفة الله] "إن محبة الله هي ممارسته لصلاحه من نحو الخطاة أفرادًا. فهو إذًا ربط نفسه بخيرهم وهنائهم، وبذل ابنه ليكون مخلّصهم، وهو الآن يحضرهم إلى معرفته للتمتّع به في علاقة عهد. فالله في محبته يمارس صلاحه مع الإنسان رغم شره.
فالله يكره شرّ الإنسان وخطيته، ولكنه يحب الإنسان الخاطئ. أخطأ آدم وحواء وأحسّا بعريهما فطردهما الرب من الجنة، وفي صلاحه صنع لهما أقمصة من جلد وألبسهما وغطّى عريهما.
والله صالح لأنه رحيم "لأن الرب صالح، إلى الأبد رحمته." (مزمور 5:100) أحضروا للمسيح امرأة أُمسكت في ذات الفعل، وكان جميع المشتكين عليها يحملون حجارة بأيديهم ليرجموها، أما المسيح - له كل المجد - قال لهم: "من كان منكم بلا خطية فليرمها أولًا بحجر!" وقال للمرأة: "أما دانكِ أحد؟" فقالت: "لا أحد، يا سيّد!" فقال لها يسوع: "ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا." فالله في صلاحه يتعامل معنا بالرحمة والشفقة والرأفة، ورحمته لا تتوقّف على حالتنا الروحية بل تفيض من صلاحه ومحبته.
وأيضًا الله صالح لأنه أمين. "ليْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ، وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلّمُ وَلا يَفِي؟" (العدد 19:23) كما نلاحظ ارتباط صلاح الله برحمته وأمانته في قول الوحي المقدَّس: "لأن الرب صالح، إلى الأبد رحمته، وإلى دورٍ فدورٍ أمانته." (مزمور 5:100) فهو يحقّق جميع وعوده معنا.
فمن صلاح الله وقوفه بجوارنا في التجارب والآلام، يسندنا ويقوّينا كما يقول: "لمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلَكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا." (1كورنثوس 13:10) و"أمينٌ هو الرب الذي سيثبّتكم ويحفظكم من الشرير." (2تسالونيكي 3:3)
ومن صلاح الله، يغفر لنا خطايانا مهما كانت متى اعترفنا بها وتُبنا عنها: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم." (1يوحنا 9:1) فلا توجد خطية، مهما كانت، لا يستطيع أن يغفرها. أما الخطية التي لا يغفرها فهي الخطية غير المُعترَف بها.
وصلاح الله وأمانته لا يبطلها أو يوقفها عدم أمانتنا. "إن كنا غير أمناء فهو يبقى أمينًا، لن يقدر أن ينكر نفسه." (2تيموثاوس 13:2) كما أن صلاح الله ينسجم تمامًا مع طول أناته وصبره وسخائه وعطاياه. وإجمالًا، كما سبق وقلنا، إن صلاح الله لا ينفصل قط عن جميع صفات الله بل ينسجم تمامًا مع طبيعته.


صلاح الإنسان
يذكر الكتاب المقدس: "لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ واحد... وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ، بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأنه لاَ فَرْقَ." (رومية 10:3–23) لذلك فإن صلاح الإنسان ينبع من برّ المسيح الذي فيه، من الطبيعة الجديدة المُعطاة له، من قلبه الجديد في المسيح يسوع لأن "الإنسان الصَّالِحُ مِنْ كَنْزِ قَلْبِهِ الصَّالِحِ يُخْرِجُ الصَّلاَحَ." (لوقا 45:6) ومن الروح القدس الذي امتلك حياته يثمر صلاحًا. والإنسان الصالح لا يفعل شرًّا للغير بل يعمل لخيره متمثّلًا بسيده يسوع المسيح.
والإنسان الصالح يباركه الله، فينال "رضىً من قِبَلِ الرب." (الأمثال 2:12) ويكافئه الرب قائلًا: "نِعِمّا أيّها العبد الصالح والأمين! ... ادخُلْ إلى فرح سيِّدك." (متى 21:25)
"الله صالح للكلّ"، لذلك ينتظر على الخاطئ مرة ومرات ليرجع إليه في توبة صادقة، لأنه لا يريد هلاك أحدٍ بل أن تكون له الحياة الأبدية، كما إنه يهتم ويعتني بالمؤمن فيرعاه ويدرّبه ليحيا حياة مقدّسة مكرّسة ليشابه ابن محبته يسوع المسيح. أصلّي أن يملأنا الرب بروحه القدوس من جديد لنثمر دائمًا صلاحًا.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

246 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10623793