Voice of Preaching the Gospel

vopg

واحدة من أصعب العبارات التي نطق بها الرب يسوع - له المجد - هي: "وأما أنا فأقول لكم: إن كل من يغضب على أخيه باطلاًيكون مستوجب الحكم، ومن قال لأخيه:

 رقا، يكون مستوجب المجمع، ومن قال: يا أحمق، يكون مستوجب نار جهنم." (متى 22:5)
والحقيقة هي أن ما يقصده ربنا هنا ليس أن الإنسان قد يذهب إلى جهنم لمجّرد أنه قال لأخيه كلمة واحدة، بل ما يقصده هو أن تلك الكلمة الواحدة تعبّر عن حالة رديئة للقلب، لأن من فضلة القلب يتكلّم اللسان، وهذه الحالة الرديئة للقلب هي التي ستؤدّي بصاحبها إلى جهنم وليست الكلمة التي ينطق بها اللسان.
إن الخطأ البسيط نسبيًّا عندما تقول لأخيك: "يا أحمق" يعبّر عن خطية كبيرة كامنة في القلب ألا وهي خطية احتقار الآخرين والاستهانة بهم، وهذه الخطية يمكن أن تقود الإنسان إلى الهلاك، إن الخطر لا يكمن فيما ننطق به من كلمات بل فيما نضمر من مواقف في قلوبنا.
ليست كلمة، بل حالة قلب!

خطية الاستهانة
كلمة "رقا" تعني "يا تافه" وهي تفيد الاستهانة والتقليل من شأن الآخر؛ والاستهانة بالكيان الإنساني لأي شخص هي خطية وإهانة لله لا تقلّ عن خطية عبادة الأوثان! لأنه إذا كانت عبادة الأوثان هي إهانة لذات الله ووحدانيته فالاستهانة بالآخرين هي إهانة لصورة الله ومثاله! فالكيان الإنساني مخلوق على صورة الله ومثاله ومَنْ يحتقره أو يستهين به يُخطئ ضدّ الله ذاته!
الشخص الذي يستهين بأخيه ويقول له: "رقا" يحمل في داخله موقفًا قلبيًا لسان حاله "هذا الإنسان تافه ولا قيمة له، أنا لا أعتدّ به ولا أعمل له أي حساب على الإطلاق." وهذا التقييم الرديء للطبيعة الإنسانية المخلوقة على صورة الله يُعتبر خطية ضدّ الله نفسه، وإذا تمكّنت منّا هذه الخطية فلا بدّ أن تؤدّي بنا إلى الهلاك.

سبب الاحتقار... الكبرياء!
لا يمكن لمشاعر الاحتقار أن توجد إلا في القلب المتكبّر، مشاعر الاستهانة والتقليل من شأن الآخرين تنبع دائمًا من مشاعر الكبرياء والتعظيم من شأن أنفسنا. المستهين بالآخرين يظنّ نفسه عاليًا جدًا وهذا الظن مستند على أسباب وهمية لا وجود لها. تقييمه العالي لنفسه غير مؤسس على حقيقة كونه مخلوقًا على صورة الله ومثاله بل مؤسس على معتقدات خاطئة عن نفسه وفضائل خيالية لا يمتلكها، لقد أخطأ أولاً في تقييمه لنفسه وبالتالي أخطأ في تقييمه لأخيه الإنسان، والخطأ هنا قلبي قاتل وليس مجرّد خطأ لفظيًا عابرًا.

وفي المجال الكنسي
في الأوساط الدينية تجد الاستهانة أفضل تربة لها حيث تنمو وتزدهر بأفضل الثمار! إنك تراها في نظرة الازدراء الباردة التي تنظر بها سيدة الكنيسة المحترمة إلى الأخت التي تلبس ملابس مبهرجة وتضع المكياج الصارخ...الشماس والخادم الممتاز يجد صعوبة في إخفاء استهانته بالجهال وأنصاف المتعلمين... الخادم المتعمّق في دراسة الكتاب يوبِّخ الشعب بأسلوب قاسٍ لا يدع مجالاً للشك في أنه يشعر بأنه أفضل منهم جميعًا... التديّن غير المصحوب بالتوبة والتواضع والمحبة لا بدّ أن يقود صاحبه إلى الاستهانة بغير المتديّنين والساقطين أخلاقيًا، وهذه الاستهانة هي حكم باطل ضدّ أخٍ لنا في الإنسانية، وهذا الحكم الباطل يضعنا تحت غضب الله ويقترب بنا من نار جهنم!

مسؤولية التمييز
من الناحية الأخرى نقول: إن المؤمن المسيحي لا يمكن أن يغمض عينيه عن الصواب والخطأ في حياة إخوته، ولا يمكنه تفادي الحكم على أعمال وسلوكيات الآخرين، بل إن الرب ينتظر منه أن يفعل هذا: "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة! من ثمارهم تعرفونهم." (متى 15:7-16) والرسول بولس يطلب من تلميذه تيموثاوس أن يميِّز أناسًا لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوَّتها ويطلب منه أن يعرض عن هؤلاء. (2تيموثاوس 5:3)
لكن تمييزنا لسلوكيات الإنسان الشريرة واستنكارنا لها لا يجب أن يؤدّي إلى احتقارنا للإنسان نفسه، ينبغي أن نحترم إنسانية كل إنسان مهما كانت أعماله، وهذا الاحترام نابع من إدراكنا للمصدر الإلهي لهذه الطبيعة الإنسانية في أصلها.
لا يوجد إنسان مات المسيح من أجله يمكن أن يكون تافهًا أو بلا قيمة، الإنسانية ذاتها ينبغي أن تُحترم لأنها الثوب الذي اتّخذه ابن الله عندما تجسّد... إذا استهنت بإنسانية أي شخص فأنت تُخطئ ضدّ ابن الإنسان نفسه! ينبغي أن نُبغض الخطية في أنفسنا وفي الآخرين لكننا ينبغي ألّا نبغض أو نحتقر الإنسان نفسه.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

197 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10627271