Voice of Preaching the Gospel

vopg

إن عبارة "فتيلة مدخِّنة لا يُطفئ." (متى 20:12) هي من أجمل صفات مخلصنا يسوع المسيح. فهو المشجِّع الأعظم الذي يُخرج من الإنسان المُحطَّم إنسانًا آخر جديدًا، ويحوّله من

 إناء ضعيف إلى إناءٍ قويّ. فالفتيلة المُدخِّنة لا قيمة لها، تضرّ ولا تُفيد! لكن الرب لا يُطفئها بل يُشعل فيها نار مَحبَّته.
هناك مشاهد كثيرة فى الكتاب المقدس نجد فيها الرب يتعامل مع النفوس بلطفٍ، وتشجيع... وسنتأمل الآن حول تعاملات الله مع ثلاث شخصيات هم: إيليا، وداود، وبطرس.

١– إيليا النبي الهارب
إيليا هو رجل الله بامتياز... بطلٌ من أبطال العهد القديم! ولعلّنا جميعًا نتذكّر وقفته البطولية على جبل الكرمل فى مواجهة أنبياء البعل، وكيفَ استجابَ له الرب، وأيّده بالقوة إذ أرسل نارًا من السماء. وفي عزِّ نَشوتهِ بهذه الوقفة البطولية، نراهُ يَرتمي في حضن الفشل... لأنه توقع بعد هذا الانتصار على أنبياء البعل وأخآب وإيزابل أن يُرجِع الشعب للرب، لكنَّه فوجىء بأن الشعب ما زال معاندًا ولم يتُبْ، وأنه هو رهنٌ لتهديدات إيزابل الدموية!!! يقول عنه الكتاب المقدس: "ثُمَّ سَارَ فِي الْبَرِّيَّةِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ، حَتَّى أَتَى وَجَلَسَ تَحْتَ رَتَمَةٍ وَطَلَبَ الْمَوْتَ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ: قَدْ كَفَى الآنَ يَا رَبُّ. خُذْ نَفْسِي لأَنِّي لَسْتُ خَيْرًا مِنْ آبَائِي. وَاضْطَجَعَ وَنَامَ تَحْتَ الرَّتَمَةِ. وَإِذَا بِمَلاَكٍ قَدْ مَسَّهُ وَقَالَ: قُمْ وَكُلْ." (١ملوك ٤:19-٥)
عندما شعرَ إيليا بالإحباط والفشل طلبَ الموت لنفسهِ! لكن الرب لم يتركه، بل أرسلَ ملاكًا ليقوّيه.
عندما نشعر بالإحباط، الرب مستعدّ أن يشجّعنا ويستخدمنا لنُشجّع الآخرين ونسندهم.
كان إيليا عَاتِبًا على الرب، وفي نفس الوقت خجولًا من نفسه لأنّه تعامل مع الرب بهذه الطريقة. قال للرب: "خُذْ نَفْسِي لأَنِّي لَسْتُ خَيْرًا مِنْ آبَائِي."
كان إيليا فى حالةِ انزعاجٍ شديد من نفسهِ ولكن الرب أرسل ريحًا ولم يكن الرب في الريح... ثم حدثت زلزلة، ولم يكن الرب في الزلزلة... ثم جاءت نار قوية والرب لم يكن في النار... أين كان الرب؟! هكذا كان يتساءل إيليّا. ثم جاء صوت خفيف منخفض، وتحدّث الرب، وأخبره كم يحبّه ويهتم به.
وأنت أيضًا، الرب يُحبّك ويتحدّث إليك!
فإذا كنت متألِّمًا، أو مجروحًا، أو عَاتِبًا على الرب... إنه يتكلم إلى قلبك ويقول لك: كم أنا أحبك!!! "مَحَبَّةً أَبَدِيَّةً أَحْبَبْتُكِ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَدَمْتُ لَكِ الرَّحْمَة.َ" (إرميا ٣:٣1)
فمحبة الرب غير مشروطة، ولم تنتهِ بعد.
في أمريكا، كل شيء يتعلّق بالقطاع العام، يحتاج إلى رخصة صالحة لمدة من الزمن، وعندما تنتهي تحتاج إلى تجديد.
حَدثَ مرة أن انتهت صلاحية رخصة قيادة سيارتي، ثمَّ علمت أن التأمين الصحّي الخاص بي انتهت مدّته، وكل الرخص التي كانت لي انتهت صلاحيتها في آن واحد، ولم يكن لديَّ الوقت لأجدِّدها. فشعرت بانزعاج شديد لدرجة أنني نمت وحلمت حلمًا مضحكًا مُبكيًا. رأيتُ فيه قاضٍ يُعاتبني بأنني أعيش بطريقة غير شرعية لأن رخصة وشهادة زواجنا انتهت مدّتها!... فَرحْتُ أبكي وأنا نائم... فأيقظتني زوجتي وقالت لي: ما بالك؟ فأخبرتها... فضحكت وقالت لي: يا حبيبي، هناك أشياء مثل شهادة الزواج لا تنتهي صلاحيّتها، ومحبّتنا لبعضنا البعض لا تنتهي، لأن محبة الله لا تنتهي مُدّتها. فأنت واحد من أبناء الله، والله يذكّرك بمحبَّته لك!
في وسط خوف إيليا، تدخّل الله وقال له: "مَا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟" لأن إيليا دخل المغارة ونام فيها! وكأن الله يقول له: لماذا أنت في المغارة، في الظلمة والحزن، أنا أحبك وأريد أن أستخدمك... الألم الذي أنت فيه عظيم! ولكن أنا معك، أتألم معك، "لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ. لاَ تَتَلَفَّتْ لأَنِّي إِلهُكَ."
رأى مارتن لوثر أن عددًا كبيرًا من رفقاء الإصلاح قد تمّ حرقهم وقتلهم، فتألّم جدًّا وشعر بالفشل، ورأته زوجته "كاثرين" أنه لا يأكل ولا يشرب ووجهه شاحب اللون وكأنه عاتب على الرب. وفي إحدى الأيام رأى لوثر زوجته تلبس ملابس سوداء فقال لها: ماذا أصابك يا "كاثرين"؟ لماذا ترتدين ملابس سوداء؟ قالت: لأن صديقك قد مات. قال لها: من هو؟ كان لوثر يظن أن واحدًا من رفقاء الإصلاح قد مات – فقالت له: إن الله قد مات. قال لها: هذا كُفر وابتدأ يصرخ، كيف تقولين إنّ الله مات؟ قالت له: مارتن، أنت تتصرّف وكأن الله قد مات... أنت حزين وكأن الله ميِّت، لكن إلهك حيّ يا مارتن... فشعر لوثر بالتبكيت وصلّى للرب.
عزيزي، إلهك حيّ، إنه يحبُّك، ويريد أن يستخدمك ويتعامل مع آلامك... "لأَنَّهُ يُخَبِّئُنِي فِي مَظَلَّتِهِ فِي يَوْمِ الشَّرِّ. يَسْتُرُنِي بِسِتْرِ خَيْمَتِهِ. عَلَى صَخْرَةٍ يَرْفَعُنِي." (مزمور 5:٢٧)
إذا كنت فى الوادي السحيق فسيرفعك الرب على صخرة قوية. لا تفشل! بل ثق في نعمة الرب ومحبته لك... وإن كنت ضعيفًا، خاطئًا، حزينًا، فثق في نعمة الله.

٢ – داود الملك التائب
الكارثة التي حدثت لداود لم تكن من الخارج كإيليا، لكنها كانت من الداخل... كانت هناك عدة خطايا ارتكبها داود، فهو لم يزنِ فقط بل اشتهى وقَتل أيضًا. وكلتاهما خطايا بشعة... لاحظ ماذا قال في مزمور ٧:51 "طَهِّرْنِي بِالزُّوفَا فَأَطْهُرَ. اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ"، كان يشعر بالإنسحاق! ثم قال: "قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي".
ما أحلى كلمات التوبة! وما أعظم غفران الله! إنه قادر أن يغسلك من جديد ويطهِّرك من الثعالب الصغيرة فى حياتك... فتعال إلى الرب وألقِ بحملك عليه "أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي، وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا." (إشعياء 25:٤٣) عندما نقرأ قصة داود نشعر بالاستغراب... فبالرغم من خطايا داود استخدمه الرب! لأنه إله رؤوف... فَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، وهو أيضًا إله محبّ ومحبّته تشمل كل إنسان.
أمرَ نابليون بونابارت بإعدام جندي لأنه هرب أثناء الحرب، فجاءت والدته تتوسّل إليه ليعفو عنه. قال لها نابليون: هناك قانون يقضي بإعدام الجندي الذي يهرب أثناء الحرب. قالت له الأم: أنا لم آتِ لأطلب عدالة بل رحمة. قال لها: ابنك لا يستحقّ الرحمة. أجابت: الرحمة لو تُستَحَقّ لا تُسمّى رحمة. الرحمة بتعريفها لا يستحقِّها إنسان، كذلك رحمة الله لا يستحقِّها إنسان ولكنه يرحمنا! "هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ، يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ." (إشعياء ١٨:1)
في سلسلة نسب المسيح أربعة نساء مذكورات: ثامار وهي زانية، وراحاب وهي زانية أيضًا وأممية، وراعوث الموآبية، و"التي لأُوريّا" - ومعروف أنها صارت لداود الملك الذي سرقَ شيئًا ليس له - لكنها ُذكرت في سلسلة نسب المسيح لأنها تابت وغفر الرب لها.
أخى أختى. الله لا يَهمّه من كنت وماذا فعلت... الله يهمّه قلبك الآن، هل أنتَ له أم لا؟! فتعال إلى الرب ليسترك وينجّيك...

٣– بطرس التلميذ الكاذب
مشكلة بطرس أنه كان الشخص المتقدّم المقدام... كان باقي التلاميذ يرونه شخصية متقدِّمة. يعرف الأجوبة القويّة، وهو منفعل لدرجة أنه عندما قال المسيح لتلاميذه: "كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ"، قال له بطرس: "وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا." (متى 31:٢٦و٣3) ولكن المسيح قال له: "قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ." ولكن عندما أنكر بطرس المسيح، يُخبرنا الكتاب أنه لم يُنكر فقط بل حلفَ، وسَبّ، ولعن المسيح أي احتقره... ولكن عندما نظرَ إليه الرب بكى بكاءً مرًّا وتاب.
بعد أن قام المسيح قال لبطرس: "يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي أَكْثَرَ مِنْ هؤُلاَءِ؟" وهنا يقصد المسيح أن يقول له: أُقدِّر مَحبّتك لي وأُريدك أن تكمّل في هذه الطريق، طريق المحبة. قال له بطرس: "[نَعَمْ يَارَبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ.] قَالَ لَهُ: [ارْعَ خِرَافِي.]" (يوحنا 15:٢١) وكأنه يقول له: إني أستأمنك وأُعطيك المسؤولية أن ترعى غنمي. ما أطيب الرب! هل نسي ما فعله بطرس من إنكار، وسبّ، ولعن للمسيح؟ ما أطيب الرب! لكنه "لَمْ يَصْنَعْ مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا، وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثامِنَا... كَبُعْدِ الْمَشْرِقِ مِنَ الْمَغْرِبِ أَبْعَدَ عَنَّا مَعَاصِيَنَا." (مزمور ١٠:103)
عزيزي القارئ،
الرب يُحبّك أكثر مما تُحبّ نفسك، ويريد أن يلمسك ويغيّرك ويُعالج جُروحك، يريد أن يضمّك إليه ويستخدمك لتكون بركة للمتألّمين والمجروحين والحزانى.
الرب يمدّ يَديه إليك، أينما كنت... فتعال إليه تائبًا عن خطاياك وضعفاتك، فهو يفتح أبوابه أمامك مهما كنت بائسًا، وحزينًا، ومريضًا، ومكسورًا، ومحتاجًا، فقصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مُدخّنة لا يُطفئ.

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

149 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10623739