Voice of Preaching the Gospel

vopg

للوصايا العشر مفاهيم عميقة فهي وإن كانت وصايا تحمل في مضامينها الإيجابيات. والذي يتأمل في عظة المسيح على الجبل مليًّا يكتشف مدى عمق هذه الوصايا فهي نافعة لكل الأجيال...

ومع أننا نقف أمام لائحتها مدانين "لأن من حفظ كلّ الناموس، وإنما عثر في واحدةٍ، فقد صار مجرمًا في الكلّ. لأن الذي قال: [لا تزنِ]، قال أيضًا: [لا تقتل]. فإن لم تزنِ ولكن قتلت، فقد صرت متعدّيًا الناموس."
هذا يكشف لنا عن قسوة الناموس إلا أن الوصايا في ذات الوقت تؤكد لنا عجز الإنسان عن خلاص نفسه وتقنعنا بفضل عمل النعمة الخلاق ولزوميته "لأنه إن كان بالناموس برٌّ، فالمسيح إذًا مات بلا سبب!" والمديونية تجاه عمل المسيح الكفاري. وفي الوصايا العشر نجد قدسية كاملة لأنها تبدأ بالله كسيد محتجب يتكلم مشترعًا إلى عبدٍ مُدان وتنتهي بالإنسان في علاقة مع أخيه الإنسان. ولقد اختصر المسيح الوصايا العشر في الوصية العظمى:
"تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل قدرتك، ومن كل فكرك، وقريبك مثل نفسك."
"فالمحبة هي تكميل الناموس."
"الله محبة، ومن يثبت في المحبة، يثبت في الله والله فيه."
لأجل هذا نرى أن هناك خطرًا جسيمًا ذا أهمية قصوى بالنسبة لموقفنا تجاه لائحة الوصايا الإلهية. وإن كان الكتاب يقول: "خذوا لنا الثعالب، الثعالب الصغار المفسدة للكروم" فكم بالحري يكون تأثير الخطأ إذا استفحل، والثعلب إذا كبر، والشهوة إذا ولدت، والخطية إذا كملت؟ لذلك فلنحترس منها جميعًا وهي:

أولاً: الآلهة الغريبة
تُستهَلّ الوصايا العشر بهذه الوصية العظمى "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي." وقد حذّر الرب فيها من الآلهة الغريبة لأنه إله غيور. ومن الغريب أنه في الأصحاح العشرين من سفر الخروج تُعطى هذه الوصية وفي الأصحاح الثاني والثلاثين من نفس السفر نجد أن الشعب صنع لنفسه عجلًا من ذهب وأشار إليه وهتف قائلًا: "هذه آلهتكَ..."! يا لغلاظة القلب البشري! أليس هذا مظهر قاتم لطبيعة الإنسان الذي اختبر الذلّ ورأى العجائب، وعبر بحر سوف ورنم ترنيمة الانتصار التي ابتدأ فيها بالقول "عظّموا الرب"، والذي سار مع الله شوطًا كبيرًا! لذلك نجد أن هذه الوصية تحتلّ مكانًا مرموقًا في الوصايا. ولكي نرى مقدار هذه الوصية دعنا نبدأ بنظرة إلى الآلهة الغريبة. كم من أديان ونظريات وفلسفات ابتدعت آلهة غريبة ويا لكثرة الذين آمنوا بها! فالبوذيون يؤلِّهون بوذا الإنسان البشري، وآخرون يستعيضون عن الله ببعض التعاليم البشرية والثقافة الإنسانية والأطوار الأخلاقية التي ينبغي أن يمرّ بها الإنسان كي يحصل على (النرفانا) أي القداسة الكاملة. لكن، أي آداب تلك التي تشبع القلب؟ إن بولس الرجل الذي تربّى عند رجلي غمالائيل العظيم والذي قال: "من جهة الناموس بلا لوم..." لم يتحرّك فيه شعور ولا شفقة عندما كان استفانوس يُقتَل أمامه بأبشع الوسائل وأوضعها؛ ولا حتى هذا الطريق أشبع قلبه إلى أن اختبر الله في النهاية وقال: "نحن ذريته".
نعم، إن الإنسان يجدُّ في البحث عن الله ويذهب دائمًا وراء الخليقة ويبحث عن أصل الحياة ومصيرها، ولم تستقرّ نفسه طوال الأجيال لفكرة أو نظام ما خالٍ من وجود الله "لأننا به نحيا ونتحرّك ونوجد." لكن آخرين جعلوا الله فكرة ذهنية لذاتٍ سامية وإرادة عاملة، لكن ليس شخصًا. وآخرون جعلوا منه إلهًا متعاليًا غامضًا محتجبًا، وتصوّروه أحيانًا مجسّمًا في أشباحٍ عدّة أو هو مجموعة من الآلهة. وما رأيك في الذين يعبدون الأسلاف والأرواح؟ هؤلاء يتمّ فيهم القول:
"إذ كنتم لا تعرفون الله، استُعبدتُم للذين ليسوا بالطبيعة آلهة." (غلاطية 8:4)
وإذ نتقدّم قليلًا في بحثنا إلى آلهة من نوع آخر تملأ حياة الكثيرين وقلّما ينجو منها إنسان وهي:

ثانيًا: آلهة القرن الحادي والعشرين

إنها كثيرة يلجأ إليها الإنسان - وسرعان ما يرزح تحت نيرها - منها:

1- إله المال
لقد قال يسوع: "لا يقدر أحد أن يخدم سيِّدين، لأنه إما أن يُبغض الواحد ويحبّ الآخر، أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر. لا تقدرون أن تخدموا الله والمال."
فيا من تسعى وراء المال أنت تعبد إلهًا غير الله، إلهًا اتّبَعه قديمًا "جيحزي" و"سيمون" فضلّوا عن الإيمان.
"لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذي إذا ابتغاه قومٌ ضلّوا عن الإيمان، وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة."
إن محبة المال أعمت كثيرين فلم يستطيعوا أن يروا محبة الله. فتبصَّر يا أخي!

2- إله العلم
لقد اتّخذ كثيرون من العلم إلهًا لهم فكرسوا الحياة بجملتها للعلوم، غير عالمين أنه في المسيح مذّخرٌ لنا "جميع كنوز الحكمة والعلم." إن الحكمة البشرية في ذاتها غير كافية لأن الله يجهِّل حكمة هذا العالم و"رأس الحكمة مخافة الله"، فلماذا نقضي أيامنا في بطون الكتب ونخرج من هذا العالم بقلب فارغ؟

3- الذات
هذا هو الإله الذي يجب أن نبغضه إن كنا نريد أن نتبع الله، فإن رجلًا يعيش لذاته خيرًا له لو لم يولد، لذلك وضع الرب يسوع في شروط اتِّباعه إنكار الذات. وكان سرّ نجاح بولس أنه أعلن على رؤوس الأشهاد: "بنعمة الله أنا ما أنا." ويعوزنا الوقت إن تكلمنا عن آلهة الجمال والفجور وغيرها التي ما زالت تتربّع على قلوب كثيرين.

ثالثًا: أين أنت من الله؟
وقبل أن أجيب عن هذا السؤال أسألك سؤالًا آخرًا يجول في فكر كثيرين وهو: من هو الله؟ وإذا أردنا أن نجيب عن سؤالنا الأخير هذا بإخلاص علينا أولًا أن نتطلّع إلى إعلان الله عن نفسه بواسطة الخلق، ثم بواسطة الوحي، ثم بواسطة التجسُّد في يسوع المسيح. ومن الملاحظ أن كتَّاب الأسفار لم يحاولوا قط أن يثبتوا وجود الله بل يقدمون ما يؤكد وجوده تعالى، ومن الملاحظ أيضًا أن الله يُظهِر نفسه بأسمائه وصفاته: فالله شخص، وهذا أمر مفروض في الكتاب المقدس أكثر مما نجد له إقرارًا واضحًا، والله روح غير مادي ذو قوة، والله آب وهذه تتعلق بالخليقة والفداء معًا، والله مالئ الوجود في طريق حقيقية حيويّة، وهناك درجات لوجوده تعالى ودرجات لفاعلية وجوده، والله هو القدوس بمعنى أنه منفرد وسام ومختلف كليًا عن الإنسان، ولهذه الفكرة مغزى أدبيًا أيضًا، ومن صفاته الأزلية عدم التغيّر وكمال الحكمة، وملء المجد والقوة، وهو بار ومحبّ، إنه واجب الوجود، ومثلّث الأقانيم، إنه غير محدود وفي المسيح حدّد نفسه، إنه أساس الحياة ومنه تنبثق كل القيم العليا والصفات الحسنى.

ما هو إذًا موقفك تجاهه؟
لقد قال الجاهل في قلبه: "ليس إله." والخاطئ يتصرّف كما لو كان الله غير موجود... والملحدون دفنوا المعرفة عن الله – مع أن الإلحاد ليس فطريًا في الإنسان – والماديون يتطلّعون إلى الحقيقة الأصلية المطلقة في المادة مع أنهم يعجزون عن تفسير العناصر الخارقة للطبيعة في الإنسان، والمثاليون يساوون بين الذات الإلهية والإنسانية ويوحِّدونهما، مع أن الله هو خالق الإنسان، واللاأدريّون يقرّون أنه لا يمكن معرفة الله تمامًا مع أنه لا توجد معرفة غير قابلة للبرهان.
لكن لماذا نبعد بعيدًا ونضلّ و"نشطّ"، والله قد أعلن نفسه لنا؟
سأل مرة أحدهم خادمًا للإنجيل عن شخصية الله، وكيف نختبره، وكان الردّ:
"عندما يملك المسيح في القلب عندئذ تنفتح البصيرة وتعرف الله وتختبره."
وبعد مدة قصيرة تجدّد هذا الإنسان وأصبح في صلاته يتكلّم مع الله... وفي حياته يتمثّل بالله... وفي اختباره يشهد عن الله.
"وهذه هي الحياة الأبدية: أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته (الذي صُلب لأجلنا)."

المجموعة: تشرين الثاني (نوفمبر) 2022

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

156 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10624832