"وَإِذَا رَجُلٌ اسْمُهُ زَكَّا، وَهُوَ رَئِيسٌ لِلْعَشَّارِينَ وَكَانَ غَنِيًّا، وَطَلَبَ أَنْ يَرَى يَسُوعَ مَنْ هُوَ، وَلَمْ يَقْدِرْ مِنَ الْجَمْعِ، لأَنَّهُ كَانَ قَصِيرَ الْقَامَةِ.
فَرَكَضَ مُتَقَدِّمًا وَصَعِدَ إِلَى جُمَّيْزَةٍ لِكَيْ يَرَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يَمُرَّ مِنْ هُنَاكَ. فَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْمَكَانِ، نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ». فَأَسْرَعَ وَنَزَلَ وَقَبِلَهُ فَرِحًا. (لوقا 2:19-٦)
واحدة من القصص الشيّقة التي تتحدّث عن الغنى والاجتهاد والتواضع والعطاء والرغبة والقبول في الوقت ذاته، نجدها هنا في قصة زكا رئيس العشارين (أي جامعي الضرائب الذين يعملون لصالح السلطة الرومانية، وكانت نظرة اليهود عنهم بأنهم خائنين لوطنهم ودينهم، لذلك كانوا يُصنَّفون في قائمة الخُطاة).
كان زكا يعاني من إعاقة جسدية منعته من أن يرى يسوع وهي أنه كان قصير القامة، لكن تواضع زكّا رغم كونه رئيس العشارين وسلوكهُ واجتهادهُ، ورغبته الحقيقية في رؤية يسوع، مكّنتهُ من إتمام شهوة قلبه... فكثيرًا ما نظن بأن الجمّيزة هي التي كان لها الفضل ليتمكّن زكّا من رؤية يسوع، لكن السبب الحقيقي كان تواضع زكا... "فَتَوَاضَعُوا تَحْتَ يَدِ اللهِ الْقَوِيَّةِ لِكَيْ يَرْفَعَكُمْ فِي حِينِهِ." (1بطرس 6:5)
وهكذا نحن أيضًا يمكننا أن نرى يسوع ونتمتّع بالشركة التي تمتّع بها زكّا، إن تواضعنا وتنازلنا عن كبريائنا. فكُلّنا بشكلٍ أو بآخر لنا هذا القصور الروحي أو هذهِ الإعاقة الروحية التي تمنعنا في مواقف كثيرة من رؤية يسوع. ربما السبب هو غِنانا الأرضي، أو كبرياؤنا، أو طمعنا وكسلنا، إلخ... التي تؤدي بنا الى القصور الروحي. ولنذكُر أيضًا بأن الرب يسوع هو الذي أتى إلى زكا و "نَظَرَ إِلَى فَوْقُ فَرَآهُ، وَقَالَ لَهُ: «يَا زَكَّا، أَسْرِعْ وَانْزِلْ، لأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَمْكُثَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِكَ." وكلّنا جميعًا قاصرون عن بلوغ المجد الإلهي لولا تدخّل الرب.
فالقلوب التي تطلب حضور الرب لن يعوقها أية معوقات خارجية ما لم تكن هناك معوقات داخلية كتلك التي نراها في الشاب الغني المذكورة قصتهُ في الأناجيل، بل تصل الى مرادها كما وصل زكا بالتخلي عن القليل الذي لهُ ليكسب غنى الرب وملكوته.
دعونا نفحص نفوسنا لئلا نكون مُصابين بهذهِ الإعاقة الروحية وغافلينَ عنها بحجة أن الرب لا يُرينا نفسهُ أو أن الرب قد رفضنا ولا يسمع صوتنا.