Voice of Preaching the Gospel

vopg

ما أصعب هذا الشعور المؤلم الذي يصيب المؤمن عندما يظن أن الله يقف بعيدًا عنه! ويجول بخاطره سؤالٌ محيّرٌ، ألا وهو: لماذا يقف الله بعيدًا؟

ولا سيما عندما يصرخ في جُبِّ ضيقاته وآلامه وليس من يسمع، ويتألّم وليس مِن مُعين... وقالت مرة صهيون: «قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ، وَسَيِّدِي نَسِيَنِي.» (إشعياء 14:49) فهل شعوره هذا صحيح؟! وهل فعلاً يترك الله مؤمنيه وقت آلامهم؟

أولاً: لماذا يشعر البعض أن الرب تركهم؟
شعور مرير اختبره الكثيرون من البشر ولم يكن المؤمنون في منأى عنه. فصاحب هذا التساؤل، داود، كان يمُرّ بحالةٍ نفسيَّةٍ مريرة، وهذا نجده في كلماته التي تحدَّث بها مرّة إلى نفسه قائلًا: «إِنِّي سَأَهْلِكُ يَوْمًا بِيَدِ شَاوُلَ، فَلاَ شَيْءَ خَيْرٌ لِي مِنْ أَنْ أُفْلِتَ إِلَى أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ.» (١صموئيل 1:27) فالحقيقة هي أن حالة داود النفسيّة حالت دون رؤيته للرب، فلم يرَ إلا العدوّ ورأى نفسَه وحيدًا هالكًا، والنتيجة أنه اتَّخذ قرارًا خاطئًا بالاختباء عند عدوِّه، بل وقَبِل أن يكون له عبدًا! بينما في يوم قوَّته وسلامته الروحية كتب عن معيَّة الرب له قائلاً: «لاَ أَخَافُ شَرًّا لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي.» (مزمور 4:23)
لقد تغنّى داود يومًا وهو فَرِح أيضًا، مُهلِّلاً بحماية الرب له يوم الشر بالقول: «لأَنَّهُ يُخَبِّئُنِي فِي مَظَلَّتِهِ فِي يَوْمِ الشَّرِّ. يَسْتُرُنِي بِسِتْرِ خَيْمَتِه... أُغَنِّي وَأُرَنِّمُ لِلرَّبِّ.» (مزمور 5:27-6) لكن إذ حوَّل عينيه عن الرب، تساءل مُنحنيًا: «لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟» (مزمور 1:10)
يحسِنُ إلينا الرب فلا نُحرَم من رؤية وجه مسيحنا الكريم المريح، حتى لا نكون فريسةً للعدوّ الذي يهمس في دواخلنا وقت الألم والانحناء بالقول: «أَيْنَ إِلَهُكَ؟» (مزمور 10:42) ولا تدع الظروف تحجب وجه إلهك عنك، بل دَعْ الرب يقف بينك وبين ظروفك.

ثانيًا: هل فعلاً يترك الرب أتقياءه
ويقف بعيدًا؟
تَحكي صفحات الوحي والتاريخ المقدّس وتؤكّد لنا باليقين، قولًا وفعلًا، أنه حاشا للرب أن يترك أتقياءَه الراجين وجهه. تعالَ معي صديقي نتذكّر بعضًا من هذه الوعود التي قالها السيِّد الكريم، والاختبارات التي تغنَّى بها عبيده. فداود يتغنّى عن اختبارٍ قائلاً: «وَيَتَّكِلُ عَلَيْكَ الْعَارِفُونَ اسْمَكَ، لأَنَّكَ لَمْ تَتْرُكْ طَالِبِيكَ يَا رَبُّ»، وأيضًا «طَلَبْتُ إِلَى الرَّبِّ فَاسْتَجَابَ لِي وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي.» (مزمور 10:9؛ 4:34) ويؤكّد ربنا يسوع المسيح مرّات عديدة رفقته لمؤمنيه قائلًا: «وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ.» (متى 20:28)
لكن لا ننسى أن هناك شيئًا واحدًا فقط يجعل الله يبتعد بعيدًا! ألا وهي الخطية... فَعَيْنا الرب أطهر مِن أن تنظرا الشرّ. ومرّة قال الرب ليشوع: «لاَ أَعُودُ أَكُونُ مَعَكُمْ إِنْ لَمْ تُبِيدُوا الْحَرَامَ مِنْ وَسَطِكُمْ.» (يشوع 12:7) ليحفظنا الرب من الشرّ والدنس الذي يبعدنا عن الرب ويبعد الرب عنا.

ثالثًا: كيف أتخلَّص من هذا الشعور الكاذب؟
١. عندما يهاجمك هذا الفِكر، أي أن الرب تركك، افحَصْ نفسَك وتأكّد أنه لا توجد خطية في الحياة غير مُعترَف بها؛ فطوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله.
٢. ثِق عزيزي في وعد الرب، أنه لا يمكن أن يبتعد عن طالبيه أبدًا: «الرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ بِالْحَقِّ.»
٣. قد لا تراه، لكنه ليس ببعيدٍ عنك. فمريم المجدليّة التي كانت تبحث عن يسوع في القبر ظنّت أنهم حملوه بعيدًا بينما كان هو واقفًا وراءها! «الْتَفَتَتْ إِلَى الْوَرَاءِ فَنَظَرَتْ يَسُوعَ وَاقِفًا وَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ يَسُوعُ.» (يوحنا 14:20)
٤. حتى وإن لم ترَه وتعقَّدت الأحوال، فأمور أولاده موضِع اهتمامه وتفكيره دائمًا، هذا ما أكَّدَه أليهو لصاحبه أيّوب المتألّم: «فَإِذَا قُلْتَ إِنَّكَ لَسْتَ تَرَاهُ، فَالدَّعْوَى قُدَّامَهُ، فَاصْبِرْ لَهُ.» (أيوب 14:35)
٥. إن هناك أمورًا كثيرة لا نفهمها الآن، فأفكارنا محدودة وأُفُقُنا ضيِّق. لكن الإيمان يُعلن، وقتَ عدمِ وضوح الرؤية، أن الربَّ صالحٌ وحكيم القلب، يعمل بحكمة وهذا هو الأفضل. ويومًا قريبًا سنفهم كل شيء.
٦. نحتاج أن نتغذّى ونُشفى ونتشجَّع بالشركة مع إلهنا كلّ يوم من خلال كلمته الحيّة في عرش النعمة والصلاة. فآساف خارج المقادس تشكَّك وتمَرْمَر قلبه، وعندما دخل مقادس الله في الشركة، فَهم وشُفِي قلبه، بل وهتف قائلًا للرب: «أَمْسَكْتَ بِيَدِي الْيُمْنَى. بِرَأْيِكَ تَهْدِينِي وَبَعْدُ إِلَى مَجْدٍ تَأْخُذُنِي... أَمَّا أَنَا فَالاِقْتِرَابُ إِلَى اللهِ حَسَنٌ لِي.» (مزمور 23:73-٢٨)
دعونا نثق في صلاح الله أبينا الذي يحبّنا وبذل ابنه لأجلنا، الذي يكون معنا، ونتأكّد من قول الوحي: «الرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ»، وأيضًا «أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا.» (أعمال 27:17)
أنتَ مِش بعيد هناكأو لوحدك في سماك
أنت مجد في وسطناسور حماية من الهلاك

المجموعة: أيلول/ سبتمبر 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

120 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10626585