Voice of Preaching the Gospel

vopg

ما هي مزامير الراعي الثلاثة؟ وعمّن تتكلّم؟ وما ارتباطها بحياتنا الروحية؟ مزامير الراعي هي ثلاثة مزامير متّصلة ببعض:

22 و23 و24 أُطلق عليها مزامير الراعي، لأنها تتحدَّث نبويًّا عن شخص الرب يسوع الراعي الصالح في ثلاثة صُوَر:
يتحدّث مزمور 22 عن شخص الرب يسوع المسيح الراعي الصالح الذي بذل نفسه عن الخراف. يحتوي هذا المزمور على العديد من النبوات عن آلام السيد المسيح وموته، ويبدأ بالصرخة التي صرخها السيد المسيح على الصليب: "إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟" (ع1) وينقسم الى قسمين:
القسم الأول الأعداد 1–21 فيه نبوءات عن آلام المسيح مثل "ثقبوا يديَّ ورجليّ" (ع16)، "أُحصي كلّ عظامي (ع17)، "يقسمون ثيابي بينهم وعلى لباسي يقترعون" (ع18)، إلخ... وهو يصف جبل الجلجثة.
والقسم الثاني الأعداد 22–31 وهي نبوءات عن قيامة المسيح ونصرته على الموت وكلّ قوى الجحيم.
ويتحدّث مزمور 23 عن شخص المسيح الراعي العظيم الذي يعتني بالخراف، فيبدأ بالقول: "الرب راعيَّ فلا يعوزني شيء"، وهو يصف جبل المراعي الخضراء.
أما مزمور 24 فيتحدّث عن شخص الرب يسوع الراعي الملك، ملك المجد، الذي سيأتي ثانية ويأخذ خرافه معه الى المجد. ويختم هذا المزمور بالقول: "اِرْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ، وَارْتَفِعْنَ أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ، فَيَدْخُلَ مَلِكُ الْمَجْدِ. مَنْ هُوَ هَذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟ الرَّبُّ الْقَدِيرُ الْجَبَّارُ، الرَّبُّ الْجَبَّارُ فِي الْقِتَالِ."
يتحدّث مزمور 22 عمّا فعله المسيح لأجلنا على الصليب منذ أكثر من ألفَيْ عام، فهو يرجع بنا إلى الماضي، ويتحدّث مزمور 23 عما يفعله المسيح لأجلنا من رعاية وعناية في حياتنا في الوقت الحاضر، ويتحدّث مزمور 24 عما سيفعله المسيح لأجلنا في المستقبل.
بعض الدروس عن الرب يسوع الراعي الصالح:

أولًا، الراعي ومحبّته الباذلة

لنتأمّل قليلًا في قصة الغلام داود عندما كان يرعى الغنم وهجم الأسد والدبّ على خرافه، ماذا فعل؟ هل اختبأ خوفًا من بطشهما؟ وهل تركهما يقتلا الخراف؟ أو يخطف كلٌّ منهما خروفًا؟ كلّا، بل حاربهما وانتصر عليهما وهو يعلم مدى شراسة هذه الوحوش المفترسة، ومن يقف أمامها يعرّض نفسه للخطر، وبسبب محبّته لخرافه كاد أن يضحّي بنفسه ويموت لإنقاذها.
وفي مثل الخروف الضال، نجد صورة أخرى لمحبة الراعي لخرافه، الذي ترك التسعة والتسعين ليفتّش عن الضال حتى وجده. فالراعي المحب لقطيعه يبذل نفسه عن خرافه. إنه صورة باهتة لمحبة الراعي الصالح، الرب يسوع المسيح، التي ظهرت بأوضح بيان لها في الصليب. كم تحمّل من آلام وجراحات وعذابات من أجلنا نحن الخراف الضالة؟
إن محبّة الراعي الصالح محبّة غير محدودة وغير مشروطة للخطاة والضالين وللضعفاء. يقول المسيح عن نفسه: "أنا هو الراعي الصالح، والراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف... أَمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِح... وَأَنَا أَضَعُ نَفْسِي عَنِ الْخِرَافِ." (يوحنا 11:10–15)
لنلاحظ بعضًا من أعمال الراعي في هذه الفقرة وهي: يبذل، ويعرف، ويضع نفسه... هذه تدلّ على مدى محبة الراعي لخرافه، وهذا ما رأيناه في الصليب، كم أحبّنا نحن الخطاة الأثمة، ليخلّصنا ويفتدينا من عقاب الخطية وسلطانها ودينونتها، ويحرّرنا من عبودية إبليس وسلطانه ومن لعنة الناموس. "أيُّ حبٍّ أعظم من هذا أن يضع أحدٌ نفسَه لأجل أحبّائه." (يوحنا 13:15) هل نقدِّر محبّة المسيح لأجلنا؟

ثانيًا: الراعي وعنايته الفائقة

إن كان مزمور 22 يحدِّثنا عن الراعي الذي بذل نفسه عن الخراف، فإن مزمور 23 يحدِّثنا عن الراعي الذي يعتني بخرافه، فيبدأ بالقول على فم داود: "الرب راعيّ فلا يعوزني شيء." يهتمّ بعنايتها من كل النواحي... بطعامها وشرابها، بعلاجها ودوائها، بخروجها ودخولها، بحمايتها والدفاع عنها، إلخ... لاحظ الأفعال التي وردت في هذا المزمور: يربضني، يوردني، يردّ نفسي، يهديني، يرتِّب أمامي مائدة، إلخ... هذه الأفعال أفعال عناية، وهذه الأفعال في المضارع المستمرّ، بمعنى أنه يعتني بنا باستمرار والتي تعبِّر عن عناية الراعي الذي بذل نفسه من أجلنا "كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء؟"
كانت رسالة المسيح على الأرض، بالإضافة إلى الكرازة والتعليم، تتضمّن أعمال العناية والرعاية فاهتمّ بإشباع الجياع، وشفاء المرضى وتطهير البرص، وتعزية الحزانى، وخلاص الخطاة، وقال: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم." و"يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد." إنه لم يتغيّر... الراعي الذي يعتني بجميع احتياجاتنا الروحية فيغفر خطايانا لأنه: "يغفر جميع ذنوبك"، ويهتمّ بضعفاتنا: "يجبر المكسور ويقوّي الضعيف." وهو الراعي الذي يعتنى باحتياجاتنا الجسدية: "انظروا إلى طيور السماء إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع في مخازن وأبوكم السماوي يعتنى بها. أنتم أفضل من عصافير كثيرة."
إنه الراعي الذي يعتني باحتياجاتنا النفسية أيضًا... إنه يعالج نفوسنا المكسورة بسبب الآلام والضيقات والضغوطات "أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ".
إنه يعتني بحاجاتنا العاطفية... إنه يهتم بحمايتنا وحفظنا، يهتم بجميع احتياجاتنا كما يقول الرسول بولس: "فيملأ الهى كل احتياجاتكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع."

ثالثًا: الراعي ومجد مستقبل رعيته

يتحدَّث مزمور 24 عن الملك المنتصر الممجّد، الذي لنا رجاء المجد، فهو قد وعدنا أنه سيأتي ثانية ليأخذنا معه إلى المجد، إنه يهتمّ بمستقبل قطيعه.
إنه قد ضمن لنا الحياة الأبدية لأنه "من يؤمن بالابن له حياة أبدية."
ووعدنا بالميراث الأبدي الذي "لا يفنى ولا يتدنّس ولا يضمحل محفوظٌ في السماوات" من أجلنا.
ووعدنا أن نكون معه في المجد، قال: "حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضًا."
وعدنا بالأمجاد السماوية وبالانتصارات معه.
وعدنا أنه سيأتي ثانية لنكون معه.
كل هذا يملأنا بالأمل والرجاء والثقة واليقين والسلام والاطمئنان... إنه يجعلنا نحتقر العالم بما فيه ونتطلّع الى المدينة التي صانعها وبارئها الله.
سأل أحدهم مؤمنًا كان يقرأ في العهد الجديد: ماذا تقرأ؟
فقال المؤمن: اقرأ وصيَّة أبي.
فقال له متهكّما وماذا ترك لك أبوك؟
فأجابه المؤمن: ترك لي مئة ضعف في هذا الزمان والحياة الأبدية في الدهر الآتي.

ختامًا أقول: إن راعينا المبارك قد أحبّنا، فهل نبادله الحبّ فنحبّه كما أحبنا، ونعبِّر عن هذا الحبّ بخضوعنا له وطاعتنا لوصاياه وعبادتنا وشكرنا وتسبيحنا له؟
إن راعينا يهتم بأمورنا ويعتني بنا عناية فائقة، فهل نثق به ونتكلّ عليه؟
لقد وعدنا راعينا بمستقبلٍ مجيد، فهل لنا الأمل والرجاء فيه؟ إن راعينا الذي بذل نفسه لأجلنا يهتمّ بحاضرنا أيضًا ويضمن مستقبلنا، فهل نسلّمه دفّة حياتنا؟

المجموعة: أيلول/ سبتمبر 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

251 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10624920