الدكتورة ظريفة الياس بشّور كانت أوّل طبيبة سورية تخرّجت عام 1911 وأول رائدة سورية درست الطبّ في جامعة الينوى/ شيكاغو 1912.
وأوّل فتاة تنال شهادة الدكتوراه في الطب في الشرق عامّة، قبل الحرب العالمية الأولى يوم كانت دراسة الطبّ مقتصرة على الرجال لعدم السماح للنساء بممارسة هذه المهنة.
وُلدت الدكتورة ظريفة بشور في صافيتا عام 1885م من أبٍ وأمٍ سوريين امتازا بالتقوى والورع وبتنشئة مسيحيّة صرفة. كان جدّها موسى بشّور يجمع أولاده وعائلاتهم وأحفادهم ليقرأ عليهم يوميًّا فصلًا من الإنجيل. درست الابتدائية في المدرسة الأمريكية (البروتستانت) بصافيتا. انتقلت بعدها إلى طرابلس إلى المدرسة الأمريكية للبنات وكانت الرحلة بين صافيتا وطرابلس شاقّة حيث توجّب عليها قطع مسافة 60 كلم بين صافيتا وطرابلس على ظهر الخيل مع مرافقين لها... فكان شغفها إلى العلم ما ساعدها على تحمُّل هذة المشقة لرحلة الشتاء والصيف!
عند انتهاء دراستها الثانوية كان أخوها الدكتور بشّور بشّور قد حاز على شهادة الطبّ البشري وأخوها الثاني الدكتور أنيس بشّور قد حاز على شهادة طبّ الأسنان ذلك من الجامعة الأمريكيّة من (الينوى، شيكاغو). كان الدكتور بشّور بشّور هو الطبيب القانوني الوحيد في منطقة صافيتا المُعتمَد من السلطات التركية.
عندما نالت الشهادة النهائية التي تؤهِّلها دخول الجامعة كان أخوها الأكبر الدكتور بشّور يعالِج المرضى - في منطقة صافيتا - من الرجال والنساء وقد لاحظت أثناء مراقبتها لأخيها لدى معالجته للمرضى أن الكثير من النساء يمتنعن عن عرض أنفسهن على الأطباء الرجال. ظلّت هذه الصورة مخزونة في ذاكرتها.
حضر أخوها الدكتور بشّور إلى طرابلس لحضور حفلة تخرُّجها من المدرسة الأمريكية وفي طريق العودة إلى صافيتا، فإذا به يُدعى إلى إدارة المدرسة ليبلِّغه مدير المدرسة بأنّه (حرام عليك أن تعيد أختك إلى صافيتا فهي من المتفوّقات، لما لا تأخذها إلى أمريكا لدراسة الطبّ؟ كان ذلك كافيًا لتتعلّق الطالبة ظريفة بهذه الكلمات وخاصّة أن ذاكرتها للنساء المعذّبات في الولادة واللواتي يمتنعن عن عرض أنفسهنّ على طبيب لا تزال عالقة في ذاكرتها. وبعد أن عادت إلى صافيتا كانت فكرة دراسة الطب في أمريكا تراود مخيّلتها. ولكن كيف ستذهب إلى أمريكا؟ هل سيوافق والدها أم سيعرض عليها الزواج من أحد أنسبائها؟ وأخيرًا انتصرت على العادات حين وافق أخوها الدكتور بشّور على مرافقتها إلى أمريكا إلا أن كلمات صدرت عن والدها تقول: "يريد ألّا يراها طبيبة تعيش من عملها وهو حيٌّ يرزق. وكان ما أراد حين تحقّقت أمنيته، وتوفّى قبل يومين من عودتها إلى صافيتا بعد تخرّجها.
قبل أن تقرّر الذهاب إلى أمريكا وتتحمّل مشاق السفر لمدة شهر في الباخرة سألت أخاها: هل يُسمح لي العمل في سوريا بعد عودتي؟ كان جوابه: "عندما تحصلين على شهادتك من أمريكا يكون الأتراك قد خرجوا من سوريا." تحقّقت آمال ظريفة بنت الياس وتخرّجت طبيبة نسائية من جامعة إلينوى بشيكاغو ومارست الطبّ فى مدينة حمص ثم فى طرابلس سوريا (قبل أن يكون لبنان). إنها تنتمى إلى عائلة عريقة بالعلم والثقافة.