ليس للمسيح الذي وُلد من مريم العذراء في بيت لحم نظيرٌ أو شبيه. هو الذي قال عن نفسه: "[فبمن تشبّهونني فأساويه؟]
يقول القدوس." (إشعياء 25:40) أي أنّك إذا جئت بكل عمالقة البشر وقارنتهم بالمسيح، فلن تجد له بينهم شبيهًا أو نظيرًا.
لا شبيه له في أزليّته
البشر جميعًا لهم بداية أيام ونهاية حياة، أما المسيح مولود العذراء في بيت لحم، فقد قيل عنه: "لا بداءة أيّامٍ له ولا نهاية حياة." (عبرانيين 3:7) وشهد عن نفسه وهو الصادق الأمين: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن." (يوحنا 58:8) وفي صلاته الشفاعية قال مخاطبًا الآب: "لأنك أحببتني قبل إنشاء العالم." (يوحنا 24:17) وعنه قال يوحنا البشير: "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله." (يوحنا 1:1)
لا شبيه له في النبوات عنه
بعض الأنبياء تحدّثت النبوّة عن ميلادهم، أما المسيح مولود العذراء فهو مركز النبوّة من سفر التكوين حتى سفر الرؤيا.
قبل ميلاده بآلاف السنين دقّت أجراس النبوّة معلنةً ميلاده، ومحدّدةً لمعالم شخصيّته، ومتحدِّثةً عن كلِّ دقائق عمل فدائه. قالت النبوات عنه أنه: سيولد من عذراء (إشعياء 14:7)، وسيولد في بيت لحم (ميخا 2:5)، وأنه سيموت مثقوب اليدين والرجلين (مزمور 16:22)، وأنه سيُصلب مع المجرمين (إشعياء 9:53 و12)، وأنه سيُدفن في قبر رجلٍ غنيّ (إشعياء 9:53)، وأنه سيقوم من الأموات (مزمور 10:16)، وأنه سيصعد إلى السماء (مزمور 1:110)، وكلّ ما قالته النبوّات تمّ حرفيًّا في المسيح.
وهكذا وُلد المسيح من العذراء مريم، دون أن يمسّها بشر، ووُلد في بيت لحم اليهودية، ومات مصلوبًا، ودُفن في قبر يوسف الرامي المشير الشريف الغني، وقام بعد ثلاثة أيام، وصعد إلى السماء، فهو لا شبيه له في دقّة النبوّات التي تحدّثت عنه.
لا شبيه له في عصمته
فمسيح بيت لحم يختلف تمامًا عن غيره من البشر والأنبياء، وزعماء الأديان وقادتها، فهؤلاء بغير استثناء ينطبق عليهم القول: "الجميع زاغوا وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا ليس ولا واحد." (رومية 12:3) والذين خلصوا منهم خلّصتهم نعمة الله. أما المسيح مولود العذراء فقد جاء ليرفع خطايانا "وليس فيه خطية" (1يوحنا 4:3)، و"لم يفعل خطية" (1بطرس 22:2)، و"لم يعرف خطية." (2كورنثوس 21:5)
وقد أكّدت حياته المعصومة من الزلل أنه ليس مجرّد إنسان. غيره من الأنبياء علّم لكنه لم يعش بما علّم، أما مولود بيت لحم فقد عمل وعلّم، فتحدّث إلى الناس بنقاوة حياته، كما تحدّث بسلطان كلماته، لذلك قال عنه بطرس الرسول: "لأنكم لهذا دُعيتُم. فإن المسيح أيضًا تألّم لأجلنا، تاركًا لنا مثالًا لكي تتَّبعوا خطواته. الذي لم يفعل خطيّة، ولا وُجد في فمه مكر." (1بطرس 21:2-22) وتحدّى الفريسيّين الذين ناصبوه العداء قائلًا: "من منكم يبكّتني على خطية؟" (يوحنا 46:8)، واستُدَّت أفواههم في حضرته القدسيّة.
لا شبيه له في تأثيره
أحدث ميلاده تغييرًا في كل دوائر الحياة، فأصبح التاريخ يؤرّخ كتاباته من وقت ميلاده، وأعاد للمرأة قيمتها الحقيقيّة التي قصدها الله لها حين خلقها بعد أن تدهورت بتأثير الديانات الوثنية فأصبحت من سقط المتاع، وحوّل الموسيقى الصاخبة الماجنة المثيرة لأحطّ دوافع الإنسان إلى ترانيم شجيّة مهدّئة معزّية عذبة الألحان... منه استمدّ "هاندل" موسيقاه فعزف مقطوعته الخالدة "المسيّا"، وعند قدميه انسابت أحلى الأنغام التي ملأت قلب الإنسان بالهدوء، والبهجة، والسلام.
باسمه دخلت الرحمة إلى عالمٍ تفشّت فيه البربريّة، فبُنيت باسمه الملاجئ والمستشفيات، وأصبح "الصليب الأحمر" يقوم بخدمة جرحى الحروب.
ما من إنسان اقترب إليه وأراد التعرّف به، وقبِله مخلّصًا وربًّا لحياته إلّا وغيّر المسيح حياته... فقد غيّر حياة السامريّة التي كانت تحترق بنار النجاسة فجعل منها قدّيسة تنادي بالتوبة للهالكين، وغيّر حياة زكّا محبّ المال فأضحى خادمًا للفقراء والمِعوزين، وغيّر حياة شاول الطرسوسي المجدّف المضطهد المتعصّب المفتري، وجعل منه قدّيسًا من الخادمين.
لم يحمل في حياته سيفًا، ولم يدخل حربًا ولم يقُدْ غزوةً، ولم يطلب من أحد أن يقاتل في سبيله، ورغم أنه مات أقسى أنواع الميتات، موت الصليب، إلّا أنه أخضع بحبّه العجيب قلوب الملايين.
أعود مكرّرًا القول إنه ليس للمسيح مولود العذراء شبيهٌ أو نظيرٌ. والسؤال الشخصي الذي يجب أن تسأله لنفسك: "ماذا أفعل بيسوع الذي يُدعى المسيح؟" (متى 22:27) مكتوب عنه:
"الذي يؤمن بالابن له حياة أبدية، والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله." (يوحنا 36:3) فحدِّدْ موقفك اليوم من شخص المسيح الكريم، إن مصيرك بعد الموت وفي الأبدية يتحدَّد بناء على علاقتك الشخصيّة بالمسيح.