Voice of Preaching the Gospel

vopg

لكلمة التوبة معانٍ عِدّةً في كلمة الله وفي مَثَل الابن الضال نرى بعضًا من معانيها وبركاتها بشكل واضح.

1- التوبة تعني تغيير الفكر: كان تفكير ذلك الشاب (الابن الضال) خاطئًا عندما ظنّ أنّ الحرية هي في اتّباع أهواء القلب والابتعاد - أي الانفصال - عن أبيه المحبّ، ولكنه لم يعلم أنه خدع نفسه بسراب الشهوات وكان يجهل أنّ الغنى ليس بدائم، والأموال لا تجلب السعادة.
وبعد أن ذاق بنفسه مرارة التمرّد بدأ يفكّر التفكير الصحيح "فرجع إلى نفسه" إذ أشرق بصيصٌ من النور الإلهي في فكره وكأني أراه يقول: لماذا فعلتُ ذلك؟ أليس الغنى، والبركة والفرح في بيت أبي؟ لماذا ضياع العمر بالشقاء؟ لماذا أعيش عيشة البهائم التي تُباد؟ أليس الأُجَراء في بيت أبي في عزٍّ ونعيمٍ وأنا الأمير في ضياعٍ وضلال؟
نعم، الخطيئة مُدمّرة ومُذِلّة لنفس الإنسان، ولكن شكرًا لله لعمل نعمته المتفاضلة التي جعلته يفكّر في بيت أبيه. نعم أيها الأصدقاء، في بيت الله أبينا الغنى والنعمة، وإنّ حِصار محبّة المسيح لنفوسنا المسكينة يجعلنا نفكِّر بالرجوع إليه. ولكن كيف يتمّ تغيير الفكر؟ إن تغيُّر الفكر يتمّ عندما يشعر الشخص بالندم والتبكيت على الخطيّة بعمل الروح القدس (قارن يوحنا ٨:١٦ مع أعمال ٣٧:٢).

2- التوبة تعني تغيير الاتجاه: إنّ القرار الصحيح يأتي من حكمة سماوية يهبها الله لكل من يطلب التوبة الحقيقيّة. قال داود في أحد مزامير التوبة "... ففي السّريرة تعرِّفني حِكمةً." لقد أخطأ داود الملك وتاب ورجع للرب. فرجوعه للرب كان حكمة. بينما أخطأ شاول الملك ولم يتبْ ولم يعترف بخطاياه، بل ذهب للعرّافة وكانت هذه حماقة منه.
3- التوبة تعني الرجوع عن الطريق الرديء: لقد خُدِعت عينَيّ ذلك الشاب (الابن الضال) ببريقِ العالم الزائف، ومتعة الخطيّة والمُعاشرات الرديئة والعيش المسرف. والذي يفاقم المشكلة أن أغلب الخطاة يظنّون أنهم في الكورة البعيدة بلا رقابة ولسان حالهم هل يعلم الله؟ أو بجهل يقول واحد: "الله لا يراني." آه أيها الأصدقاء، ما أكثر المتواجدين في "الكورة البعيدة"! فهناك كورة الأفلام الإباحية، وكورة الزنى، وكورة الطمع وجمع الكنوز الأرضيّة دون تفكير في الأبدية.

نتائج التوبة

التوبة تنتج الاستفاقة والنجاة من فخِّ إبليس
كان الابن الضال ضائعًا مقتنَصًا من الشيطان حيث قدّم له العدو كلَّ تمتُّعٍ وقتيٍّ بالخطيّة ثم بدأت حياته تتدهور إلى أن وصل إلى الحضيض. لكن ما أعظم النعمة التي عملت في قلب ذلك الشاب الطائش، حيث ترك الكورة البعيدة ورجع!
نحن نستطيع أن نرى فكر (الرجوع للرب) راسخًا في الكتاب المقدس إذ تتكرّر مثل هذه العبارات "ارجِعْ إليّ لأني فديتك." (إشعياء ٢٢:٤٤) "فتوبوا وارجِعوا لتُمحى خطاياكم." (أعمال ١٩:٣) فالتوبة تلتزم ترك الطريق الرديء والأفكار السيِّئة "ليترك الشرير طريقه، ورجل الإثم أفكاره، وليتب إلى الرب فيرحمه، وإلى إلهنا لأنه يُكثر الغفران." (إشعياء ٧:٥٥)

التوبة تنتج استرجاع الكرامة المفقودة
كانت حالة ذلك المسكين تعسة للغاية وفي يأسٍ شديد عندما كان يعيش في الكورة البعيدة... حينما جاع لدرجة أنه لم يعطه أحد من خرنوب الخنازير. لقد كان ميّتًا أدبيًّا أي ميِّتًا بالذنوب والخطايا. لقد كان بائسًا وشقيًّا ومفلسًا. ولكن عند عودته لبيت أبيه حيث الشبع والفرح والكرامة، أُلبس الحلَّة الأولى ووُضع الخاتم في يده. أما المعاني الروحية فهي تعني: أنت مقبول أمام الله في برِّ المسيح الذي صنعه فوق الصليب. عزيزي القارئ، أنت ابن لله اﻵب، محفوظ في عهد أبدي... هبة الخلاص الأبدي لك، وفرح المسيح من نصيبك.

التوبة تنتج المصالحة

لقد عبّر الأب عن مسامحته الكاملة لابنه الراجع بالقبلات الحارة. إنها لغة الحب والغفران والقبول. وهذه الصورة ترينا فرح الله بعودة كلِّ ضالٍ يعود إليه، وهي أيضًا صورة رائعة لرسالة الإنجيل "تصالحوا مع الله" لأن المُصالح يسوع المسيح قد دفع ثمن المصالحة بسفك دمه الكريم على الصليب. ولكي تتمّ التوبة يجب أن تتوافر هذه العناصر:

 الإيمان بالمكتوب: "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية." (يوحنا ١٦:٣) لقد آمن الابن الضال بأن أبيه سيقبله ويرحمه وآمن أيضًا بأن قلب أبيه مملوء بالمحبة الغافرة وإنه سيعامله بالنعمة التي لا يستحقها ولن يعامله بالقانون الأبوي أي العقاب، وهذا ينطبق على محبة الله الآب الذي يجذب الخطاة نحو ابنه يسوع المسيح لينالوا تطهيرًا للخطايا.

 التذلّل والقلب المنكسر: بدون تواضع لا توجد توبة، الشيطان لا يعرف التوبة لأن صفة الكبرياء متأصّلة فيه، فلا نُريد أيًّا منا أن يتمثّل بالكبرياء لئلا تفوته فرصة التوبة، ونحن نعلم أن أهل نينوى ومعهم الملك تواضعوا دلالة على التوبة... وفي هذا المثل اعتراف الابن الضال: "أخطأت إلى السماء وقُدّامك... اجعلني كأحدِ أجراك" دليل على التواضع. قال الابن الضال: "لست مستحقًا بعد أن أُدعى لك ابنًا..." فهذا دليل على القلب المنكسر! جميع الخطأة الذين خلّصهم ولا يزال يخلّصهم ربنا يسوع على مرّ العصور، جميعهم يشتركون بأنه كان لهم قلبٌ منكسرٌ لأن روح الله بكّتهم على خطاياهم ورقّ قلبهم وتواضعوا أمام الله. "ذبائح الله هي روح منكسرةٌ. القلب المُنكسر والمُنسحق يا اَلله لا تحتقره." (مزمور ١٧:٥١)

بركات التوبة في هذا المثل:
1. التمتّع بغنى رحمة الله: "رآه أبوه فتحنَّن..."
2. التمتع بغنى محبة الله: "وقع على عنقه وقبَّله"
3. التمتع بغنى مجد المسيح ونعمة التبرير: "أخرِجوا الحلَّة الأولى."
4. المُقام الجديد ابنٌ لله الآب ويتمتّع بغنى مجد الميراث! "واجعلوا خاتَمًا في يده."
5. الكرامة: "وحذاءً في رجليه."
6. التمتّع بالشبع الحقيقي بخيرات بيت الآب: "وقدّموا العجل المسمَّن."
7. التمتّع بفرح الخلاص: "صوت آلات طربٍ"
8. ومن بركات التوبة، التطهير (الغسل) وهذا يتمّ بعمل الرب نفسه بالروح القدس "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل، حتى يغفر لنا خطايانا ويطهِّرنا من كل إثم." (١يوحنا ٩:١)

أخيرًا، أقول لك يا صديقي: إن الله قد يستخدم في حياتنا الظروف الصعبة ويُضيّق علينا لكي نرجع له فنكتشف محبته التي كانت مخفيّة عن عيوننا بسبب تيهان أنفسنا في عالم الضياع وزيغان قلوبنا وراء الأباطيل. إن التوبة تحتاج الى قرارٍ حاسمٍ: "أقوم وأرجع إلى أبي." ربما هناك واحد من القراء في حالة مثل الابن الضال،
أريد أن أقول لك يا عزيزي:
"يسوع بانتظارك، وقلبه يشتاق لخلاصك. الرب يقبلك مهما كانت خطاياك" فإنه "يقبل خطاةً..." (لوقا ٢:١٥) يا له من محبٍّ يجذب الخطاة لكي يُخلّصهم! عندما اقرأ مثل الابن الضال أستطيع أن أسمع قرعات محبة يسوع على قلبي وقلب كل خاطئ: "من يقبل إليّ لا أُخرجه خارجًا."

المجموعة: حزيران (يونيو) 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

147 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578781