Voice of Preaching the Gospel

vopg

لا بدّ من الحديث عن الملكوت الذي لا يتزعزع في وسط عالمنا الذي يتزعزعُ بعد ما شاهدنا الدمار الهائل

من جرّاء الزلزال الكبير الذي حصل في تركيا وسوريا. يخبرنا النبي إشعياء في الفصل 54 والعدد العاشر بما يلي: "فإنَّ الجبالَ تزول، والآكامَ تتزعزعُ، أمَّا إحساني فلا يزولُ عنكِ، وعهدُ سلامي لا يتزعزع، قال راحمُكِ الرب."
ونقرأ أيضًا في سفر العبرانيين والفصل 12 ما يلي: "انظروا أن لا تستعفوا من المتكلِّم. لأنَّه إنْ كان أولئك لم ينجُوا إذِ استَعْفَوْا من المتكلِّم على الأرض، فبالأولى جدًّا لا ننجو نحن المرتدّين عن الذي من السماء! الذي صوته زعزع الأرض حينئذٍ، وأما الآن فقد وعد قائلًا: [إنيِّ مرةً أيضًا أزلزل لا الأرضَ فقط بل السماءَ أيضًا.] فقوله [مرة أيضًا] يدلّ على تغيير الأشياء المتزعزعة كمصنوعةٍ، لكي تبقى التي لا تتزعزع. لذلك ونحن قابلون ملكوتًا لا يتزعزع ليكنْ عندَنا شكرٌ به نخدمُ الله خدمةً مرضيَّةً، بخشوعٍ وتقوى. لأنَّ [إلهنا نارٌ آكلة.]" (25-29)

1- زلزالٌ ووباءٌ وفناءْ
يقول هنا الكاتب انظروا أن لا تستعفوا ويعطي مثلًا عن الذين استعفوا (أي الذين استهانوا) بكلمات النبي موسى في القديم أي (بالناموس)، فحدثت زلزلةٌ في الأرض ولم يَنجوا، ومات منهم في ذلك اليوم نحوُ 3000 نفْس. ونحن اليوم كم شاهدنا في السنين التي مضت أشياء فظيعة جدًا تحصل أمام أعيننا كالزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مؤخرًا، وكذا وبأ الكورونا القاتل. ورأينا واقع هذا الكون المأساوي من حولنا وكيف أنَّه معرَّضٌ للهلاك والفناء! وكيف تغيَّرتْ هيئة هذا العالم من حولنا حتى سادَ الخوف والرعب في زمن الكورونا، وبالرغم من بعض المتفائلين الذين قالوا إنَّها وقتية وهي إلى حين! لكنَّ الفيروس المؤقت هذا، حصد أكثر من 20 مليون شخص حول العالم في الثلاث سنوات الأخيرة. وحين ترى صور الزلزال الأخير وأعمالَ الإنقاذ جارية وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، لا تستطيع إلا أن تتأثّر وتذرفَ الدموع. خذ مثلًا منظرَ الطفلة التي ماتت أمها بعدَ أن ولدَتْها وكيف سَحبوها من تحت الركام! وكذا العائلة التي وُجدت بأكملها حيةً تحت الأرض بعد مضي 100 ساعة على الحدَث الفظيع! وقيل في الأسابيع الأولى للزلزال بإنَّ عدد القتلى المعلن عنه قد بلغ 30 ألف شخص، لكنه لم يكن دقيقًا بالطبع. لأنه كان يمثّل عدد الجثث فقط ولا يضمّ آلاف المفقودين. وبالتالي فإن العدد النهائي تجاوز50 ألف شخص في تركيا وسوريا. فالزلزال الأول الذي ضرب المنطقة كان بقوة (7,8) على مقياس ريختر ودام مدة ثلاثين ثانية، أما الثاني الذي لحِق به فهو (7،6) هذا بالإضافة إلى الهزّات الارتداديّة التي تبِعَتْ فيما بعد. ويقدَّر أنَّ هناك ما يفوقُ 24 مليون شخص تضرَّروا، ومئات الآلاف ممَّن خسِروا بيوتهم وكلَّ مالهم. نعم، شيء لا يمكن أن يدركه العقل من ناحية الأرقام. لكن بالنسبة لنا كمؤمنين، لا يمكننا إلَّا أن نشعر مع الناس ونبكي في داخلنا ونمدّ يد المساعدة والرحمة لهم بقدر ما نستطيع. إنَّ كل ما يحصل أمام ناظرينا لا بدَّ أن يذكِّرنا أحبائي بأننا نعيش في عالم غير ثابت، عالم متزعزع. فإذا كنت تضع آمالك في عالمٍ متزعزع فإنَّك تضع ثقلك وحياتك ووقتك في بنكٍ سُرعان ما ينهارُ ويفلِس. لذا ثبِّت عينيكَ على الملكوت الذي لا يتزعزع.
ترى لماذا يتسارع الناس في مجيئهم إلى أميركا؟ أليس لأن لا شيءَ ثابتٌ في بلادنا؟ لكن هل تُرى أميركا ثابتة؟ اقرأ ماذا يحدُث لبابل العظيمة في سفر الرؤيا (18) التي سقطت. هل تراه يتكلّم هنا عن بابل العراق؟ أم بابل هنا! أميركا؟! أليست كل دول العالم مرتبطة بتجارتها؟ ألا تمسك بابل العظيمة بكلّ العالم؟ نعم، إنها ههنا في سوق الأرصدة المتقلّب (Wall Street) في نيويورك. اسمع ماذا يقول الرسول بطرس في رسالته الثانية (9:3–13) "لا يتباطأُ الربُّ عن وعده كما يحسِب قومٌ التباطؤ، لكنَّه يتأنَّى علينا، وهو لا يشاءُ أن يهلِكَ أناسٌ، بل أن يُقبل الجميعُ إلى التوبة. ولكن سيأتي كلصٍّ في الليل، يومُ الرب، الذي فيه تزول السماوات بضجيج، وتنحلُّ العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها. فبما أنَّ هذه كلَّها تنحلُّ، أيَّ أناسٍ يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدَّسةٍ وتقوى؟ منتظرين وطالبين سرعةَ مجيء يوم الرب، الذي به تنحل السماوات ملتهبةً، والعناصر محترقة تذوب. ولكنَّنا بحسب وعده ننتظر سماواتٍ جديدةً، وأرضًا جديدة، يسكُن فيها البِرّ." اجل، فكلّ شيء يتغيَّر وكلّ شيءٍ يتزعزع من حولنا، لكن تذكَّر أن تجعل قلبَك والتزامك بالملكوت الذي لا يتزعزع وبالملِك الذي إحسانُه وعهد سلامه لا يزول. فلا تمنح ولاءك لأيِّ شخصٍ آخر.
أنا لا أريد أن أدخل هنا في الأزمنة والأوقات "كيف" و "متى" ولكن لا شكّ حين نرى ما يحدث في عالمنا علينا أن ننتبه ونفتح أعيننا. لندرك ما قاله الرسول بطرس هنا، وكذلك الرب يسوع في متى 24 وفي أماكن أخرى بأنَّ الصيف قريب. وأن َّنهاية كل شيء قد اقتربت. قال يسوع: "سوف تسمعون بحروبٍ وأخبارِ حروبٍ. انظروا، لا ترتاعوا. لأنه لا بدَّ أن تكون هذه كلُّها، ولكن ليس المنتهى بعد. لأنَّه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة، وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن. ولكن هذه كلّها مبتدأ الأوجاع." (6:24-8) إنه يشجّعنا ويقول: "لا ترتاعوا." لماذا؟ لأنَّ لديك أيها المؤمن حصانةً خاصّة، ورجاؤك ليس هو في هذا العالم بل في هذا المخلِّص الذي يملِكُ الكونَ بأسره. وهذا بالطبع، لا يعني أنَّه لن يكون هناك آلام! ويقول: "تقوم أمة على أمة..." انظر من حولك حالَ الدول في العالم اليوم، الصين وتايوان، الهند والسند (باكستان) وآذربيجان وأرمينيا، أما الشرق الأوسط فحدِّث ولا حَرَج. لا أحدَ من الدول يحبُّ الدولة المجاورة له! انظر إلى أوروبا والحرب القائمة الآن بين روسيا وأوكرانيا! وهي في الحقيقة بين الاتحاد الأوروبي وأميركا من جهة، وروسيا من جهة أخرى!
ثم نقرأ في لوقا ما يقوله الروح القدس عن زلازل عظيمة، وهذه تكون فوق 7 درجات على مقياس ريختر. وحين أُجريَ مسْحٌ عن عدد الزلازل وقوَّتها في الأعوام الماضية، تبيَّن أنَّها أصبحت أكثرَ قوةً وأكثرَ نسبةً من السنين التي سبقتها. ثم ماذا عن المجاعات في العالم؟ لقد حصل تقدُّم من هذه الناحية حتى العام 2017، وفجأةً ظهر فيروس الكورونا فازداد عدد الجياع في العالم (أي الذين يتناولون وجبة غذائية واحدة في اليوم) حتى فاقَ المليار في أوّل سنةٍ للوبأ. وتأثر الوضعُ الاقتصادي العالمي بالطبع. ثم أتت حرب أوكرانيا في السنة الماضية وبرزت مشكلةُ القمح فَعُدنا عشرات السنين إلى الوراء خلالَ وقت قصير. والمأساة الحقيقية هي أنَّ الإنسان مضطرب (ومتلخبط) لأننا نراه يزيد من ميزانية التسلُّح حتى وصلت هنا في أميركا إلى 792 مليار دولار في السنة. ولو أعطت الحكومة 1% فقط من هذه الميزانية أي 7،9 مليار لاستطاعت أميركا وحدها القضاء على مشكلة الجوع في العالم. وعليه وبدل أن يحلَّ الإنسان مشكلة المجاعة نراه يدمّر نفسه بنفسه. لذا فهو بحاجة ماسة إلى نعمة الله لتخلِّصه من هذا الوضع المزري.
وفي رؤيا 16 يتحدّث يوحنا الرسول عن زلزلة أخيرة عظيمة وشيكة الوقوع فيقول: "فحدثتْ أصواتٌ ورعودٌ وبروقٌ. وحدثت زلزلةٌ عظيمة، لم يحدُثْ مثلها منذ صار الناس على الأرض، زلزلة بمقدارها عظيمةٌ هكذا. وصارت المدينة العظيمة ثلاثةَ أقسامٍ، ومدن الأمم سقطتْ، وبابل العظيمة ذُكرَتْ أمام الله ليعطيَها كأسَ خمرِ سخَطِ غضبه. وكلُّ جزيرة هربت، وجبالٌ لم توجَدْ." (18-20) وأنا أعتقد أن هذه الزلزلة ستحدث هنا في أميركا. أين؟ في سوق الأرصدة المتأرجح. وكلّنا يعلم ماذا يحصل كلّما سقط الدولار، إذ تعلو الصرخة من كل جانب! أليس كذلك؟ فكل شيء متوقِّفٌ عليه. لماذا؟ لأن العالم كلّه قائم على الاقتصاد المشترك بين الدول. لذا يا أخي فأنت مسكين إذا وضعت آمالك بهذا الملكوت المتزعزع. لذا يقول بطرس: "إنما نهاية كل شيءٍ قد اقتربت، فتعقَّلوا واصْحُوا للصلوات." (1بطرس 7:4) ويتكلّم هنا عن الأيام الأخيرة. ماذا يعني حين قال "تعقّلوا"؟ أي تعقَّلوا في زمن الجنون، لأنّه لا يوجد منطق. كمثَل الأستاذ الذي كان يتلو على التلاميذ بأنَّ 1 كيلومتر يساوي 1000 متر، وأن 1 كيلوغرام يساوي 1000 غرام وهكذا... فسأله أحد الطلاب: وهل يعني هذا أنَّ 1 كيلو من الموز يساوي 1000 موزة؟! بالطبع هذا منطق خاطئ... وهذا ما يحدث في عالمنا اليوم لأنه فعلًا فُقدَ المنطق... لذا "احسبها صح" على أساس كلمة الله. كيف؟ يقول "طهّروا نفوسكم في طاعة الحقّ بالروح للمحبة الأخويّة العديمة الرياء، فأحبُّوا بعضُكم بعضًا من قلبٍ طاهرٍ بشدّة." (1بط 22:1) أي، علينا بادئ ذي بدء أن نتطهَّر - أي، نأتي إلى الرب تائبين. وثانيًا أن نصحوا للصلوات، وثالثًا وفوق كل شيء أن نحبَّ بعضنُا بعضًا من قلبٍ طاهر بشِدَّة. لماذا؟ لأنَّ المحبة تسترُ كثرةً من الخطايا. على فكرة، الخطايا هنا تعني الهفوات أو الأخطاء وليست الخطايا الأدبية أو التعدّي. إذ يختلف واحدنا عن الآخر. فلنقبلْ بعضُنا بعضًا وإلَّا فإنك ستخرّب زواجك وعائلتك وكنيستك إذا اتَّخَذْت موقف الباحث عن الأغلاط Faults finder فحذارِ من هذا التصرُّف! بل تصرَّف كالأم التي تحبُّ أولادها وتدافع عنهم وتستِّر عليهم. - يتبع في العدد القادم

المجموعة: حزيران (يونيو) 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

241 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10629900