Voice of Preaching the Gospel

vopg

التعفّف أو ضبط النفس، هو القدرة على امتلاك النفس وكبح الرغبات الشخصية المضادّة لإرادة الله

كما يقول الرسول بولس: "بل أقمعُ جسدي وأستعبدُه..." (1كورنثوس 27:9). وضبط النفس، كما يقول أفلاطون، هو السيادة على النفس وضبطها في الروح التي تحكّمت في رغباتها وفي حبّها للملذّات؛ ويصفه الرسول بولس بالجهاد فيقول: "وكلّ من يجاهد يضبط نفسَه في كلِّ شيء." (1كورنثوس 25:9) والرسول بطرس يربطه بالإيمان فيقول: "... قدِّموا فِي إيمانكمْ فضيلةً، وفي الفضيلة معرفةً، وفي المعرفة تعفُّفًا، وفي التَّعفُّف صبرًا..." (2بطرس 5:1–8). نحتاج إلى ضبط النفس في جوانب كثيرة من حياتنا، وخاصة من جهة ضبط اللسان، لماذا؟

أولًا: لخطورة اللسان
كشف الرب يسوع المسيح هذه الحقيقة عندما قال: "فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. الإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْبِ يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ... لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ." (متى 34:12–37)
يقول الحكيم: "الملتوي القلب لا يجد خيرًا، والمتقلّب اللسان يقع في السوء." (أمثال 20:17) "الموت والحياة في يد اللسان..." (أمثال 21:18)
وشرح الرسول يعقوب هذه الحقيقة بهذه الآيات: "لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا. إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْثُرُ فِي الْكَلاَمِ فَذَاكَ رَجُلٌ كَامِلٌ، قَادِرٌ أَنْ يُلْجِمَ كُلَّ الْجَسَدِ أَيْضًا. هُوَذَا الْخَيْلُ، نَضَعُ اللُّجُمَ فِي أَفْوَاهِهَا لِكَيْ تُطَاوِعَنَا، فَنُدِيرَ جِسْمَهَا كُلَّهُ. هُوَذَا السُّفُنُ أَيْضًا، وَهِيَ عَظِيمَةٌ بِهَذَا الْمِقْدَارِ، وَتَسُوقُهَا رِيَاحٌ عَاصِفَةٌ، تُدِيرُهَا دَفَّةٌ صَغِيرَةٌ جِدًّا إِلَى حَيْثُمَا شَاءَ قَصْدُ الْمُدِيرِ. هَكَذَا اللِّسَانُ أَيْضًا، هُوَ عُضْوٌ صَغِيرٌ وَيَفْتَخِرُ مُتَعَظِّمًا. هُوَذَا نَارٌ قَلِيلَةٌ، أَيَّ وُقُودٍ تُحْرِقُ؟" (يعقوب 2:3–5)
استطاع الإنسان أن يسيطر على الكثير من المخلوقات والوحوش، فروّضها واستخدمها ولكنه عجز عن السيطرة على لسانه. ويتابع الرسول قائلاً: "لأَنَّ كُلَّ طَبْعٍ لِلْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ وَالزَّحَّافَاتِ وَالْبَحْرِيَّاتِ يُذَلَّلُ، وَقَدْ تَذَلَّلَ لِلطَّبْعِ الْبَشَرِيِّ. وأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلوٌّ سُمًّا مُمِيتًا." (يعقوب 7:3–8)
اللسان عضو صغير لكنّ تأثيره عظيم. "الموت والحياة في يد اللسان." (أمثال 21:18)
يحذّرنا الرسول يعقوب من اللسان المتلوّن: "به نبارك الله الآب، وبه نلعن الناس الذين قد تكوَّنوا على شبه الله. من الفم الواحد تخرج بركة ولعنة! لا يصلح يا إخوتي أن تكون هذه الأمور هكذا!" (يعقوب 9:3–10)
نحتاج أن يكون كلامنا للبركة والبنيان والتشجيع والتعزية للآخرين. "لأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُحِبَّ الْحَيَاةَ وَيَرَى أَيَّامًا صَالِحَةً، فَلْيَكْفُفْ لِسَانَهُ عَنِ الشَّرِّ وَشَفَتَيْهِ أَنْ تَتَكَلَّمَا بِالْمَكْرِ، لِيُعْرِضْ عَنِ الشَّرِّ وَيَصْنَعِ الْخَيْرَ، لِيَطْلُبِ السَّلاَمَ وَيَجِدَّ فِي أَثَرِهِ." (1بطرس 10:3-11)

ثانياً: لكثرة أمراض اللسان

1- الثرثرة، كثرة الكلام: "كثرة الكلام لا تخلو من معصية، أما الضابط شفتيه فعاقل." (أمثال 19:10) ويحذّرنا الكتاب أيضًا من كثرة الكلام حتى في مخاطبة الله... الأمر الذي يجب الانتباه إليه فنقرأ: "لا تستعجل فمك ولا يسرع قلبك إلى نطق كلامٍ قدَّام الله، لأن الله في السماوات وأنت على الأرض، فلذلك لتكن كلماتك قليلة." (جامعة 1:5-2)

2- الكلام البطّال: "ولكن أقول لكم: إن كلّ كلمةٍ بطّالةٍ يتكلَّم بها الناس سوف يُعْطون عنها حسابًا يوم الدين." (متى 36:12) والكلمة البطالة هي كل كلمة فارغة، لا تبني.

3- النميمة، كلام الوشاية: "لا تسعَ في الوشاية بين شعبك." (لاويّين 16:19) والنمّام هو عميل إبليس، ونتحذّر لا من شرّ النميمة فحسب بل من قبولها من الآخرين: "كلامُ النمّام مثلُ لُقَمٍ حُلوةٍ وهو ينزل إلى مخادع البطن." (أمثال 8:18)

4– الكذب: يقول السيد المسيح: "بل ليكن كلامُكُم: نعم نعم، لَا لَا. وما زاد على ذلك فهو من الشرير." (متى 37:5)
في أمثال 16:6–19 يذكر سبعة أشياء يبغضها الله هي: "هَذِهِ السِّتَّةُ يُبْغِضُهَا الرَّبُّ، وَسَبْعَةٌ هِيَ مَكْرُهَةُ نَفْسِهِ: عُيُونٌ مُتَعَالِيَةٌ، لِسَانٌ كَاذِبٌ، أَيْدٍ سَافِكَةٌ دَمًا بَرِيئًا، قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَارًا رَدِيئَةً، أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ الْجَرَيَانِ إِلَى السُّوءِ، شَاهِدُ زُورٍ يَفُوهُ بِالأَكَاذِيبِ، وَزَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ." من ضمن هذه السبعة التي يبغضها الله ثلاثة مرتبطة باللسان: لسان كاذب، وشاهد زور يفوه بالأكاذيب، وزارع خصومات بين إخوة. واثنتان من الثلاثة ترتبطان بالكذب.
فيقول: "كراهة الرب شفتا كذبٍ، أما العاملون بالصدق فرضاه." (أمثال 22:12) ويساوى الرب دينونة الكذب بدينونة كبائر الخطايا: "أَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي." (رؤيا 8:21)

5- التملُّق: "يَتَكَلَّمُونَ بِالْكَذِبِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ صَاحِبِهِ، بِشِفَاهٍ مَلِقَةٍ، بِقَلْبٍ فَقَلْبٍ يَتَكَلَّمُونَ. يَقْطَعُ الرَّبُّ جَمِيعَ الشِّفَاهِ الْمَلِقَةِ وَاللِّسَانَ الْمُتَكَلِّمَ بِالْعَظَائِمِ." (مزمور 2:12–3) التملُّق هو النفاق والمجاملة الكاذبة والإطراء الذي في غير محلّه.
"... والفم الملق يعدُّ خرابًا." (أمثال 28:26)
"الرجل الذي يطري صاحبه يُبْسِطُ شبكةً لرجلَيْهِ." (أمثال 5:29)

6- التسرُّع في الكلام: "أرأيتَ إنسانًا عجولًا في كلامه؟ الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء به." (أمثال 20:29) وما أكثر أمراض اللسان بل أقول خطايا اللسان!

ثالثًا: ضبط اللسان وعلاجه
قال الحكماء إن الله أعطانا أذنين ولسانًا واحدًا... أي لنسمع ضعفَيْ ما نتكلّم. وقالوا: إنه وضع الأذنين خارج الجسم ووضع اللسان خلف بوابتين، هما بوابة الفكّين وبوابة الشفتين، لكي يفكّر قبل أن يتكلّم. لذلك قال المرنِّم: "قلتُ: أتَحَفَّظ لسبيلي من الخطإ بلساني، أحْفَظُ لفمي كِمامَةً فيما الشرير مقابلي." (مزمور 1:39)
وعلاج اللسان هو في علاج القلب لأن "الإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْبِ يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ." (متى 35:12) وعندما يمتلئ القلب بالروح القدس يمتلئُ الفم بكلام النعمة والبنيان لأن ثمر الروح تعفُّف.
قبل أن ننطق بكلمة نسأل أنفسنا: هل كلامي ضروري؟ هل هو صادق؟ وهل يبني؟
"لا تخرج كلمة رديَّةٌ من أفواهكم، بل كلُّ ما كان صالحًا للبنيان، حسب الحاجة، كي يعطي نعمةً للسامعين." (أفسس 29:4)
هل يمجِّد كلامي الله؟
لقد خلق الله اللسان لتمجيده! "فإن كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا، فافعلوا كل شيء لمجد الله." (1كورنثوس 31:10)
وأختم بهذه الأقوال الحكيمة:
"من يحفظ فمه ولسانه، يحفظ من الضيقات نفسه، (أمثال 23:21)
"لتكن أقوال فمي وفكر قلبي مرضيةً أمامك يا رب، صخرتي ووليِّي." (مزمور 14:19)

المجموعة: حزيران (يونيو) 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

296 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576996