حينما تحسّ أنّك أثقل مما يجب، أو حينما تحسّ وكأن ثقل الحياة قد تكوَّم على رأسك، فهل تنحني على ركبتيك، وتكلّم الله في المسيح بكلمات الشكر والممنونية؟
أرجو ألاّ تخطئ، فأنا أقصد أن تشكر لا أن تشكو! الشكر وليس إلاّ... لا طلبات، ولا اعترافات، ولا توسّلات بل تشكّرات على تشكّرات فقط... تشكّرات على مراحمه... تتبعها بتشكّرات أخرى على إحساناته، وتختمها بتشكّرات على بركاته.
إذا خارت نفسي روحيًّا، وتولاّها الاكتئاب، وأخذت مكاني الواطئ المنخفض أمام الله، وُجِب عليّ أن أكون أمينًا بيني وبين نفسي لأني دخلت في تعامل إلهي. ولا داعي للتظاهر بما ليس فيّ، لأني أمام الله فليكن شعوري كما أشعر حقيقة، ولأَكُنْ كما أنا بحقيقتي، بغضّ النظر عن ظروفي فلتكن ظروفي كما تكون، وعندئذ سأجد الكثير لأشكر الله عليه...
وإن فرض أني لم أجد شيئًا، فلأشكره لأنه أنقذ نفسي من الجحيم...
ولأشكره لأنه احتمل الكثير من الخطاة أمثالي...
ولأشكره لأنه أرسل إليّ الإنجيل المبارك بأخباره الطيبة...
ولأشكره لأنه استمرّ بإلحاحه على آذاني برسالته الحبيّة...
ولأشكره لأنه لم يتركني بعد أن أظهرت له الرفض عدة مرات...
ولأشكره على صبره على خشونتي المتكرّرة...
ولأشكره على عطيته بأن صيّرني بنعمته غنيًّا عن غنى العالم...
ولأشكره لأني محبوب عنده ومقبول في المسيح.
وإذ أسترسل في هذا التيار الجميل ربما لساعة ولربما لساعات، سأجد نفسي أمام عدد من البركات أكثر من رمل البحر إذا حاولت تعدادها، بركات ومراحم في الطفولة... ومراحم في الشباب... ومراحم في السنين كلها... مراحم زمنية... ومراحم روحية... ومراحم معزّية... ومراحم من كل صنف ومن كل نوع أحتاج إلى الأبدية لكي أحصيها تمامًا... وإذ أستمرّ أيضًا في تتبّع هذه السجلات الحافلة، وأستمرّ في التشكرات والتشكّرات، ماذا يحدث؟ إن السحابة المظلمة تخفّ ظلمتها تدريجيًّا حتى تنقشع تمامًا، ويبدأ القلب يتذوّق طعم السرور الإلهي، بل وأكثر من هذا، لا يُستَبْعَد أن أصرخ إلى نفسي معاتبًا:
"لماذا أنتِ منحنية يا نفسي؟ ولماذا تئنّين فيّ؟ ترجَّيِ الله، لأني بعد أحمده، خلاص وجهي وإلهي." (مزمور 5:43)
فهل جرّبت هذا العلاج؟ إنه دوائي الذي لا يخيّب أبدًا عندما يتثقّل قلبي بالهموم.