إن المؤمن الحقيقي يخاف الله، أي يهابه ويخدمه، لأن الله مهوب في شخصه.
فأمامه تغطّي الملائكة وجوهها وأرجلها، ولكن المؤمن يخاف الله أكثر منها من أجل شخصه وصلاحه. والمؤسف هو أن الكثيرين ممن يتمتّعون بالبركات الإلهية يتعلّقون بها أكثر من الله، وهذا يقودهم إلى السبات الروحي، والرضا عن الذات، ويجعلهم يتصوّرون أنهم سيواصلون نجاحهم إلى الأبد، ولا يفكّرون في شخص ذاك الذي هو نبع كلّ خير، والذي منه تأتي كلُّ البركات.
وهناك من يختبرون صلاح الله وإحسانه لهم، فيقعون في خطية الكبرياء واحتقار الآخرين... نظير فرعون الذي عندما أحسّ بثبات عرشه، واستقرار ملكه، وتدفّق مياه النيل المحمَّلة بالطمي المُخصِبة للأرض، هذا دفعه إلى الكبرياء، فتحدّى الله قائلاً: "من هو الرب حتى أسمع لقوله ... ؟" (خروج 2:5)
وكم من إنسان غنيّ وضع ثقته في غناه، ثم تطاول على الله، ولم يعلم أن نجاحه مؤقّت، ولو دام لعدة سنوات... فلم يخطر على باله أن الشرّ قد يصيبه، وظلّ يحاول أن يرتقي برج الكبرياء للوصول إلى السماء.
والمؤسف، أنه حتى بين المؤمنين الحقيقيّين الذين قلوبهم كاملة أمام الله، نلاحظ أن تعلّقهم بعطايا الرب لم يقدهم إلى النموّ في النعمة أو إلى نتائج طيّبة. فحزقيّا الملك التقيّ، أعطاه الله غنى، لكنه، مع الأسف، تفاخر وتكبَّر بسبب غناه. فبدلاً من أن يُكرم إلهه أمام أولئك الذين أتوا لتهنئته بالشفاء، ابتدأ يتعظَّم... وهكذا نتيجة لكبرياء قلبه، وبَّخه الله توبيخًا صارمًا.
فحتى البشر الصالحين لا يمكنهم دائمًا أن يحملوا كأس النجاح الممتلئة إلى حافتها دون أن ينسكب شيء منها على الأرض. وأصحاب القلوب الصالحة لم يستطيعوا أن يتمتّعوا بالثبات اللازم وهم على جناح هيكل النجاح والكرامة.
إن صلاح الله نحونا يجب أن يدفعنا إلى مخافة الله، فلا نرفع أنفسنا بل نتواضع أمامه. لأن إحسانات الله لنا يجب أن تقودنا إلى الصحو الروحي، والإحساس بمسؤوليتنا أمام الله. ليتنا نتعلّم كيف نقدِّر إحسان الله وصلاحه من نحونا، فنتّضع أمامه، ونقدِّم له الشكر، ونخافه، ونهابه تقديرًا لحسن صنيعه معنا.