زارع الخوف والكآبة والغضب هو الشيطان... ولكي نتحرّر من الكآبة – وهي مرض يصيب الكثيرين
في شيخوختهم – والخوف والغضب لا بدّ أن نعرف أولاً أسلوب الشيطان في زرع هذه المشاعر والانفعالات في حياة المؤمن.
يقدّم لنا العهد الجديد صورة كاملة عن أساليب الشيطان وأوّل ما يفعله هو أنه يطلب مكانًا في حياة المؤمن. "لا تغرب الشمس على غيظكم، ولا تعطوا إبليس مكانًا." (أفسس 26:4-27) فحين تغرب الشمس، والمؤمن محتفظ بغيظه، فإنه يفسح المجال لإيجاد مكان لإبليس.
بعد أن يجد الشيطان مكانًا في حياة المؤمن يحوّله إلى حصن لنفسه يتحصّن فيه ويعذّب المؤمن بسهامه الملتهبة التي يقذفها منه "لأننا وإن كنا نسلك في الجسد، لسنا حسب الجسد نحارب. إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون." (2كورنثوس 3:10-4)
والشيطان يعمل جاهدًا على بناء حصون لنفسه في قلب المؤمن. فالمؤمن الذي ينحرف إلى النجاسات، والعلاقات غير المشروعة يعطي إبليس مكانًا، وفي هذا المكان يبني الشيطان لنفسه حصونًا... والحصن هو فكرة تتسلّط على العقل تضادّ تمامًا كلمة الله... الحصن هو الأفكار المتسلّطة المضادّة لله ولكلمته.
وهناك مؤمنون امتلأت عقولهم بالظنون، وأحيانًا بالأفكار الخاطئة عن الله ومعاملاته بسبب وجود حصون للشيطان في قلوبهم... وهناك مؤمنون امتلأت أذهانهم بالأفكار الجنسية النجسة.
وهناك أسلوب آخر يستخدمه الشيطان لإسقاط المؤمن هو المكايد، "لكي تقدروا أن تثبتوا ضدّ مكايد إبليس." (أفسس 11:6) فالشيطان يدبّر مع جنوده المكايد والمؤامرات لإسقاط المؤمن.
وأسلوب آخر يستخدمه الشيطان مع المؤمن هو المصارعة: "فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات." (أفسس 12:6)
وأسلوب آخر يستخدمه الشيطان هو مهاجمة المؤمن في "اليوم الشرير"... يوم يدخل المؤمن في فاجعة أو كارثة...
جاء اليوم الشرير في حياة أيوب حين فقد جميع ممتلكاته وأولاده... وحين ضربه الشيطان بقرح رديء من باطن قدمه إلى هامته... وعندئذ استخدم الشيطان امرأته فقالت له: "أنت متمسّك بعد بكمالك، إِلعَنْ الله ومُتْ." (أيوب 9:2)
وأخيرًا يستخدم الشيطان سهامه الملتهبة، "حاملين فوق الكلّ ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تُطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة." (أفسس 16:6 اقرأ تكوين 23:49)
حين يجد الشيطان لنفسه مكانًا ويبني حصنًا في قلب المؤمن عن طريق أساليبه... عندئذ يملأ حياة المؤمن بالكآبة، والخوف، والغضب، والمرارة والظنون الرديّة. أما الخطوات التي تقود المؤمن إلى التحرّر منها جميعًا فهي:
1- اعترف للرب بخطيتك... اعترف له بخطية المرارة أو بأي خطية متسلّطة عليك.
2- اطلب منه أن يطهّرك بدم الرب يسوع المسيح. "ودم يسوع المسيح ابنه يطهّرنا من كل خطيّة." (1يوحنا 7:1)
3- اطلب من الرب أن يعيد لسيادته الأماكن التي اقتنصها إبليس "فيستفيقوا منْ فخّ إبليس إذ قد اقتنصهم لإرادته." (2تي 26:2)
4- استخدم سلاح الله الكامل "إذ أسلحة محاربتنا ليست جسدية، بل قادرة بالله على هدم حصون." (2كورنثوس 4:10) وسلاح الله الكامل هو سلاح دفاعي وسلاح هجومي وهو مكوّن من الأجزاء الآتية:
أ- منطقة الحق (أفسس 14:6) لضمان الثبات.
ب- درع البر (أفسس 14:6) لحماية القلب.
ج- حذاء استعداد إنجيل السلام (أفسس 15:6) للخدمة، وانتظار عودة المسيح.
د- ترس الإيمان (أفسس 16:6) لإطفاء سهام الشرير الملتهبة.
ه- الخلاص (أفسس 17:6) لحماية العقل من أفكار الشك والأفكار الشريرة.
أما السلاح الهجومي فهو "سيف الروح الذي هو كلمة الله." (أفسس 17:6) وبه تردّ على كل اقتراحات الشيطان وتنتصر عليه. وبلبس سلاح الله الكامل نتمكّن من الثبات ضدّ مكايد إبليس، والمقاومة في اليوم الشرير. هذه كلها يجب أن تكون مقرونة بحياة الصلاة. "مصلّين بكل صلاة." (أفسس 18:6) ولا ننسى في النهاية ضرورة أن يكون القلب خاليًا من الأحقاد. فقد ذكر الرب يسوع في إنجيل متى 34:18 عن العبد الذي لم يغفر للعبد رفيقه... أن سيّده "سلّمه إلى المعذّبين" حتى يتعلّم درس الغفران للآخرين، والمعذَّبون هنا هم الانفعالات الحزينة، الكآبة... الخوف... القلق... الغضب والمرارة.
فاطلبْ من الرب أن يعطيك نعمة لتغفر لمن أساء إليك في ماضي حياتك وحاضرها، لأنك إن لم تغفر فستعيش حياتك في عذابٍ نفسيٍّ أليم.
