"وَكَانَ لِنُعْمِي ذُو قَرَابَةٍ لِرَجُلِهَا، جَبَّارُ بَأْسٍ مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ، اسْمُهُ بُوعَزُ.
فَقَالَتْ رَاعُوثُ الْمُوآبِيَّةُ لِنُعْمِي: «دَعِينِي أَذْهَبْ إِلَى الْحَقْلِ وَأَلْتَقِطْ سَنَابِلَ وَرَاءَ مَنْ أَجِدُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ». فَقَالَتْ لَهَا: «اذْهَبِي يَا بِنْتِي». فَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ وَالْتَقَطَتْ فِي الْحَقْلِ وَرَاءَ الْحَصَّادِينَ. فَاتَّفَقَ نَصِيبُهَا فِي قِطْعَةِ حَقْل لِبُوعَزَ الَّذِي مِنْ عَشِيرَةِ أَلِيمَالِكَ." (راعوث 1:2-٣)
واحدة من القصص المُلهمة التي وُضعت إحداثياتها بدقّة مُتناهية، هي قصة لقاء بوعز وراعوث. فكثيرًا ما نصف سفر راعوث بأنهُ سفر وضِع في إطار الكِنّة والحماة. ومع أن فيهِ دروسًا تعود بالبركة علينا في هذا الموضوع، لكن وجدت في قراءتي البسيطة للسفر أبعادًا روحية واسعة المدى فهو يريح النفس البشرية الضالة عن طريقها ويعيدها إلى رُشدها.
هل كان موعدَ لقاءٍ لبوعز وراعوث، أم دعوة للبقاء، أم دعوة للشبع بالبركات، أو مصادفة قوبلت بالإعجاب؟ وكأنها قصّة حبّ ابتدأت منذ آلاف السنين...
لو قرأنا بإمعانٍ سفر راعوث لوجدنا فيهِ كنوزًا تغتني بهِ النفس البشرية.
تكاد تكون لي راعوث بمثابة تلك النفس التي كانت متغرّبة عن إلهها ويوم وجدتهُ تغنّت قائلةً: "وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي، فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ." (نشيد 4:3) بوعز الذي هو رمز للمسيح، يدعو تلك النفس الجائعة للعمل في حقلهِ ويسدّ جوعها، فأكلت وشبعت وفَضَلَ عنها (راعوث 14:2).
كانت دعوة بوعز لراعوث أن تلازم فتياته وتعمل في حقلهِ... ووعدها بالبركة والشبع طوال فترة عملها في حقلهِ. أوليست هذه حقًّا دعوة رائعة وغنية بالبركات الروحية والمادية يدعونا إليها اليوم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح؟
أوقعني الأصحاح الثاني من سفر راعوث أسيرةً للأحداث، فكلّما انتقلتُ من سطرٍ إلى آخر، وجدتُ نفسي ووجدتُ المسيح يُعزّيني.
دعونا إخوتي الأفاضل نلتفت إلى أحداث القصة الحقيقيّة، فهي تدعونا للعمل في حقل الرب بكل تواضع واجتهاد، وملازمة هذا الحقل الرب مهما كلّف الأمر، فالرب قالها علنًا: "إِنَّ الْحَصَادَ كَثِيرٌ، وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ."
دعونا كلّما ضاعت عنا إحداثيات الطريق نعود إلى الأساس، حجر الزاوية، الرب يسوع المسيح، ليضعنا مُجدّدًا على الطريق الصحيح ويُشبع نفوسنا التائهة.
