Voice of Preaching the Gospel

vopg

يسوع المسيح خدمته الأرضية، وبالأخصّ بعد أن تّمم الفداء بموته على الصليب من أجل التّكفير عن خطايا العالم،

وبعد أربعين يومًا من قيامته من بين الأموات، وظهوراته الكثيرة، وكلامه مع تلاميذه بشكلٍ خاص "عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ" (أعمال 3:1)، سأله تلاميذه: "يَا رَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟" (أعمال 6:1)
أجاب الرّب يسوع عن سؤال تلاميذه قائلًا لهم:
"لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ، لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ." (أعمال الرّسل 7:1-8)
الأمر المذهل هنا أنّه حتّى بعد أربعين يومًا من حديث الرّب يسوع "عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ"، سأله تلاميذه عن مملكة أرضيّة، أي إنّ كلامه عن ملكوت الله لم يجد له مكانًا في قلوبهم وعقولهم. فسؤال التّلاميذ يدلّ على أن فكرهم كان ما يزال في الأرضيات. لقد كانوا مثل غيرهم من الشّعب القديم يتوقّعون أن يكون مسيح الرّب قائدًا عسكريًّا وبطلًا ومخلّصًا قوميًّا، وليس مخلّصًا من الشّر والخطيّة بكلّ أشكالها، بما في ذلك الظّلم والنهب وسرقة خيرات الشّعوب.
توجد حقيقتان روحيّتان في جواب الرّب يسوع عن سؤال تلاميذه:
1. لم يكشف الرّب يسوع عن توقيت الله فيما يتعلّق بالأيّام الأخيرة، فالأزمنة والأوقات هي فقط في سلطة الآب السّماوي.
2. بيّن دور الكنيسة ورسالتها بكلّ وضوح: الشّهادة للرّب يسوع... بقوّة الرّوح القدس... في كلّ العالم... ابتداءً من أرض الوطن في أورشليم وإلى أقصى الأرض.
علينا هنا أن نتذكّر بأنّه توجد طرقٌ لا حصر لها للشّهادة للرّب يسوع، وخصوصًا التّبشير برسالة الخلاص، بأنّ الرّب يسوع سفك دمه على الصّليب ليفتدي كلّ النّاس بدافعٍ من محبّته.
تحليلٌ مختصر لجواب الرّب يسوع عن سؤال تلاميذه:
لكِنَّكُمْ: تربط هذه الكلمة بين كلمات يسوع السابقة وما كان يقوله، وتفيد بمعنى الاستدراك. فمع أنّ معرفة الأمور المستقبلة محصورة ضمن سلطة الآب السّماوي، لكنّ التّلاميذ سينالون وعدًا من الله.
سَتَنَالُونَ: حرف السين للاستقبال، أي أنّكم ستحصلون على عطيّة من الله. وتدلّ صيغة الكلمة على التّأكيد.
قُوَّةً: الكلمة في الأصل اليوناني δύναμις (دوناميس) وتعني طاقة كبيرة وقدرة جسديّة على القيام بشيء. ومن هذه الكلمة جاء اسم المادّة المتفجّرة "ديناميت".
مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ: إن وقت الحصول على القوة هي لحظة حلول الروح القدس، علمًا بأنّ الروح القدس هو الأقنوم الثّالث في شخص الله الواحد.
احتاج المؤمنون في القرن الميلادي الأوّل إلى قوّة سماويّة للشّهادة للرّب يسوع، فقد كان عليهم نشر تعاليم الإنجيل المقدّس، والتّبشير برسالة الخلاص بالإيمان بالرّب يسوع المسيح، ومواجهة تعاليم باطلة كثيرة، وخصوصًا تعاليم الأحزاب الدّينية، والعبادات الوثنيّة الكثيرة للآلهة اليونانيّة والرّومانيّة. كذلك احتاج المؤمنون قوّة الرّوح القدس لمواجهة تيّار الفساد والنّجاسة والزّنا الّذي كان منتشرًا في أراضي الإمبراطوريّة الرّومانيّة. واحتاجوا قوّة من الله لمقاومة العنصريّة الّتي كانت متغلغلة في قلوب الشّعب القديم ضدّ غيرهم من الأمم، مثل السّامريّين والكنعانيّين والفينيقيّين واليونانيّين والرّومان.
وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ: هذا يعني أن حلول الروح القدس في حياة الإنسان يغيّره ويمدّه بالقوة اللازمة ليكون شاهدًا للرّب يسوع المسيح في أسلوب حياته وعمله وأقواله وشهادته. فمع أنّ فلسطين كانت خاضعة لحكم الرومان في القرن الميلادي الأول، إلا أنّ الرّب يسوع وعد كنيسته بقوّة روحيّة – لا عسكرية - للتّبشير والشّهادة. كذلك نلاحظ في قوله "وَتَكُونُونَ" أنّه كان للمؤمنين الخيار أن يكونوا شهودًا للرّب يسوع المسيح.
للأسف الشّديد، لم تتغيّر الطّبيعة البشريّة الفاسدة، وقد ازدادت في أيّامنا كل أنواع الخطيّة وأشكالها في أبشع وأقذر وأحطّ صورها، وخصوصًا الزّنا، والكذب، والكراهيّة، وكلّ أشكال الشّذوذ والانحراف والدّعارة، والإدمان على المخدّرات والكحول، ومشاهدة المواقع القذرة في الإنترنت، والحروب، والقتل، والدّمـــــار، وسرقة حقوق الغير من النّاس وأملاكهم، وشتّى أشكال التّديُّن الكاذب والوثنيّة والصّنميّة.
أمام هذا الطوفان من الشّرور والخطايا، تحتاج الكنيسة اليوم أن تنهض من خمولها، وتتخلّص من روح التّديّن والرّوتين وقيود الطّقوس البشريّة، وترجع إلى الله بالتّوبة الصّادقة، وتصلّي إلى الله من أجل الامتلاء بالرّوح القدس، وذلك حتّى تتمّم رسالتها بالشّهادة للرّب يسوع، لكي تكون فعلًا ملحًا للأرض ونورًا للعالم.
كتب الرّسول بولس بوحيٍ من الله معبّرًا عن شوق وأمنية كلّ مؤمن حقيقي بالرّب يسوع المسيح: "لأَنَّهُ إِنْ كُنْتُ أُبَشِّرُ فَلَيْسَ لِي فَخْرٌ، إِذِ الضَّرُورَةُ مَوْضُوعَةٌ عَلَيَّ، فَوَيْلٌ لِي إِنْ كُنْتُ لاَ أُبَشِّرُ." (1كورنثوس 16:9)

المجموعة: حزيران (يونيو) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

249 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10838367