إلهنا حكيم وحكمته مطلقة بلا حدود – ولو جمعنا حكمة كلّ البشر من آدم إلى آخر إنسان على هذه الأرض لوجدنا أن حكمة كلّ البشر هي كنقطة من محيط...
أعظم شخص حكيم هو النبي سليمان – الذي أدهشت حكمته كلّ من سمع عنها أو لمسها. يقول الوحي إن الرب أعظم من سليمان في حكمته... وتحدّث بولس عن حكمة الله فقال: "يا لعمق غنى الله وحكمته وعلمه!" (رومية 33:11)
وقال أيضًا: "المذّخر فيه كلّ كنوز الحكمة والعلم". (كولوسي 3:2) والرب نفسه يعلن عن حكمته بقوله: "لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، هكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ". (إشعياء 8:55-9)
أولاً، الحكمة الإلهية هي:
1- فريدة: "وَلِلْقَادِرِ أَنْ يُثَبِّتَكُمْ، حَسَبَ إِنْجِيلِي وَالْكِرَازَةِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ... للهِ الْحَكِيمِ وَحْدَهُ، بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ." (رومية 25:16 و27) وفي موضع آخر يقول: "وَمَلِكُ الدُّهُورِ الَّذِي لاَ يَفْنَى وَلاَ يُرَى، الإِلهُ الْحَكِيمُ وَحْدَهُ، لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ". (1تيموثاوس 17:1)
2- ظاهرة: كل ما تراه عيوننا وما ستراه عيون الآخرين في المستقبل هو شهادة صادقة عن حكمة الله. "مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ". (مزمور 104:24) ويقول النبي سليمان: "الرَّبُّ بِالْحِكْمَةِ أَسَّسَ الأَرْضَ". (أمثال 19:3) وقال أيوب: "هُوَ حَكِيمُ الْقَلْبِ وَشَدِيدُ الْقُوَّةِ". (4:9)
3- متنوّعة: يقول الرسول بولس: "لِكَيْ يُعَرَّفَ الآنَ عِنْدَ الرُّؤَسَاءِ وَالسَّلاَطِينِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ، بِوَاسِطَةِ الْكَنِيسَةِ، بِحِكْمَةِ اللهِ الْمُتَنَوِّعَةِ". (أفسس 10:3) حكمته في الخلق وحكمته في العقوبات التي أوقعها على الحيّة وحواء وآدم. حكمته في إخراج آدم وحواء من الجنة حتى لا يأكلا من شجرة الحياة فيعيشا إلى الأبد. حكمته في التجسّد... حكمته في اختيار تلاميذه... حكمته في موته على الصليب... حكمته في تحويل أشدّ عدوّ للربّ يسوع إلى إنسان يكرز به... تحويل مهاجم الكنيسة إلى مدافع عنها – وحكمته في أن يجعلني ابنًا له.
ثانيًا: المنحة السخيّة
1- يعطينا الله حكمة: أعطى الحكمة لدانيال ورفاقه - أَمَّا هؤُلاَءِ الْفِتْيَانُ الأَرْبَعَةُ فَأَعْطَاهُمُ اللهُ مَعْرِفَةً وَعَقْلاً فِي كُلِّ كِتَابَةٍ وَحِكْمَةٍ، وَكَانَ دَانِيآلُ فَهِيمًا بِكُلِّ الرُّؤَى وَالأَحْلاَمِ". (دانيال 17:1) وقال الرب يسوع - له كلّ المجد "لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا". (لوقا 15:21) وأشهر آية عن إعطاء الله حكمة لشعبه وردت في يعقوب 5:1 "وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ".
2- كلمته تحكّمنا: يقول الوحي المقدّس في مزمور 7:19 "نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا." ويقول النبي سليمان في أمثال 6:2 "لأَنَّ الرَّبَّ يُعْطِي حِكْمَةً. مِنْ فَمِهِ الْمَعْرِفَةُ وَالْفَهْمُ." ويقول كاتب المزمور: "فَتْحُ كَلاَمِكَ يُنِيرُ، يُعَقِّلُ الْجُهَّالَ." (130:119) ويقول بولس لتلميذه تيموثاوس: "وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". (2تيموثاوس 15:3)
3- علاقتنا به تمنحنا حكمة: "وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً". (1كورنثوس 30:1) الرب يسوع ليس حكيمًا فقط ولكنه يمنح الحكمة، والروح القدس هو روح الحكمة. ومعرفة الآب هي رأس الحكمة، "رأس الحكمة مخافة الرب". (مزمور 10:111) الحكمة التي ننالها هي حكمة نازلة من فوق... "أَثْمَنُ مِنَ الَّلآلِئِ... فِي يَمِينِهَا طُولُ أَيَّامٍ، وَفِي يَسَارِهَا الْغِنَى وَالْمَجْدُ. طُرُقُهَا طُرُقُ نِعَمٍ، وَكُلُّ مَسَالِكِهَا سَلاَمٌ". (أمثال 15:3-17)
ثالثًا: واجبات حتميّة
1- ثق بإلهك الحكيم: يقول كاتب العبرانيين: "لا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة". (35:10) إن أغلق بابًا بحكمته فهو برحمته يفتح أبوابًا كثيرة. ثق بإلهك وإن بدا الأمر عسيرًا أمام عينيك ثق بإلهك الذي سيحوّل كل شيء للخير. "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ". (رومية 28:8)
حدثت ليوسف أحداث رهيبة ولكنها كلّها كانت تعمل لخيره. ثق في إلهك الذي لا يدعكَ تُجرَّب أكثر من طاقتك. "لم تصبكم تجربة إلا بشريّة. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ". (1كورنثوس 13:10)
2- اسلكْ بحكمة مع الآخرين: يقول الرسول بولس: "اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ". (كولوسي 5:4) كلّمهم برسالة خلاص نفوسهم دون أن تجرح مشاعرهم – وليس مع الذين هم من خارج فقط بل نسلك بحكمة الله في سرّ الحكمة المكتومة التي سبق الله فعيّنها لمجدنا نحن.
أختم بهذا القول إننا "لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلّم بها أيضًا، لا بأقوال تعلّمها حكمة إنسانية، بل بما يعلّمه الروح القدس". (1كورنثوس 12:2-13)
