Voice of Preaching the Gospel

vopg

من عدّة سنوات كنت في مؤتمر دولي للكارزين حول العالم، وفي فرصة لمشاركة الاختبارات رأيت رجلًا يرتدي زيًّا قَبَليًّا من سكان شرق آسيا،

وهو رئيس قبيلة هناك. قام هذا الرجل يحكي كيف عرف المسيح مخلِّصًا، وأشار إلى شابٍ كان يقف إلى جواره وقال: "أترون هذا الشاب؟ أنا قتلت أباه!" وسادت فترة صمتٍ رهيبٍ في قاعة الاجتماع الذي ضمّت ١٠,٠٠٠ شخص! ثم استطرد قائلًا: "جاء هذا المبشِّر الصغير إليَّ بعدها بشهورٍ قليلة ليكلّمني عن خلاصي رغم ما فعلته في والده الذي كان مبشِّرًا أيضًا." ثم بكى بشدّة وقال: "لقد أحبّني هذا الشاب فجاء إلى عدوِّه ببشارة الخلاص، إنه بحقّ ابنٌ لله!"
هذا ما أكدّه الرب يسوع المسيح في عظته على الجبل، إذ مدح وطوَّب كل من يحبّ ويصنع سلامًا، فوصف هؤلاء بأنهم أبناء الله يُدعَوْن! هل أنا وأنت هؤلاء؟!
فَقَد العالم مصدر الهدوء والاستقرار؛ بسبب ابتعاده عن ربنا يسوع المسيح، المكتوب عنه «هُوَ سَلاَمُنَا». (أفسس 14:2) فزاد بين سكانه الحروب والتناحر والقتال والإرهاب. فتمّ قول المكتوب: «لا سلام قال إلهي للأشرار»، وأيضًا «طَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ». فهل يا ترى يوجد من يصنع سلامًا وسط هذا العالم المنزعج؟

أولاً: لماذا معظم الناس بلا سلام؟

١. لا يخفى علينا أن رئيس هذا العالم هو إبليس الذي قال عنه الكتاب «ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ». (يوحنا 44:8) لذا فلا عجب إن كان يشيع الفوضى والكراهية بين تابعيه. هذا ما أكَّده الرب يسوع عندما قال لليهود الأشرار «أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تعملوا». ألَمْ يذبح قايين أخاه هابيل؟! ويقول الكتاب إن قايين كان من الشرير، أي من إبليس!

٢. العالم يحتاج إلى مصدر السلام، الرب يسوع المسيح. فهو وحده الذي يحرِّر القلب من سيادة الشرير ويمتلك القلب؛ فهو رب وإله السلام. لقد صنع المسيح بموته على الصليب سلامًا للإنسان مع الله ومع أخيه الإنسان «لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الِاثْنَيْنِ وَاحِدًا... وَيُصَالِحَ الِاثْنَيْنِ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ مَعَ اللهِ بِالصَّلِيبِ...َ» (أفسس٢: ١٤-١٧).

٣. وعندما يمتلئ القلب بالمسيح، رب السلام، يفيض القلب سلامًا وهدوءًا، مع نفسه ومع من حوله. وعندما يملك الروح القدس في الحياة؛ يفيض ثمره الكثير في الحياة الذي هو «مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ».

٤. بل العالم أيضًا يحتاج إلى "سفراء سلام"، يمتلئون بسلام الله ويزرعون وينشرون السلام هنا وهناك... بل يقودون الآخرين إلى ربِّ السلام.

ثانيًا: كيف نكون صانعي سلام؟

١. يحتاج الناس من حولنا إلى من يخبرهم عن مصدر السلام وطريق السلام. هذا من خلال الإعلان عن خلاص المسيح لهم «مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ». (رومية 15:10) لذلك نسعى كسفراء نطلب عن المسيح أن يتصالحوا مع الله.

٢. وما أروع أن نعمل السلام مع من حولنا في علاقتنا بهم، فلقد أصرّ إبراهيم ألّا تكن مخاصمة بينه وبين لوط ابن أخيه قائلًا له «لا تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ لأننا نَحْنُ أخَوَانِ». (تكوين 8:13) لذلك يشجِّعنا الكتاب المقدس بالقول «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ». (رومية 18:12) وأيضًا «اتبعوا السلام مع الجميع». (عبرانيين 14:12) السلام مع الأحباء ومع الأعداء أيضًا. بحق ما أروع الشونميّة التقيّة التي وصفت حالة السلام التي تعيشها مع من حولها بالقول «إِنَّمَا أَنَا سَاكِنَةٌ فِي وَسَطِ شَعْبِي». (٢ملوك 13:4)
٣. وهناك شيء لا بدّ أن نحذَر ونبتعِد عنه حتى ننجح في صنع السلام: الوشاية ونقل الكلام وزرع الخصومات بين مَنْ هم حولنا، الأمر الذي يسبّب - بكل تأكيد - الكراهية وحشد الصدور بالغضب من الآخرين. فهناك للأسف من يحبّون النميمة وينزلقوا فيها! لقد حذّرنا سليمان الحكيم من النمّام ونميمته قائلًا: «النَّمَّامُ يُفَرِّقُ الأَصْدِقَاءَ». (أمثال 28:16) «ِبعَدَمِ الْحَطَبِ تَنْطَفِئُ النَّارُ، وَحَيْثُ لاَ نَمَّامَ يَهْدَأُ الْخِصَامُ». (أمثال 20:26) بل إن هذه الخطية هي واحدة من سبعة أمور يكرهها الرب بصفة خاصة «زَارِعُ خُصُومَاتٍ بَيْنَ إِخْوَةٍ». فما أكثر الذين سبّبوا دمارًا وخرابًا لبيوتٍ وكنائس بسبب نميمتهم. فليرحمنا الرب من هذا الشرّ ولنَكُنْ فقط من صانعي السلام.

ثالثًا: لأنهم أبناء الله يُدعَوْن

ما أروع هذا التقييم والتقدير الإلهي لمن يصنعون السلام ويَجِدّون في إثره! حتى أن المسيح في عظته لقَّبهم أنّهم حقًّا أبناء الله! لكن، ماذا يعني هذا الوصف؟

١. الابن يشبه أباه، فإن كان الله بحقّ هو أبونا ونحن وُلدنا منه ولادةً جديدة، فلا بدّ أن نكون مثله، فالله أبونا هو ربّ السلام وإلهُ السلام. فكلّ من يشيع السلام ويعمله هو واحدٌ من أبناء الله بحقّ. ويؤكِّد الرسول يوحنا على هذا قائلًا: «وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ الله وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ». (١يوحنا 7:4)

٢. أكّد المسيح أن أولاد الله يسلكون سلوكًا مختلفًا نحو من يكرههم ويضطهدهم... سلوكًا راقيًا لا يعرفه ولا يقدر على مسلكه إلّا أبناء الله. قال:
«وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ. لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ». (متى 44:5)
اصنَعْ أنت سلامًا! هذه دعوة الرب لك من خلال عظته على الجبل، رغم أننا نعيش في عالم البغضة والاضطراب. وهذا سيكون ممكنًا لنا فقط عندما يحلّ المسيح بالإيمان في القلب... عندما نشبع بسلامه، فنستطيع أن نشيع سلامًا لمن حولنا.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

79 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11360132