تحدّثنا في العدد السابق عن أربعة مفاتيح لمعرفة صوت الله وهي: الولادة الجديدة، الانفتاح على الروح القدس، كلمة الله، والصلاة والصوم.
وفي هذه الحلقة سنتناول الباقي:
٥- مشورة المؤمنين الأتقياء
عندما ذهب شاول بن قيس هو وغلامه ليبحث عن الأتن الضالّة ظلّ يبحث عنها بلا جدوى، فقام غلامه ونصحه أن يذهب إلى رجل الله قائلًا: "هُوَذَا رَجُلُ اللهِ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ، وَالرَّجُلُ مُكَرَّمٌ، كُلُّ مَا يَقُولُهُ يَصِيرُ. لِنَذْهَبِ الآنَ إِلَى هُنَاكَ لَعَلَّهُ يُخْبِرُنَا عَنْ طَرِيقِنَا الَّتِي نَسْلُكُ فِيهَا". (١صموئيل 6:9)
هذا مبدأ هام - عندما تحتار ولا تعرف الطريق - أن تبحث عن رجل الله ليقدِّم لك النصيحة والإرشاد؛ ولكن لا يأخذ عنك القرار بل تقوم أنت بفحص الأمر أمام الله بحسب وصية يوحنا: "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ: هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟" (١يوحنا 1:4) وأريد أن أحذّرك من نوعية بعض الخدّام الذين يقولون لك: "هكذا قال الرب..."
وما عليك إلّا الطاعة العمياء لهم...
لا يا أخي! بل اسمع، وافحص وامتحن - وأنا أقول هذا عن اختبار شخصيّ علّمني الله منه الكثير. هل تعرف قصة النبي الذي قتله الأسد (1ملوك 13)؟ أرجو أن تقرأ هذه القصة وكذلك (نحميا 10:6–١٤)
أقول مرة أخرى، رائع أن تأخذ مشورة المؤمنين وهذه وصية كتابية "مَقَاصِدُ بِغَيْرِ مَشُورَةٍ تَبْطُلُ، وَبِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ تَقُومُ". (أمثال 22:15) لكن لا تدعهم يأخذون القرار نيابة عنك. اجمعْ النصائح والمشورة وخذها إلى محضر الله ودَعْ الله يتحدّث إليك فتأخذ القرار بناء على مشورة القديسين بمعونة الروح القدس وكلمة الله التي في داخلك.
٦- الأحداث اليومية
يتحدّث الله إلينا من خلال الظروف والأحداث اليوميّة كما قال أليهو بن برخئيل: "قُلْتُ: الأَيَّامُ تَتَكَلَّمُ وَكَثْرَةُ السِّنِينَ تُظْهِرُ حِكْمَةً". (أيوب 7:32)
لقد تكلّمت الأيّام في حياة يوسف. فعن طريق بغضة إخوته له وكراهيّتهم أصبح يوسف الرجل الثاني في أرض مصر. كانت خطة الله أن يذهب يوسف إلى مصر.
والسؤال هو كيف يذهب يوسف إلى مصر؟ هل أرسل الله له نبيًّا؟ هل رأى حلمًا - وهو قدير على تفسير الأحلام؟ كلّا! بل ذهب إلى مصر كحدثٍ طبيعيٍّ نتيجة الظروف والأحداث التي تعرّض لها؛ فاستخدم الله كراهيّة إخوته له ليتمّم مشيئته من نحوه.
كيف تمّم الرب يسوع النبوّة القائلة: "مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ابْني" (متى 15:2)؟
لقد ارتعب هيرودس واضطرب عندما سمع عن "ملك اليهود"، وقرّر قتل جميع الأطفال من ابن سنتين فما دون "حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدًّا. فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَب الزَّمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ". (متى 16:2) لقد استخدم الله خوف وحقد وكراهية هيرودس لكي تَتِمّ النبوّة.
٧ - السلام الداخلي
عندما نتّخذ قرارًا ما نجد أصواتًا كثيرة تتكلّم إلينا... فهناك آراء الناس، والأصدقاء، والمقرّبين منّا، وكذلك نتحدّث نحن إلى أنفسنا وأيضًا الشيطان، وأيضًا الله... والمشكلة الكبرى هي كيف أميِّز صوتَ الله عن باقي الأصوات؟
إن حديث الناس فيه آراء متضاربة والناس فريقين: فريق مؤيّد وآخر معارض. وعند الحديث الشخصي إلى نفسي أجد أيضًا التردّد والصراع بين الراحة والانزعاج، بين الموافقة تارة والرفض تارة أخرى... وعند حديث الشيطان إلينا نجد الشكوك والمخاوف وعدم الراحة القلبية والحيرة.
ولكن عندما يتحدّث الله إلينا نجد السلام الحقيقي الذي يملأ القلب والفكر... هذا السلام الذي لا يستطيع أحد أن يعطيه لنا لأنّه لا يملكه أحد آخر سوى الله وحده... لذلك ينتقل سلامه إلى قلوبنا وتملأ الراحة والفرح والبهجة نفوسنا وأفكارنا. هذا هو برهان ودليل صوت الله لنا الذي يغمر قلوبنا ويفيض في أعماقنا. ولكي تسمع وتميّز صوت الله دعني أقدّم لك بعض الإرشادات بأنك يجب أن:
- ترغب ذلك بقلبٍ كاملٍ ومستقيمٍ أمام الرب.
- تكون خالٍ من أيّ فكرٍ مُسْبَق.
- تتنازل أمام الله عن إرادتك الخاصة.
- يكون لديك الاستعداد الحقيقي للطاعة الفوريّة.
- يكون لديك الاستعداد للتضحية والتخلّي.
- يتفرّغ قلبك من كلّ الآراء البشرية الأرضيّة.
- تكون على حيادٍ تام أمام الرب.
- تخرج من محضر الله وتواجه التحدّيات المختلفة.
- تكون في حالة مقدّسة وقلبٍ نقيٍّ وتقيٍّ.
