Voice of Preaching the Gospel

vopg

رأينا من قبل "اختيار الأمم" في عصر الآباء، فقد تعامَلَت النعمة مع إبراهيم، وملكي صادق، وهاجر، وإسمعيل، وأليعازر الدمشقي.

نأتي الآن إلى مرحلة جديدة في اختيار النعمة للأمم وهي عصر الناموس.
يمكننا القول إن هذا العصر بدأ بخروج شعب الله من مصر، وبقيادة موسى لهم في برية سيناء. أعطى الرب لموسى لوحَي الشريعة على جبل سيناء، وأعلن اختياره لهذا الشعب ليكونوا له خاصة من بين جميع الشعوب (خروج 5:19). يعتبر كثيرون أن هذا الإعلان هو بداية لمفهوم "شعب الله المختار"، ورغم اتفاقنا مع هذا الفكر، إلا أننا لا يمكن أن نغفل دخول أشخاص من الأمم إلى هذه الجماعة، وتمتّعهم بمميّزات اختيارهم في ذلك الوقت. هؤلاء نعتبرهم أيضًا علامات مضيئة في معاملات الله مع البشر:

يثرون – كاهن مديان
هرب موسى من مصر بعد قتله رجلًا مصريًّا، واستقرّ به الحال في أرض مديان، التي تقع شرق خليج العقبة وشمال شبه الجزيرة العربية. أنجد موسى بنات يثرون من بطش رعاة آخرين، وهنّ يحاولن سقيَ أغنامهنّ، ثم دعاه يثرون بعد ذلك ليسكن معه، وتزوّج من صفّورة ابنته. لم يذكر الكتاب شيئًا قبل ذلك عن يثرون ولا عن كهنوته، لكن في كلماته القليلة التي وردت في سفر الخروج نرى معرفته وإيمانه بـ "يهوه":

اسمه

«فَلَمَّا أَتَيْنَ إِلَى رَعُوئِيلَ أَبِيهِنَّ قَالَ: «مَا بَالُكُنَّ أَسْرَعْتُنَّ فِي الْمَجِيءِ الْيَوْمَ؟» (خروج 18:2)
«وَقَالَ مُوسَى لِحُوبَابَ بْنِ رَعُوئِيلَ الْمِدْيَانِيِّ حَمِي مُوسَى: «إِنَّنَا رَاحِلُونَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَالَ الرَّبُّ أُعْطِيكُمْ إِيَّاهُ. اِذْهَبْ مَعَنَا فَنُحْسِنَ إِلَيْكَ، لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ تَكَلَّمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِالإِحْسَانِ». (عدد 29:10)
إسمه إذن رعوئيل، و"يثرون" في الغالب لقبٌ يعني "سموّ" أو "حضرة"، أُطلِق عليه كلقب شرف (خروج 1:3؛ 1:18). أما اسمه رعوئيل، فمعناه "صديق الله"، وصار شائعًا بعد ذلك أن تسمّي العائلات اليهودية أبناءها بأسماء مشابهة تنتهي باسم الله (إيل)، مثل يوئيل، وميشائيل، وصموئيل، إلخ... أما كيف تسمّى رعوئيل بهذا الاسم، فلا نعلم والأرجح أن الرب كان يتعامل مع أفراد في مناطق مختلفة، ويعلن لهم عن ذاته، وقد رأينا "ملكي صادق" من قبل. على أن الأمر لم يقتصر على اسمه بل أقواله وأفعاله.

أقواله

بعد أن كلّم الله موسى من خلال العلّيقة التي كانت تتوقّد بالنار ولا تحترق (خروج 2:3)، وأمره بالذهاب إلى مصر ليُخْرِج شعبه من هناك وشارك موسى يثرون حماه بخطة نزوله إلى مصر، فبارك حماه الخطوة وقال له: «اذْهَبْ بِسَلاَمٍ» (خروج 18:4).
وبعد خروج موسى والشعب من مصر، أتى يثرون إلى البرية لمقابلة موسى ومعه صفورة ابنته زوجة موسى وابناه جرشوم وأليعازر، وقصّ عليه موسى كل ما عمل الرب معهم، وكيف خلّصهم من عبودية مصر. ولما سمع يثرون قال: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ الَّذِي أَنْقَذَكُمْ مِنْ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ وَمِنْ يَدِ فِرْعَوْنَ. اَلَّذِي أَنْقَذَ الشَّعْبَ مِنْ تَحْتِ أَيْدِي الْمِصْرِيِّينَ. الآنَ عَلِمْتُ أَنَّ الرَّبَّ أَعْظَمُ مِنْ جَمِيعِ الآلِهَةِ، لأَنَّهُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي بَغَوْا بِهِ كَانَ عَلَيْهِمْ». (خروج 10:18-11) ألا تدلّ كلمات التسبيح هذه على أنها تعبير شخصٍ قد آمن بالرب، بل وتعبّر عن إيمانه بكلمات أقرب لإقرارات الإيمان.
وعندما رأى يثرون موسى يقضي للشعب، وكيف كان يقف الشعب أمام موسى من الصباح إلى المساء، قال له: «لَيْسَ جَيِّدًا الأَمْرُ الَّذِي أَنْتَ صَانِعٌ. إِنَّكَ تَكِلُّ أَنْتَ وَهذَا الشَّعْبُ الَّذِي مَعَكَ جَمِيعًا، لأَنَّ الأَمْرَ أَعْظَمُ مِنْكَ. لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصْنَعَهُ وَحْدَكَ». (خروج 17:18-18) ثم أكمل له مشورته بأن يَقسِم العمل على قيادات أخرى، بحيث يقضي موسى في الدعاوي الكبيرة فقط.
وما يهمّنا في هذا الموقف، هو الإشارة الواضحة عن الله في حديث يثرون: "فَلْيَكُنِ اللهُ مَعَكَ. كُنْ أَنْتَ لِلشَّعْبِ أَمَامَ اللهِ، وَقَدِّمْ أَنْتَ الدَّعَاوِيَ إِلَى اللهِ، وَعَلِّمْهُمُ الْفَرَائِضَ وَالشَّرَائِعَ، وَعَرِّفْهُمُ الطَّرِيقَ الَّذِي يَسْلُكُونَهُ... وَأَنْتَ تَنْظُرُ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْبِ ذَوِي قُدْرَةٍ خَائِفِينَ اللهَ، أُمَنَاءَ مُبْغِضِينَ الرَّشْوَةَ، وَتُقِيمُهُمْ عَلَيْهِمْ رُؤَسَاءَ أُلُوفٍ، وَرُؤَسَاءَ مِئَاتٍ، وَرُؤَسَاءَ خَمَاسِينَ، وَرُؤَسَاءَ عَشَرَاتٍ، فَيَقْضُونَ لِلشَّعْبِ كُلَّ حِينٍ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ الدَّعَاوِي الْكَبِيرَةِ يَجِيئُونَ بِهَا إِلَيْكَ، وَكُلَّ الدَّعَاوِي الصَّغِيرَةِ يَقْضُونَ هُمْ فِيهَا. وَخَفِّفْ عَنْ نَفْسِكَ، فَهُمْ يَحْمِلُونَ مَعَكَ. إِنْ فَعَلْتَ هذَا الأَمْرَ وَأَوْصَاكَ اللهُ تَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ". (خروج 19:18-23)

أفعاله

"فَأَخَذَ يَثْرُونُ حَمُو مُوسَى مُحْرَقَةً وَذَبَائِحَ للهِ. وَجَاءَ هَارُونُ وَجَمِيعُ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ لِيَأْكُلُوا طَعَامًا مَعَ حَمِي مُوسَى أَمَامَ اللهِ". (خروج 12:18)
يقوم يثرون هنا بعمله ككاهن لله يقدّم محرقة وذبائح، وهو يفعل هذا قبل أن يبدأ الكهنوت اللاوي. متى بدأ كهنوت يثرون؟ وكيف كان يمارسه؟ ومن علّمه أو أخبره بأعمال العبادة هذه؟! لا نعلم على وجه الدقّة، لكن يمكننا أن نراه بوضوح كاهنًا لله، لعلّه أقرب إلى كهنوت ملكي صادق الذي تحدّثنا عنه من قبل. نعم، كان يثرون علامة مضيئة في معاملات النعمة الإلهية للأمم.
أمّا اجتماع هارون وجميع شيوخ إسرائيل ليأكلوا طعامًا معه أمام الله، فهو علامة لشركة حقيقيّة بين المجتمعين معًا، وبينهم وبين الله بمن فيهم يثرون كاهن مديان.

المجموعة: تشرين الأول (أكتوبر) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

432 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577239