يرمز الصليب إلى مقدار محبّة الله للعالم إذ بذل ابنه الوحيد لفداء كل من يؤمن به لكي تكون له الحياة الأبدية.
عندما كان إبراهيم على وشك أن يقتل ولده إسحاق فلذة كبده - إتمامًا لأوامر الرب وامتحانًا لإيمانه - أعدّ الله للوقت كبشًا يقدّمه بدلاً من ابنه الوحيد، وبذلك تعلّم درسًا في الفداء وموت البديل في أبسط صوره. لكن عندما مات المسيح على الصليب قدّمه الله الآب نيابة عن العالم كلّه. "لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا مَضْرُوبًا مِنَ اللهِ وَمَذْلُولاً." (إشعياء 4:53)
ثم إن الصليب هو إظهار لمحبة الله للعالم. "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". (يوحنا 16:3)
هل ندرك عمق محبة الله لنا بموت المسيح على الصليب ومدى فاعليّتها في حياتنا؟
أم أننا نُشْبِه تلك المرأة التي كانت تشاهد فيلمًا عن موت المسيح. وقد أجابت فتاةً صغيرة كانت بقربها خائفة من بعض مشاهد الفيلم وقالت لها: لا تخافي فإن ما نشاهده أمامنا هو مجرّد تمثيل. فهل صليب المسيح في حياتنا حقيقة واقعية تتغلغل في أعماقنا وتشمل كياننا بأسره، أو هو مجرّد تمثيل في تمثيل؟
لم يكن ممكنًا أن تظهر محبة الله للعالم بصورة واضحة بدون الصليب! تلك المحبة التي تقود صاحبها إلى الألم والتضحية في سبيل من يحب. لقد مات يسوع من شدّة المحبّة ومات أيضًا من شدّة الألم، ومأساة الصليب ليست فقط موت المسيح بقدر ما هي تنكّر ذويه لتلك المحبة الإلهيّة الفائقة. وكما يقول النبي إشعياء في ذلك: "مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ." (3:53)
لقد مات المسيح بقلب كسير ومات أيضًا "من أجل السرور الموضوع أمامه". إنه سرور الغلبة التي ستتبع الصليب والموت. فالصليب هو إظهار لمشيئة الله في افتداء الإنسان إذ لم تكن من وسيلة أخرى لافتدائه لأنه مكتوب: "... بِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!" (عبرانيين 22:9). لقد حمل المسيح على عاتقه ذنوب الذين يطلبونه. فما أحرانا أن ندرك ذلك ونعيه في قلوبنا وندرك مرامي المصلوب البعيدة المدى ومغزاه العميق.
انظر إلى الذي صُلب وقام وستكتشف أن الله يحبَّك لأنه بذل ابنه الوحيد من أجلك حتى الموت! هذه هي إحدى عجائب الرب يسوع المسيح المصلوب التي تجذب البشر إلى قلب الله. كما قال له كل المجد: "وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ." (يوحنا 32:12)