كان ظهور المسيح بعد قيامته على بحر طبرية هو الظهور الثالث له، وبحر طبرية هو أيضاً بحر الجليل.. ومدينة طبرية بناها "هيرودس أنتيباس" سنة 26 بعد الميلاد وسماها على اسم "طيباريوس قيصر".
على بحر طبرية أظهر يسوع نفسه لتلاميذه وعلّمهم ثلاثة دروس:
الدرس الأول: إن طاعة كلمته هي الطريق لصيد النفوس
لم يعرف بطرس أنه بعد أن يخصص حياته لخدمة فاديه، فإنه سيسدّد احتياجاته، فقال لرفقائه: "أنا أذهب لأتصيَّد". كان الصيد هو مهنة معظم التلاميذ لتغطية نفقات الحياة، فقال له رفقاؤه: "نذهب نحن أيضاً معك... وفي تلك الليلة لم يمسكوا شيئاً". وفي الصبح ظهر لهم يسوع لكنهم لم يعرفوه. وسألهم: ألعلّ عندكم طعاماً؟ أجابوه: لا. "فقال لهم: ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا".
أطاع التلاميذ كلمته، "فألقوا (الشبكة)، ولم يعودوا يقدرون أن يجذبوها من كثرة السمك" (يوحنا 6:21).
فيا خادم المسيح، إن أردت صيداً كثيراً.. فاقرأ كتابك المقدس واحفظ آياته في قلبك.. وأطع وصايا الرب المعلنة فيه بكل قدرتك.. وسيعطيك الرب نفوساً كثيرة جداً، فترنِّم قائلاً: "عظّم الرب العمل معنا وصرنا فرحين" (مزمور 3:126).
الدرس الثاني: ليكن هدفك ربح النفوس والرب سيرسل لك الفلوس
أراد الرب بظهوره على بحر طبرية أن يعلم التلاميذ درساً هاماً هو: "اربحوا النفوس وأنا سأرسل لكم الفلوس (المصاري بلغة لبنان وسوريا)". لما اصطاد التلاميذ الصيد الكبير، حتى أنهم لم يعودوا يقدرون أن يجذبوا الشبكة.. وجاءوا بالسفينة إلى البر وهم يجرّون شبكة السمك.
"فلما خرجوا إلى الأرض نظروا جمراً موضوعاً وسمكاً موضوعاً عليه وخبزاً" (يوحنا 9:21).
أراد يسوع أن يعلمهم أنهم إذا تفرّغوا لربح النفوس، وأطاعوا كلمته، فهو سيسدّد احتياجهم ويضمن قوتهم، فأعدّ لهم الطعام.
"فيملأ إلهي كل احتياجكم بحسب غناه في المجد في المسيح يسوع" (فيلبي 19:4).
لما جاء وقت دفع ضريبة الدرهمين، قال يسوع لبطرس: "اذهب إلى البحر وألقِ صنارة، والسمكة التي تطلع أولاً خذها، ومتى فتحت فاها تجد إستاراً، فخذه وأعطهم عني وعنك" (متى 27:17).
لقد أراد يسوع أن يعلم بطرس: إن ربحت شخصاً، فإن هذا الشخص سيفتح جيبه لعمل الرب، كما فتح قلبه للرب.
وحين يسدّد الرب احتياجات خدّامه المادية فهو يسددها بسخاء!! حين صلى إيليا أن لا تمطر وتوقّف المطر ثلاث سنين وستة أشهر (يعقوب 17:5)، وحدثت مجاعة في إسرائيل، كان كلام الرب إلى إيليا قائلاً: "انطلق من هنا واتجه نحو المشرق، واختبئ عند نهر كريث... فتشرب من النهر. وقد أمرت الغربان أن تعولك هناك. فانطلق وعمل حسب كلام الرب... وكانت الغربان تأتي إليه بخبز ولحم صباحاً وبخبز ولحم مساء، وكان يشرب من النهر" (1ملوك 2:17-6).
في أيام المجاعة كان إيليا يأكل خبزاً ساخناً ولحماً مشوياً في الصباح والمساء!
فيا خادم المسيح، حين تكون في المكان الذي يريدك الرب أن تكون فيه فسيسدّد كل احتياجاتك "هناك" بغنى وسخاء.
الدرس الثالث: لا تشغل فكرك بمصير زملائك
بل اتبع يسوع حسب خطته لحياتك
المشهد مثير للعواطف، "فبعد ما تغدّوا قال يسوع لسمعان بطرس: يا سمعان بن يونا، أتحبني أكثر من هؤلاء؟ قال له: نعم يا رب أنت تعلم أني أحبك. قال له: ارعَ خرافي. قال له أيضاً ثانية: يا سمعان بن يونا، أتحبني؟ قال له: نعم يا رب، أنت تعلم أني أحبك. قال له: ارع غنمي. قال له ثالثة: يا سمعان بن يونا، أتحبني؟ فحزن بطرس لأنه قال له ثالثة: أتحبني؟ فقال له: يا رب، أنت تعلم كل شيء. أنت تعرف أني أحبك. قال له يسوع: ارعَ غنمي" (يوحنا 15:21-17). حزن بطرس لأنه تذكر أنه أنكر المسيح ثلاث مرات.
واستطرد يسوع قائلاً لبطرس: "الحق الحق أقول لك" لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء. ولكن متى شخت فإنك تمدّ يديك وآخر يمنطقك، ويحملك حيث لا تشاء. قال هذا مشيراً إلى أية ميتة كان مزمعاً أن يمجّد الله بها. ولما قال هذا قال له: اتبعني" (يوحنا 18:21-19).
في تلك اللحظة التفت بطرس ونظر التلميذ الذي كان يسوع يحبه يتبعه، فلما رأى بطرس هذا، قال ليسوع: يا رب، وهذا ما له؟ قال له يسوع: إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجيء، فماذا لك؟ أتبعني أنت" (يوحنا 21:21).
الدرس الذي علّمه يسوع لبطرس هو: "لا تشغل نفسك بمستقبل أحد زملائك.. اتبع المسيح حسب خطته لحياتك. فهو قد يختار لك "الاستشهاد"، ويختار لزميلك "المجد"، أو يختار لك المجد، ويختار لزميلك الاستشهاد.
فتعلَّم الدروس التي علَّمها يسوع لتلاميذه على بحر طبرية:
1- أن طاعة كلمته هي الطريق لصيد النفوس
2- ليكون هدفك ربح النفوس والرب سيرسل لك الفلوس
3- لا تشغل فكرك بمصير زملائك بل اتبع يسوع حسب خطته لحياتك.
وليبارك الرب خدمتك ويعطيك صيداً كثيراً.
زميلك في الخدمة المقدسة،
القس لبيب ميخائيل
