”نَادِ بِصَوْتٍ عَال. لاَ تُمْسِكْ. اِرْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوق وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ، وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ“ (إشعياء 1:58).
نحن في أيام لم نعدْ نسمع فيها عن فظاعة الخطية في منابر كنائسنا. صار شعارنا: ”الله يحبك وأنا أيضاً أحبك“. اختلط الحابل بالنابل، الحديث عن حياة القداسة صار لغة غريبة.. ولهذا انحرف شباننا وشاباتنا..
وأصبح عُري النساء في الكنائس أمراً مقبولاً، حتى أننا فقدنا التمييز بين مقاعد الكنائس وشواطئ البحار، ونسينا تماماً كلمات بولس الرسول: ”وَكَذلِكَ (أريد) أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ، مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّل... كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَال صَالِحَةٍ“ (1تيموثاوس 9:2-10).
والآن، ما هو واجبك يا خادم الإنجيل، إن كنت بالحقيقة مدعوّاً من الله لخدمته؟ واجبك أن ترفع صوتك كبوق، وتفعل كما فعل ”جوناثان إدوارد“ حين وعظ موعظته المشهورة ”الخطاة في يد إله غضبان“.. ومن قوة حضور الروح القدس، ساد الخوف والرهبة على الحاضرين... فاختبأوا تحت مقاعد الكنيسة من شدة الخوف.. صارخين إلى الرب أن يخلصهم.
1- ارفع صوتك كبوق ضد الخطايا الاجتماعية
لا شك أنك ترى مدى التدهور الأخلاقي الذي انحدر إليه المجتمع المعاصر.. واللوم على خدام الإنجيل الذين لم يقودوا رعيتهم إلى المراعي الخضراء ليأكلوا ويتعمّقوا في معرفة الرب ويعيشوا كما يحق للرب، ولإنجيل المسيح.. فيراهم المجتمع ويخجل من قباحاته، وبدلاً من أن ترفع كنيسة المسيح المجتمع الفاسد انحدرت إلى مستواه.. وانتشرت وسطها شتى أنواع الخطايا. فيا خادم الإنجيل.. ارفع صوتك كبوق وأخبر شعب الرب بتعدّيهم وكنيسة الرب بخطاياهم.
قال الرب لحزقيال النبي: ”وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، هَلْ تَدِينُ، هَلْ تَدِينُ مَدِينَةَ الدِّمَاءِ؟ فَعَرِّفْهَا كُلَّ رَجَاسَاتِهَا... فِيكِ أَهَانُوا أَبًا وَأُمًّا. فِي وَسْطِكِ عَامَلُوا الْغَرِيبَ بِالظُّلْمِ. فِيكِ اضْطَهَدُوا الْيَتِيمَ وَالأَرْمَلَةَ... فِي وَسْطِكِ عَمِلُوا رَذِيلَةً. فِيكِ كَشَفَ الإِنْسَانُ عَوْرَةَ أَبِيهِ. فِيكِ أَذَلُّوا الْمُتَنَجِّسَةَ بِطَمْثِهَا. إِنْسَانٌ فَعَلَ الرِّجْسَ بِامْرَأَةِ قَرِيبِهِ. إِنْسَانٌ نَجَّسَ كَنَّتَهُ بِرَذِيلَةٍ. إِنْسَانٌ أَذَلَّ فِيكِ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ...“ (حزقيال 2:22-12).
هل تنطبق هذه الخطايا والرذائل والجرائم على ما ترى حولك اليوم؟ إذاً.. ارفع صوتك كبوق ضدّ هذه الخطايا الاجتماعية.
2- ارفع صوتك كبوق ضد الخطايا العائلية
إلى أي مستوى من التدهور وصلت الأسرة المسماة مسيحية؟ هل تسمع الألفاظ القذرة التي يتبادلها الزوجان بين جدران بيوتهم؟ هل ترى تمرّد الشبان والفتيات ضدّ كل الوصايا الكتابية في البيت الذي يُقال عنه إنه مسيحي؟ هل ترى تدهور الأولاد والبنات في عدم طاعتهم لوالديهم.. وفي انجرافهم وراء تيّار الشر في عالم اليوم... شرّ تعاطي المخدرات والمسكرات.. شرّ ممارسة الجنس في سن مبكرة جداً خارج دائرة الزواج.. الأمر الذي أدى إلى انتشار الأمراض التناسلية بشكل وبائي.. وازدياد عدد الأولاد والبنات الذين يولدون سفاحاً من اثنين لم يرتبطا بزواج مقدس ونزل بمستوى العلاقة الجنسية إلى درجة الحيوانية.. وأكاد أعتذر للحيوانات فأقول إلى درجة أقلّ من الحيوانية.
شر اعتداء الشبان الذكور على إخوتهم البنات في البيت الواحد. شر قساوة الزوج على زوجته.. وتمرّد الزوجة على زوجها.
كلمة الله تقول: ”أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا“ (أفسس 25:5)، وتصرفات الأزواج تجاه زوجاتهم تكاد تخلو من الحب!!
كلمة الله تقول: ”كَذلِكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، كُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِكُنَّ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لاَ يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ، يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ، مُلاَحِظِينَ سِيرَتَكُنَّ الطَّاهِرَةَ بِخَوْفٍ“ (1بطرس 1:3-2).
وتمرّد الزوجات في البيوت التي تُدعى مسيحية صار هو قاعدة التعامل مع أزواجهنّ.
من هنا انفتحت أبواب والخيانات الزوجية التي انتشرت حتى بين الذين يُدعون خدام الإنجيل. وواجبك يا خادم المسيح أن ترفع صوتك كبوق ضدّ الخطايا العائلية وأن يكون بيتك مثال البيت المسيحي الذي شعاره كلمات يشوع: ”وَأَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ“ (يشوع 15:24).
3- ارفع صوتك كبوق ضدّ الخطايا الكنسية
كنيسة هذه الأيام الأخيرة تدهورت تدهوراً شنيعاً جداً.. صار الكثيرون من خدامها أبواقاً لإذاعة مذمّة زملائهم ”وَمُشِيعُ الْمَذَمَّةِ هُوَ جَاهِلٌ“ (أمثال 18:10). وقد حذّر بولس الرسول من هذه الخطية فقال: ”فَإِذَا كُنْتُمْ تَنْهَشُونَ وَتَأْكُلُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، فَانْظُرُوا لِئَلاَّ تُفْنُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا“ (غلاطية 15:5). ومع خطية المذمّة بين الخدام، وبين أعضاء الكنيسة، خلت الكنيسة من المحبة المسيحية الحقيقية.. صارت نادياً يلتقي فيه من يُدعون مسيحيين لسماع رسالة كتابية أو غير كتابية ثم ينفضّ الاجتماع فيذهب كل واحد إلى طريقه.. لا توجد شركة مسيحية. نسينا تماماً وصية الرب يسوع: ”وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ“ (يوحنا 34:13-35).
المقياس الذي يجب ممارسته بين المؤمنين الحقيقيين هو مقياس حب يسوع لهم ”كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا“، ويسوع أحبنا حباً يفوق الوصف، أحبنا وأسلم نفسه للموت على الصليب من أجلنا.
إذا ساد هذا الحب في الكنيسة المحلية: ”فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ“ (1كورنثوس 26:12).
ولن تصل الكنيسة إلى هذا المقياس العالي إلا إذا امتلأ أعضاؤها بالروح القدس، كما قال بولس الرسول: ”امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ، مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ِللهِ وَالآبِ. خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ“ (أفسس 18:5-21).
ولهذا قال الواعظ الإنجليزي الأشهر ”تشارلز سبرجون“: ”إذا لم تمتلئ كنائسنا بالروح القدس، فالأفضل أن نغلقها ونضع على أبوابها صليباً أسوداً وعليه العبارة ”فليرحمنا الله“. يا خادم الإنجيل، ارفع صوتك كبوق وليبارك الرب خدمتك.
أخوكم في الخدمة المقدسة،
القس لبيب ميخائيل
