قال الرب يسوع لملاك كنيسة سميرنا: "كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ" (رؤيا 10:2). وتعني هذه الكلمات الثمينة: كن أميناً حتى إذا كلّفتك أمانتك التضحية بحياتك، فسأعطيك إكليل الحياة.
وخادم الإنجيل يجب أن يتّصف بالأمانة في كل دوائر حياته التي سأذكر بعضها فيما يلي:
1- كن أميناً في خدمتك
نحن في زمن شرير يقول الناس فيه لخدام الإنجيل ما قاله إشعياء عن الشعب المتمرّد: "الَّذِينَ يَقُولُونَ لِلرَّائِينَ: لاَ تَرَوْا، وَلِلنَّاظِرِينَ: لاَ تَنْظُرُوا لَنَا مُسْتَقِيمَاتٍ. كَلِّمُونَا بِالنَّاعِمَاتِ. انْظُرُوا مُخَادِعَاتٍ. حِيدُوا عَنِ الطَّرِيقِ. مِيلُوا عَنِ السَّبِيلِ. اعْزِلُوا مِنْ أَمَامِنَا قُدُّوسَ إِسْرَائِيلَ"
(إشعياء 10:30-11).
وما قاله بولس عن رواد الكنائس في الأيام الأخيرة "لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ" (2تيموثاوس 3:4-4).
في هذا الزمان الرديء يجب ان تكون أميناً في خدمتك، وتقدم للناس كلمة الله بلا غش، وتوبّخ، وتنتهر، وتعظ بلا خوف متمثّلاً بالرب يسوع الذي نطق بالويلات على الكتبة والفريسيين المرائين.
تكلم عن الدينونة العتيدة أن تكون... تكلم عن الخطية وأجرتها المرّة... تكلم عن غضب الله المنصب على الذين يمارسون الشذوذ الجنسي من الرجال والنساء. لا تخف بل تكلّم ولا تصمت.
2- كن أميناً في معاملاتك
الناس تثق فيك باعتبارك خادماً للمسيح، فلا تعثرهم بتصرفاتك، ولا تستغلّ ثقتهم فيك.
لقد نادى يسوع بالويل على الذين يستغلّون ثقة الناس فيهم فقال: "وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ" (متى 14:23).
لتكن كلمتك أكثر قيمة من أي إيصال تعطيه لآخرين. وإن كنت مديوناً لأحد فسدّد دينك في أقرب فرصة ممكنة. إن حياتك وصدق معاملاتك تؤكد صدق رسالتك.
3- كن أميناً في مال الله الذي في حوزتك وفي رعاية رعيتك
في المثل المعروف باسم مثل "وكيل الظلم"، تكلم المسيح عن الغني الذي استخدم وكيلاً بذَّر أمواله، وأنهى يسوع حديثه عن هذا الوكيل الظالم بالكلمات: "اَلأَمِينُ فِي الْقَلِيلِ أَمِينٌ أَيْضًا فِي الْكَثِيرِ، وَالظَّالِمُ فِي الْقَلِيلِ ظَالِمٌ أَيْضًا فِي الْكَثِيرِ. فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَالِ الظُّلْمِ، فَمَنْ يَأْتَمِنُكُمْ عَلَى الْحَقِّ؟ وَإِنْ لَمْ تَكُونُوا أُمَنَاءَ فِي مَا هُوَ لِلْغَيْرِ، فَمَنْ يُعْطِيكُمْ مَا هُوَ لَكُمْ؟ لاَ يَقْدِرُ خَادِمٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ" (لوقا 10:16-13).
كم من كنائس تدهورت، وتزحزحت منارتها بسبب عدم أمانة خادم الرب في المال الذي تحت يده!! فكن أميناً في مال الرب الذي في حوزتك! وكن أميناً في رعاية الرعية التي أقامك الرب عليها.
قال الرب يسوع لتلاميذه: "لِتَكُنْ أَحْقَاؤُكُمْ مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُكُمْ مُوقَدَةً، وَأَنْتُمْ مِثْلُ أُنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ سَيِّدَهُمْ مَتَى يَرْجعُ مِنَ الْعُرْسِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ وَقَرَعَ يَفْتَحُونَ لَهُ لِلْوَقْتِ. طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدُمُهُمْ. وَإِنْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّانِي أَوْ أَتَى فِي الْهَزِيعِ الثَّالِثِ وَوَجَدَهُمْ هكَذَا، فَطُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ. وَإِنَّمَا اعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي السَّارِقُ لَسَهِرَ، وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ. فَقَالَ لَهُ بُطْرُسُ: يَارَبُّ، أَلَنَا تَقُولُ هذَا الْمَثَلَ أَمْ لِلْجَمِيعِ أَيْضًا؟ فَقَالَ الرَّبُّ: فَمَنْ هُوَ الْوَكِيلُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الْعُلُوفَةَ فِي حِينِهَا؟ طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! بِالْحَقِّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ" (لوقا 35:12-44).
كن راعياً أميناً لرعية الله، واذكر ما قاله الرب: "وَيْلٌ لِلرُّعَاةِ الَّذِينَ يُهْلِكُونَ وَيُبَدِّدُونَ غَنَمَ رَعِيَّتِي، يَقُولُ الرَّبُّ" (إرميا 1:23). واحذر أن تكون مثل أولئك الذين قال الرب عنهم: "وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ، وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. صَارُوا لِي كُلُّهُمْ كَسَدُومَ، وَسُكَّانُهَا كَعَمُورَةَ. لِذلِكَ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ عَنِ الأَنْبِيَاءِ: هأَنَذَا أُطْعِمُهُمْ أَفْسَنْتِينًا وَأَسْقِيهِمْ مَاءَ الْعَلْقَمِ، لأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ خَرَجَ نِفَاقٌ فِي كُلِّ الأَرْضِ" (إرميا 14:23-15).
إن خدمة خادم المسيح الأمين حساسة جداً... إنها ترتبط بمصير النفوس التي يرعاها ويخدمها..
فاذكر كلمات بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "اجْتَهِدْ أَنْ تُقِيمَ نَفْسَكَ ِللهِ مُزَكُى، عَامِلاً لاَ يُخْزَى، مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الْحَقِّ بِالاسْتِقَامَةِ... أَمَّا الشَّهَوَاتُ الشَّبَابِيَّةُ فَاهْرُبْ مِنْهَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالسَّلاَمَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ الرَّبَّ مِنْ قَلْبٍ نَقِيٍّ" (2تيموثاوس 15:2 و22). "لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ" (1تيموثاوس 12:4).
4- كن أميناً مع نفسك
من الحين للحين اجلس مع نفسك وامتحن دوافعك.
ما هي دوافعك؟ الشهرة؟ كسب احترام الناس؟ إظهار مدى معرفتك؟ الإعلان عن نفسك؟ أم أنك تقول مع بولس الرسول: "وَلكِنْ لَنَا هذَا الْكَنْزُ فِي أَوَانٍ خَزَفِيَّةٍ، لِيَكُونَ فَضْلُ الْقُوَّةِ ِللهِ لاَ مِنَّا" (2كورنثوس 7:4).
اذكر أنه سيأتي اليوم، ومجيئه قريب، وفيه سيكشف الرب دوافع قلبك، وهذا ما قاله بولس الرسول: "إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ" (1كورنثوس 5:4).
فكن أميناً في خدمتك، وكن أميناً في معاملاتك، وكن أميناً في مال الله الذي في حوزتك وفي رعاية رعيتك، وكن أميناً مع نفسك..
والرب يباركك.
شريككم في الخدمة المقدسة
القس لبيب ميخائيل