سقط الملك "أخزيا" ملك إسرائيل من الكوّة التي في عليته في السامرة فمرض، وبدلاً من أن يسأل إله إسرائيل الحي، أرسل رسلاً ليسألوا "بعل زبوب" إله الذباب إن كان سيبرأ من مرضه.. وصعد إيليا النبي للقاء رسل ملك السامرة وقال لهم: "أليس لأَنَّهُ لاَ يُوجَدُ فِي إِسْرَائِيلَ إِلهٌ، تَذْهَبُونَ لِتَسْأَلُوا بَعْلَ زَبُوبَ... فَلِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: إِنَّ السَّرِيرَ الَّذِي صَعِدْتَ عَلَيْهِ لاَ تَنْزِلُ عَنْهُ بَلْ مَوْتًا تَمُوتُ" (2ملوك 3:2-4).
وأرسل الملك أخزيا رئيس خمسين مع الخمسين الذين له للقبض على إيليا، "فَصَعِدَ إِلَيْهِ وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ. فَقَالَ لَهُ: يَا رَجُلَ اللهِ، الْمَلِكُ يَقُولُ انْزِلْ. فَأَجَابَ إِيلِيَّا وَقَالَ لِرَئِيسَ الْخَمْسِينَ: إِنْ كُنْتُ أَنَا رَجُلَ اللهِ، فَلْتَنْزِلْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ وَتَأْكُلْكَ أَنْتَ وَالْخَمْسِينَ الَّذِينَ لَكَ. فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُ هُوَ وَالْخَمْسِينَ الَّذِينَ لَهُ" (2ملوك 9:1-10).
وقد سألت نفسي: "إن كنت أنا رجل الله، فما هي الصفات التي يجب أن أتّصف بها؟!"
ووجدت الإجابة فيما يلي من سطور:
(1) إن كنت أنا رجل الله فينبغي أن أكون رجل الصلاة
"كَانَ إِيلِيَّا إِنْسَانًا تَحْتَ الآلاَمِ مِثْلَنَا، وَصَلَّى صَلاَةً أَنْ لاَ تُمْطِرَ، فَلَمْ تُمْطِرْ عَلَى الأَرْضِ ثَلاَثَ سِنِينَ وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ صَلَّى أَيْضًا، فَأَعْطَتِ السَّمَاءُ مَطَرًا، وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ ثَمَرَهَا" (يعقوب 17:5-18).
وسألت نفسي: هل استجاب الله صلاتي حين طلبت منه أموراً معيّنة، وشكرت الرب لأجل استجابته الكثير من صلواتي؟"
(2) إن كنت أنا رجل الله فينبغي أن لا أتلاعب ولا أسمح للذين أعطاني الرب أن أرعاهم بالتلاعب في موقفي مع الله وفي حقّ الله
"فَتَقَدَّمَ إِيلِيَّا إِلَى جَمِيعِ الشَّعْبِ وَقَالَ: حَتَّى مَتَى تَعْرُجُونَ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ؟ إِنْ كَانَ الرَّبُّ هُوَ اللهَ فَاتَّبِعُوهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْلُ فَاتَّبِعُوهُ"
(1ملوك 21:18).
مصيبة الكنائس في عصر الارتداد الذي نعيش فيه، هو تلاعب الذين يدّعون أنهم خدّام الإنجيل بالحق المعلن في كلمة الله.. وشعارهم "دع المحبة تسود حتى على حساب الحق".
كتب بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس: "وَلكِنَّ الرُّوحَ يَقُولُ صَرِيحًا: إِنَّهُ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ يَرْتَدُّ قَوْمٌ عَنِ الإِيمَانِ، تَابِعِينَ أَرْوَاحًا مُضِلَّةً وَتَعَالِيمَ شَيَاطِينَ" (1تيموثاوس 1:4). ولا شك أن الأرواح المضلّة نشطت كثيراً في هذا العصر.
لقد بدأت الأزمنة الأخيرة منذ بداية المسيحية (1بطرس 20:1). وانتشرت التعاليم المضادة لكلمة الله.. وكتب الرسل رسائلهم للرد على هذه التعاليم المضلة، فكتب بولس إلى تيموثاوس يقول:
"وَلكِنِ اعْلَمْ هذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضًى، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ ِللهِ، لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى، وَلكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا" (2تيموثاوس 1:3-5).
أمام هذه الصورة القاتمة للناس في الأيام الأخيرة يقول بولس لتيموثاوس بكلمات واضحة:
"فَأَعْرِضْ عَنْ هؤُلاَءِ" (2تيموثاوس 5:3).
هناك تعاليم مضادة لكلمة الله النقية، تقود الناس إلى الهلاك... هذه التعاليم لا تساهل ولا مهادنة معها.
الغفران ونوال الحياة الأبدية، بالإيمان وحده (أفسس 8:2).
نوال اختبار الميلاد الثاني، ليس بالمعمودية بالماء، بل بالإيمان الشخصي بيسوع المسيح ابن الله (يوحنا 12:1-13).
الاعتراف بالخطايا الفردية ليس لخدام الإنجيل مهما كان مركزهم بل لله وحده.
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُو (الرب وحده) أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ" (1يوحنا 9:1).
القديسون الذين رقدوا، لا قدرة لهم أن يُصلوا لأجلنا أو أن يأتوا لإنقاذنا أو معونتنا، فموتهم فصلهم تماماً عن كل ما هو تحت الشمس.
"لأَنَّ الأَحْيَاءَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ سَيَمُوتُونَ، أَمَّا الْمَوْتَى فَلاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا، وَلَيْسَ لَهُمْ أَجْرٌ بَعْدُ لأَنَّ ذِكْرَهُمْ نُسِيَ. وَمَحَبَّتُهُمْ وَبُغْضَتُهُمْ وَحَسَدُهُمْ هَلَكَتْ مُنْذُ زَمَانٍ، وَلاَ نَصِيبَ لَهُمْ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ، فِي كُلِّ مَا عُمِلَ تَحْتَ الشَّمْسِ" (جامعة 5:9-6).
قال بولس الرسول للمؤمنين في فيلبي:
"لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا. وَلكِنْ أَنْ أَبْقَى فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ" (فيلبي 23:1-24).
إنطلاق بولس الرسول ليكون مع المسيح أنهى خدمته تماماً للمؤمنين العائشين على الأرض.. فطلبُ المعونة من القديسين الذين رقدوا تجعل من هؤلاء القديسين آلهة.. وتسيء إلى الرب الذي قال: "اِذْبَحْ للهِ حَمْدًا، وَأَوْفِ الْعَلِيَّ نُذُورَكَ، وَادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي" (مزمور 14:50-15).
الشذوذ الجنسي وزواج الرجال بالرجال والنساء بالنساء رجس إذ قال الرب: "وَلاَ تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ امْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ" (لاويين 22:18). وأعلن بولس الرسول أن غضب الله معلن من السماء على الإناث اللواتي استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة (رومية 26:1).
كل هذه التعاليم تخالف كلمة الله، وتعطي لمن يصدقها رجاء وهمياً وتقود الملايين للهلاك الأبدي. ولا تلاعب أو مهادنة معها.
(3) إن كنت أنا رجل الله فينبغي أن أهرب من محبة المال في هذه الحياة
"وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا، وَاتْبَعِ الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَالإِيمَانَ وَالْمَحَبَّةَ وَالصَّبْرَ وَالْوَدَاعَةَ"
(1تيموثاوس 9:6-11).
الرغبة في الغنى تُسقط الناس في تجربة وفخّ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تُغرق الناس في العطب والهلاك.
ومحبة المال أصل لكل الشرور.. تقود إلى الضلال عن الإيمان وطعن الإنسان نفسه بأوجاع كثيرة.
قال الرب يسوع: "لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ" (متى 24:6).
(4) إن كنت أنا رجل الله فينبغي أن أعكف على قراءة كلمة الله
كتب بولس لتيموثاوس: "وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ. وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ" (2تيموثاوس 14:3-17).
كم أشكر إلهي، لأنه قادني منذ بداية خدمتي لقراءة كلمته، وليس فقط لقراءتها بل لحفظها عن ظهر قلب... وإذا كانت خدمتي مثمرة فلأنها مؤسسة على كلمة الله.
كان دانيآل النبي، رجلاً من رجال الله المحبوبين، وقد قرأ ودرس النبوات، وفهم منها بالضبط عدد السنين التي أوحاها الرب إلى إرميا النبي لكمالة سبعين سنة على خراب أورشليم (دانيآل 1:9-2).
وأنا أحببت الأسفار النبوية، لأنها ترينا علامات النهاية، وتدفعنا أن نكون مستعدين لعودة ربنا. وقد كتب بولس الرسول للقديسين في تسالونيكي قائلاً:
"وَأَمَّا الأَزْمِنَةُ وَالأَوْقَاتُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا، لأَنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِالتَّحْقِيقِ أَنَّ يَوْمَ الرَّبِّ كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ هكَذَا يَجِيءُ. لأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: سَلاَمٌ وَأَمَانٌ، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلاَكٌ بَغْتَةً، كَالْمَخَاضِ لِلْحُبْلَى، فَلاَ يَنْجُونَ. وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلَسْتُمْ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ كَلَِصٍّ" (1تس 1:5-4).
ضع نفسك مكاني، واسأل نفسك السؤال الذي سألته لنفسي وردد الكلمات:
إن كنت أنا رجل الله فينبغي أن أكون رجل الصلاة.
إن كنت أنا رجل الله فلن أتلاعب بخصوص موقفي مع الله وحق الله.
إن كنت أنا رجل الله فينبغي أن أهرب من محبة المال في هذه الحياة.
إن كنت أنا رجل الله فينبغي أن أعكف على قراءة ودراسة كلمة الله.
طبّق هذه الصفات على نفسك وليباركك الرب يسوع المسيح.
زميلك في الخدمة المقدسة
الدكتور القس لبيب ميخائيل