عنوان هذه الرسالة لم أضعه أنا، لكنه عنوان رسالة ألقاها الزميل الدكتور القس رائف عزب في مؤتمر الخدام العرب الذي عُقد هذا العام 2009، وسأذكر التحديات التي ذكرها باختصار:
التحدي الأول: خادم الرب وسلطانه الروحي
وكيف أن الخادم حين يستقل في اتخاذ القرار يعطل خلق جيل جديد، ويعطل ظهور مواهب جديدة، ويتعب هو شخصياً.
التحدي الثاني: عدم إعطاء الراعي حقه في الرعاية
إن دور الراعي هو أن يرعى الجماعة، ويراقب ما يحدث في كنيسته، ويحمي الكنيسة التي يرعاها من التعاليم المناقضة لكلمة الله.
التحدي الثالث: التأديب الكنسي
التأديب الكنسي مبدأ كتابي، فمن يخطئ خطية تشين سمعة الكنيسة يجب أن يؤدَّب حتى لدرجة العزل من الكنيسة (متى 15:18-20؛ و1كو 3:5-5، 13). ويجب أن يكون للراعي السلطان أن يقدِّم مثل هذا العضو للمحاكمة والتأديب.
التحدي الرابع: رؤية الراعي في الخدمة
وبولس الرسول هو مثال جميل لهذه الرؤية.
فقد كانت رؤيته بدموع (أعمال 19:20)، وكانت رؤيته متسعة فوصلت إلى كل بيت (أعمال 20:20). فهو لم يميّز بين إنسان وإنسان، فمن حق كل إنسان أن يعرف طريق الخلاص، وأن يذهب إلى السماء. إن على خادم الإنجيل المدعو من الله أن يوصّل رسالة الخلاص إلى شهود يهوه، والمورمون، والكنائس التقليدية، وأن يدرّب أشخاصاً يذهبون إلى العالم أجمع ويكرزون بالإنجيل للخليقة كلها.
التحدي الخامس: تحدي حقيقة دعوة الخادم للخدمة
فهناك خدام دعوا أنفسهم، وهناك خدام دعاهم الناس، وهناك خدام دعاهم الله.
وإذا أدرك خادم من خدام الإنجيل أنه يجب أن يترك الخدمة لأنه غير مدعو من الله... فعلى الكنيسة أن تقبل اعتزاله عن الخدمة ولا ترى في ذلك ما يشينه.
ثم يأتي وقت شيخوخة الخادم، وإحساسه أنه لا يقدر جسدياً في ضعفه أن يستمرّ في خدمته... ولا يجب أن يُقلِّل هذا من مكانته وكرامته. وهناك مسئولية على الخدام الذين شاخوا وهي مسئولية تدريب جيل جديد ليحمل الرسالة بعدهم.
واعتزال الخادم حين يشعر بضعف صحته، وقدرته الجسدية لا يجب أن يشين سمعته.. وتدريبه لجيل جديد من الشبان جزء من مسئوليته.
التحدي السادس: المساومة والمحاباة على حساب الخدمة
إن يعقوب يحذّر في رسالته من خطر المساومة والمحاباة. وبعض الخدام يساومون فيعطون مراكز هامة لأشخاص، لسبب أن هؤلاء الأشخاص يدفعون مبالغ أكبر من غيرهم، مع أنهم غير مؤهلين روحياً أو علمياً لمراكز قيادية في الكنيسة. وبعض الخدام يساومون لسبب وجود عائلات كثيرة العدد، إذا خرج واحد خرج معه كثيرون، ولذا فهو يعطيه مركزاً قيادياً في الكنيسة لا يستحقه خوفاً من خروجه ومعه عائلته.
لقد طرح الدكتور رائف عزب القضايا على المؤتمرين لدراستها وإعطاء رأيهم فيها.. ورسالته رسالة عملية بلا شك تستحق الدراسة. وأضيف إلى ما قاله الدكتور رائف عزب، الأسباب التالية لتدهور الكنيسة في بلاد المهجر:
السبب الأول: السعي الجنوني للحصول على الدولارات الأمريكية
لقد صارت خدمة بعض خدام الإنجيل، خدمة تجارية. فهم يظنون "أن التقوى تجارة" (1تيموثاوس 5:6)، ويستخدمون شتى الأساليب المحلّلة والمحرّمة للحصول على الدولار، ونسوا كلمات بولس الرسول "وَأَمَّا الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَكُونُوا أَغْنِيَاءَ، فَيَسْقُطُونَ فِي تَجْرِبَةٍ وَفَخٍّ وَشَهَوَاتٍ كَثِيرَةٍ غَبِيَّةٍ وَمُضِرَّةٍ، تُغَرِّقُ النَّاسَ فِي الْعَطَبِ وَالْهَلاَكِ. لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا إِنْسَانَ اللهِ فَاهْرُبْ مِنْ هذَا" (1تيموثاوس 9:6-11).
السبب الثاني: إباحة شتى العلاقات الجنسية
لقد شابهت كنائس اليوم كنيسة كورنثوس التي كتب لها بولس الرسول قائلاً: "يُسْمَعُ مُطْلَقًا أَنَّ بَيْنَكُمْ زِنًى" (1كورنثوس 1:5). خطية الزنى تفشّت بشكل وبائي في كثير من الكنائس، ولا فرق هنا بين الرجل والمرأة.. فكلاهما استسلما للتيار، وهبطوا إلى الحضيض، ونسوا أن هذه الخطية أسماها يوسف الشر العظيم حين قال لزوجة فوطيفار: "فَكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟" (تكوين 9:39).
لقد ازدادت نسبة الطلاق بين المتكلمين بالعربية بصورة رهيبة، ومعظم الطلاق يحدث بسبب ارتكاب أحد الزوجين خطية الزنى.
وفي اعتقادي أن المنابر مسئولة عن تفشي هذا الشر العظيم، وأن من واجب رعاة الكنائس أن يدينوا هذه الخطية، ويصوّروا لرعيتهم سواد نتائجها.
السبب الثالث: إهمال قراءة الكلمة الإلهية
أكاد أقول التوقّف عن قراءة "الكلمة الإلهية"، فالبيوت التي تُسمّى مسيحية توقّفت عن قراءة كلمة الله.. وأصبح الكتاب المقدس مجرد كتاب يغطيه التراب. والمواظبة على قراءة الكتاب المقدس قراءة يومية، ومشاركة الأولاد والبنات في قراءة كلمة الله هي الوسيلة التي تحفظ البيت من التدهور والنجاسات.
قال كاتب المزمور: "بِمَ يُزَكِّي الشَّابُّ طَرِيقَهُ؟ بِحِفْظِهِ إِيَّاهُ حَسَبَ كَلاَمِكَ... خَبَّأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْلاَ أُخْطِئَ إِلَيْكَ" (مزمور 9:119 و11).
فالجهل بما يحويه الكتاب المقدس، يقود إلى الضلال والانحراف، "قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ" (هوشع 6:4).
إن من واجب خادم الإنجيل التأكد من أن أفراد رعيته يقرأون الكتاب المقدس ويفهمونه.
السبب الرابع: الإهمال التام للصلاة السرية
الصلاة تعني استمرار صلتنا بالرب، وحين نتوقّف عن الصلاة السرية تنقطع شركتنا مع إلهنا.
لقد اعتبر صموئيل النبي التوقّف عن الصلاة خطية إلى الرب فقال: "وَأَمَّا أَنَا فَحَاشَا لِي أَنْ أُخْطِئَ إِلَى الرَّبِّ فَأَكُفَّ عَنِ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ، بَلْ أُعَلِّمُكُمُ الطَّرِيقَ الصَّالِحَ الْمُسْتَقِيمَ" (1صموئيل 23:12). وسفر المزامير هو سفر الصلاة، نقرأ فيه كثيراً الكلمات "اِسْمَعْ يَا اَللهُ صُرَاخِي، وَاصْغَ إِلَى صَلاَتِي"
(مزمور 1:61)؛ "اِسْتَمِعْ يَا اَللهُ صَوْتِي فِي شَكْوَايَ" (مزمور 1:64)؛ "صَوْتِي إِلَى اللهِ فَأَصْرُخُ. صَوْتِي إِلَى اللهِ فَأَصْغَى إِلَيَّ"
(مزمور 1:77).
وقال الرب يسوع لتلاميذه: "يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ" (لوقا 1:18). الكتاب المقدس كله كتاب الصلاة.. كان إيليا رجل الصلاة.. وقبله كان موسى رجل الصلاة.. وحنة أم صموئيل عرفت معنى الصلاة وقالت لعالي الكاهن: "إني امرأة حزينة الروح.. أسكب نفسي أمام الرب"
(1صموئيل 15:1). فالصلاة هي سكب النفس أمام الرب..
وحين تكون الصلاة عادتنا، وخطوط الصلاة مفتوحة بيننا وبين إلهنا، فنحن نستطيع أن نصلي في أي مكان، وأي ظرف.. ونفرح باستجابة الله لصلواتنا ويتقوّى ويزداد إيماننا.
فلنذكر أن هناك أربعة أسباب لتدهور الكنيسة في المهجر:
السعي الجنوني للحصول على الدولارات الأمريكية، إباحة شتى العلاقات الجنسية، التوقّف عن قراءة الكلمة الإلهية والإهمال التام للصلاة السرية.
إن كانت هذه الخطايا في حياتنا، فلنتب عنها... وليترأّف الله على الكنيسة ويرحمها.
زميلك في الخدمة المقدسة
القس لبيب ميخائيل