في كنيستك بطرس ويوحنا وتوما ويهوذا
قبل أن أبدأ رسالتي إليك، اذكر لك هذه الآيات: ”ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ. وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هذِهِ: اَلأَوَّلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ. فِيلُبُّسُ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا، وَمَتَّى الْعَشَّارُ.
يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ. سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ“ (متى 1:10-4). هذه المجموعة من تلاميذ يسوع تمثل كنيستك التي ترعاها، وإذا عرفت شخصية كل واحد منهم، فستعرف كيف تتعامل معهم وتحفظ كنيستك من الانشقاقات.
1- أول هذه الجماعة سمعان الذي يُقال له بطرس
وبطرس كانت الصفة البارزة فيه الاندفاع... فعندما جاء يسوع للتلاميذ وهم في السفينة ماشياً على الماء وقال لهم: ”تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا. فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ، فَمُرْني أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ. فَقَالَ: تَعَالَ. فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ“ (متى 27:14-29). كان ما فعله بطرس اندفاعاً يتفق مع طبيعة شخصيته، ولكن لما رأى الريح شديدة خاف وابتدأ يغرق.
ومرة ثانية نرى اندفاع بطرس حين قال يسوع لتلاميذه: ”كُلُّكُمْ تَشُكُّونَ فِيَّ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ... فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: وَإِنْ شَكَّ فِيكَ الْجَمِيعُ فَأَنَا لاَ أَشُكُّ أَبَدًا“ (متى 31:26 و33)، وبعد ذلك أنكر معرفته بيسوع.
ومرة ثالثة ظهر اندفاع بطرس حين جاء جمع كثير للقبض على يسوع، إذ استلّ سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه..
اشتهر بطرس بالاندفاع في كلامه وتصرفاته. وستجد بين أعضاء كنيستك واحداً مثله، فتعلّم كيف تتعامل معه.
2- الشخص الثاني في هذه الجماعة هو يوحنا، ونضيف إليه أخاه يعقوب
وقد أطلق عليهما يسوع اسم ”بوانرجس أي ابنَي الرعد“ (مرقس 17:3).
هذا يعني أنهما كانا سريعَي الغضب.. وقد ظهر هذا حين رفضت قرية للسامريين قبول يسوع ”فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ تِلْمِيذَاهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، قَالاَ: يَارَبُّ، أَتُرِيدُ أَنْ نَقُولَ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتُفْنِيَهُمْ... فَالْتَفَتَ وَانْتَهَرَهُمَا وَقَالَ: لَسْتُمَا تَعْلَمَانِ مِنْ أَيِّ رُوحٍ أَنْتُمَا“ (لوقا 53:9-56).
وستجد بين أعضاء كنيستك أشخاصاً بنفس هذه الصفة، يغضبون لأي تصرّف لا يعجبهم، وتعلو أصواتهم كالرعد.. تحتاج لحكمة سماوية لتتعامل مع مثل هؤلاء.
3- الشخص الثالث: توما
الصفة الظاهرة في توما هي الشك، فبعد أن قام يسوع وظهر لتلاميذه في العلية، لم يكن توما معهم، فلما جاء قال له التلاميذ الذين رأوا الرب بعد قيامته: ”قد رأينا الرب“. ولكن توما شك في قولهم: ”فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ“ (يوحنا 25:20).
توما مثال الشك، وقد احترم الرب شكه لأنه شكٌّ مخلص، شك إنسان يبحث بإخلاص عن الحق.
”وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلاً وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: سَلاَمٌ لَكُمْ! ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا“ (يوحنا 26:20-27).
وحين رأى توما جروح المسيح قال له: ”ربي وإلهي“ (يوحنا 28:20). وقد ظهر شك توما قبل ذلك حين قال ليسوع: ”يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي“ (يوحنا 5:14-6).
ستجد بين أعضاء كنيستك ”توما“، فلا تنزعج، بل ليكن وجوده سبباً في دراسة أعمق لكلمة الله، وبحث أعمق عن الحقائق الموجودة في الكتاب المقدس لتعطي للمتشكّكين الدليل القاطع الذي يجعلهم يهتفون، وقد ظهر لهم المسيح بمجده: ”ربي وإلهي“.
وكم من مرات كان الشك البريء سبباً في إعلان سماوي يقود من يشك إلى الإيمان القوي.
4- الشخص الرابع هو فيلبس
والصفة التي تميّز فيلبس هي أنه لا يكتفي بأقلّ من معرفة الآب والتمتّع برؤيته.
قال يسوع لتلاميذه في حديثه الأخير معهم:
”لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ. قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا. قَالَ لَهُ يَسُوعُ: أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟“
(يوحنا 7:14-9).
ستجد بين أعضاء كنيستك من له الشوق أن يرى الآب، وعليك أن تقوده وتساعده لتشبع هذه الأشواق المقدسة التي في قلبه.
5- الشخص الخامس هو أندراوس
والصفة التي تميّز بها أندراوس هي صداقته للصغار.
ذات يوم تبع يسوع جمع كثير لأنهم أبصروا معجزاته التي كان يصنعها في المرضى، وأراد يسوع أن يمتحن فيلبس فقال له:
”مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟... أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ: لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَسِيرًا“ (يوحنا 5:6 و7).
هنا تقدّم أندراوس أخو سمعان بطرس وقال ليسوع: ”هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِنْ مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟“ (يو 9:6).
عرف أندراوس ما مع الغلام لأنه صادق هذا الغلام... ووصلت صداقته معه أن قال له الغلام أنه مستعد أن يعطي ما معه من طعام ليسوع.
ستجد في كنيستك أعضاء يحبون الصغار، ويعتنون بهم، ويربحون ثقتهم... استخدم هؤلاء في صفوف مدارس الأحد للصغار.
6- الشخص السادس يهوذا الإسخريوطي
كان يهوذا أميناً للصندوق، وكان لصاً يسرق ما يُلقى فيه (يوحنا 3:12-6). وكان خائناً، وقد دخله الشيطان وألقى في قلبه أن يسلّم يسوع (يوحنا 2:13 و27). ولم يكن مؤمناً كما ذكر يسوع في كلماته: ”وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ“ (يوحنا 64:6).
سيكون أمثال يهوذا في كنيستك سبب إزعاج لك، وربما يتسببون في تركك للكنيسة التي ترعاها. لا تحزن، فقد عمل يهوذا هذا مع يسوع.
7- الدائرة السابعة مكوّنة من متى العشار، ويعقوب بن حلفى، ولباوس، وبرثولماوس وسمعان القانوي
هؤلاء أعضاء يخدمون في صمت، لا يثيرون المتاعب، ولا يحدثون الانشقاقات، وأمثال هؤلاء بركة عظيمة في كنيستك.
اعرفْ شخصية كل واحد من أعضاء كنيستك، وتعامل معه بالحكمة السماوية لكي تحفظ كنيستك من الانشقاقات والعثرات.
والرب يهبك الحكمة ويقوّيك.
زميلك في الخدمة المقدسة،
القس لبيب ميخائيل
