مادة هذه الرسالة أملاها عليّ بالتليفون القس جاد غريب، وكل ما قمت به هو ملء ما بين نقط الرسالة الرئيسية..
لا شك أننا نعيش في أيام خطيرة، والعالم كله من شرقه وغربه وشماله وجنوبه مُقبل على كوارث مالية، واجتماعية، وصحية، وواجب الكنائس الأمينة أن تعرف دوائر الضعف فيها وأن تسرع بمعالجتها حتى يرحم الله شعبه، وهي:
1- دائرة ضعف معرفة كلمة الله
الألوف كدت أقول الملايين يذهبون إلى الكنائس كل يوم أحد ويسمعون ما يقوله المنبر، ولكنهم في جهل مُعيب بكلمة الله... والسبب هو أن المنبر لا يقدم لهم الكلمة المقدسة التي بلا غش.
إنه من المؤسف أن أعضاء الكنائس لا يعرفون الحقائق الخاصة بالإيمان بالرب يسوع المسيح. لا يعرفون معنى الخلاص، ولا ما يقوله الكتاب المقدس عن لاهوت ربنا يسوع المسيح، ولا معنى ووقت معمودية الماء، ولا حقيقة عشاء الرب، ولا ما يؤكد وحي الكتاب المقدس. لقد ساد الجهل بالحقائق الكتابية كنائس العصر الحاضر، وقد قال الرب في سفر هوشع: "قد هلك شعبي من عدم المعرفة" (هوشع 6:4)، والمسؤولية في هذه الدائرة تقع على الرعاة.
2- دائرة ضعف حياة الصلاة
الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد يحث المؤمنين على الصلاة، ففي سفر يوئيل نقرأ الكلمات: "وَلكِنِ الآنَ، يَقُولُ الرَّبُّ، ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ. وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ" (يوئيل 12:2-13).
وفي العهد الجديد نقرأ كلمات الرسل: "فَدَعَا الاثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا:«لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ... وَأَمَّا نَحْنُ فَنُواظِبُ عَلَى الصَّلاَةِ وَخِدْمَةِ الْكَلِمَةِ" (أعمال 2:6 و4).
ونقرأ كلمات بولس الرسول: "مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ"
(أفسس 18:6)، "صلوا بلا انقطاع" (1تسالونيكي 17:5)، ونقرأ كلمات يعقوب: "اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم. اتضعوا قدام الرب فيرفعكم"
(يعقوب 8:4 و10).
لقد كانت الكنيسة الأولى تحل أزماتها بالصلاة، فلما قتل الملك هيرودس يعقوب أخا يوحنا بالسيف، وقبض على بطرس ناويًا أن يقدمه بعد الفصح إلى الشعب "وَأَمَّا الْكَنِيسَةُ فَكَانَتْ تَصِيرُ مِنْهَا صَلاَةٌ بِلَجَاجَةٍ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِهِ" (أعمال 5:12).
هناك إهمال ظاهر في حياة الصلاة في كنائس هذا العصر، ويجهل الكثيرون من المؤمنين أن الصلاة المقتدرة هي طريق حل الأزمات التي تمر بها الكنائس، ويمر بها المؤمنون.
3- دائرة ضعف الشهادة للمسيح
الشهادة للمسيح تقوم على أساسين:
الأساس الأول هو الاختبار الشخصي
لما وهب المسيح البصر للإنسان الذي كان أعمى منذ ولادته، وأتوا به إلى الفريسيين، وقال له الفريسيون: نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ، "فَأَجَابَ ذَاكَ وَقَالَ:«أَخَاطِئٌ هُوَ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. إِنَّمَا أَعْلَمُ شَيْئًا وَاحِدًا: أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ»" (يوحنا 25:9). فالاختبار الشخصي للخلاص بالإيمان بالمسيح المصلوب هو الأساس الأول للشهادة للمسيح.
الشرير لا يصح له أن يشهد للمسيح، "وَلِلشِّرِّيرِ قَالَ اللهُ: «مَا لَكَ تُحَدِّثُ بِفَرَائِضِي وَتَحْمِلُ عَهْدِي عَلَى فَمِكَ؟ وَأَنْتَ قَدْ أَبْغَضْتَ التَّأْدِيبَ وَأَلْقَيْتَ كَلاَمِي خَلْفَكَ. إِذَا رَأَيْتَ سَارِقًا وَافَقْتَهُ، وَمَعَ الزُّنَاةِ نَصِيبُكَ. أَطْلَقْتَ فَمَكَ بِالشَّرِّ، وَلِسَانُكَ يَخْتَرِعُ غِشًّا. تَجْلِسُ تَتَكَلَّمُ عَلَى أَخِيكَ. لابْنِ أُمِّكَ تَضَعُ مَعْثَرَةً. هذِهِ صَنَعْتَ وَسَكَتُّ. ظَنَنْتَ أَنِّي مِثْلُكَ. أُوَبِّخُكَ، وَأَصُفُّ خَطَايَاكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ. افْهَمُوا هذَا يَا أَيُّهَا النَّاسُونَ اللهَ، لِئَلاَّ أَفْتَرِسَكُمْ وَلاَ مُنْقِذَ"
(مزمور 16:50-22).
الشهادة الصحيحة للمسيح هي شهادة من اختبر بالحق خلاص الله بالإيمان بالمسيح المصلوب.
الأساس الثاني هو المعرفة الجيدة للكتاب المقدس
من واجب الرعاة أن يدربوا الأمناء من أعضاء كنائسهم للشهادة للمسيح. وأنا لا أشجع أن يشهد المؤمن للمسيح — وبالأخص الشهادة لأصحاب الديانات الأخرى — دون تدريب وتلمذة حقيقية، ومعرفة واضحة لكل العقائد الكتابية:
المعرفة الخاصة بالله الجامع في وحدانيته
المعرفة بالأدلة القوية على وحي الكتاب المقدس وخلوّه من التناقض، وعدم تعرضه للتحريف
المعرفة الخاصة بضرورة موت المسيح مصلوبًا لفداء الخطاة
المعرفة الكتابية لحقيقة الخلاص بالنعمة بدون أعمال صالحة
المعرفة الكتابية بعمل الروح القدس في خلاص الخطاة وتقوية المؤمنين.
وهناك دوائر تعليمية أخرى يجب أن يتعلمها من يريد أن يدخل ميدان ربح النفوس للمسيح، وهي الخاصة بمعمودية الماء، وعشاء الرب، والضمان الأبدي للمفديين.
4- دائرة ضعف العطاء لعمل الرب
لو حسبنا ما نصرفه على ملذاتنا الشخصية، ومظاهرنا، وأثاثات بيوتنا، بما نعطيه لدوائر خدمة الرب، وأوضحنا هذا لأعضاء كنائسنا، لعلت حمرة الخجل وجوههم!
الإلحاد ينتشر، والإسلام ينتشر، والديانات الإنسانية تنتشر، ورسالة الإنجيل الحقيقية في حاجة ماسة للمعونة المادية لأن المؤمنين البخلاء يمنعون ببخلهم في العطاء انتشارها.
أقول رسالة الإنجيل الحقيقية، لأن هناك رعاة محور رسالتهم إسكات ضمائر الناس، والتغاضي عن توبيخ خطايا العصر، وهؤلاء يزداد عدد الذين ينضمون إلى كنائسهم، ويزداد تبعًا لذلك دخلهم، وينتهي أعضاء كنائسهم نهاية الهالكين.
لقد سكتت منابر كثيرة عن خطايا العصر، ولم يرفع أحد صوته ضد خطية الشذوذ الجنسي التي وافق عليها رجال السياسة، مع أن خطية الشذوذ الجنسي يعلن الله القدوس غضبه على مرتكبيها.
"لأَنَّ غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ، لأَنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ، وَكَذلِكَ الذُّكُورُ
أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ، اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُورًا بِذُكُورٍ، وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ".
(رومية 18:1 و26-27)
لندقق في العطاء للرب، ونعطي حسب الطاقة وفوق الطاقة، لكن نعطي لمن ينادون برسالة الإنجيل النقية، ويوبخون الخطية. إن عطاءنا بلا تمييز، عطاء ضائع، وغير محسوب في موازين الله. لكن واجب الرعاة الأمناء تذكير أعضاء كنائسهم ليعطوا بسخاء لكل من ينادي بإنجيل المسيح، ويوبخ بصراحة خطايا العصر، ويعمل على الوصول للخطاة بالكلمة المطبوعة والكلمة المسموعة. ليتنا نعرف دوائر الضعف في كنائسنا كرعاة، ونعالج هذه الدوائر، لتصير كنائسنا بحق نورًا للعالم وملحًا للأرض.
شريككم في الخدمة المقدسة
القس لبيب ميخائيل