تكلم الرب يسوع المسيح عن الخمير أكثر من مرة... والخميرة هي العنصر الذي تضعه المرأة في أكيال الدقيق ليختمر الجميع.
والخمير يرمز إلى الشر المخبوء، أي الشر الذي يعمل في الخفاء، وهناك عدة أنواع من الخمير طلب المسيح أن نتحرز منها:
أولاً: خمير الفريسيين
وخمير الفريسيين هو الرياء كما قال المسيح “تحرزوا من خمير الفريسيين الذي هو الرياء” (لوقا 1:12). والرياء يعني تمثيل دور التقوى، واستخدام اسم الرب؛ والمرائي بعيد عن التقوى وعن الرب الذي يكرر ذكر اسمه. وقد قال المسيح للفريسيين: “ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبورًا مبيّضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة. هكذا أنتم أيضًا من خارج تظهرون للناس أبرارًا ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثمًا” (متى 27:23-28).
من هذا الخمير يجب أن يتحرز كل خادم للإنجيل.
ثانيًا: خمير الصدوقيين
وعن هذا الخمير قال المسيح لتلاميذه: “انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين.. أي من تعليم الفريسيين والصدوقيين” (متى 6:16 و12).
والصدوقيون يعلّمون أن ليس قيامة، فهم يعيشون للحاضر ولا رجاء لهم في حياة أبدية، ونقرأ عنهم:
“فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءَ إِلَيْهِ صَدُّوقِيُّونَ، الَّذِينَ يَقُولُونَ لَيْسَ قِيَامَةٌ، فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: يَا مُعَلِّمُ، قَالَ مُوسَى: إِنْ مَاتَ أَحَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَوْلاَدٌ، يَتَزَوَّجْ أَخُوهُ بِامْرَأَتِهِ وَيُقِمْ نَسْلاً لأَخِيهِ. فَكَانَ عِنْدَنَا سَبْعَةُ إِخْوَةٍ، وَتَزَوَّجَ الأَوَّلُ وَمَاتَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسْلٌ تَرَكَ امْرَأَتَهُ لأَخِيهِ. وَكَذلِكَ الثَّانِي وَالثَّالِثُ إِلَى السَّبْعَةِ. وَآخِرَ الْكُلِّ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ أَيْضًا. فَفِي الْقِيَامَةِ لِمَنْ مِنَ السَّبْعَةِ تَكُونُ زَوْجَةً؟ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِلْجَمِيعِ! فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ. لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِي السَّمَاءِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ: أَنَا إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ؟ لَيْسَ اللهُ إِلهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلهُ أَحْيَاءٍ” (متى 23:22-32).
أعلن المسيح بكلماته ضلال الصدوقيين بإنكارهم قيامة الأموات. وما أكثر الذين يعيشون للحاضر وينسون الأمور الأبدية.
ثالثًا: خمير هيرودس
تحدث المسيح إلى تلاميذه “وأوصاهم قائلاً: انظروا وتحرزوا من خمير الفريسيين وخمير هيرودس” (مرقس 15:8).
وخمير هيرودس هو خمير مزج السياسة بالديانة، فهيرودس مع كل شره وخطاياه أراد أن يجذب اليهود إليه فبنى لهم الهيكل... خلط الديانة بالسياسة لمصلحته الشخصية.
السياسة لعبة خطرة عبّر عنها ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العظمى الثانية بالكلمات: “وقفت أمام اللافتة الموضوعة على قبر الرجل السياسي، وقرأت الكلمات: هنا يرقد الرجل السياسي الذي كان أمينًا وصادقًا... وتعجبت كيف يكون سياسيًا وأمينًا وصادقًا في نفس الوقت”.
هناك خدام يديرون كنائسهم بالسياسة، ويثيرون بعض الأعضاء على البعض الآخر بالسياسة القائلة: “فرّق تسد”. والرب يحذرنا من خمير هيرودس... خمير خلط الديانة بالسياسة.
رابعًا: خميرة الشر والخبث
كتب بولس الرسول للمؤمنين في كورنثوس قائلاً: “ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة تخمّر العجين كله؟ إذًا نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجينًا جديدًا كما أنتم فطير. لأن فصحنا أيضًا المسيح قد ذُبح لأجلنا. إذًا لنعيّد ليس بخميرة الشر والخبث بل بفطير الإخلاص والحق” (1كورنثوس 6:5-8).
لنذكر جيدًا كخدام للرب أن “الذباب الميّت ينتن ويخمّر طيب العطار” (جامعة 1:10). والذباب الميت يشير إلى الخطايا الصغيرة... خطية الكسل، وخطية الإهمال، وخطية إشاعة مذمة الآخرين، هذه الخطايا تخمّر طيب حياة الخادم وتؤذيه.
أمر الرب شعبه يوم أخرجهم من مصر قائلاً: “وَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: اذْكُرُوا هذَا الْيَوْمَ الَّذِي فِيهِ خَرَجْتُمْ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّهُ بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَكُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَا. وَلاَ يُؤْكَلُ خَمِيرٌ. اَلْيَوْمَ أَنْتُمْ خَارِجُونَ فِي شَهْرِ أَبِيبَ. وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ... أَنَّكَ تَصْنَعُ هذِهِ الْخِدْمَةَ فِي هذَا الشَّهْرِ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَأْكُلُ فَطِيرًا، وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ عِيدٌ لِلرَّبِّ. فَطِيرٌ يُؤْكَلُ السَّبْعَةَ الأَيَّامِ، وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ مُخْتَمِرٌ، وَلاَ يُرَى عِنْدَكَ خَمِيرٌ فِي جَمِيعِ تُخُومِكَ” (خروج 3:13-7).
إن الرب يريد أن تكون حياة خدام الإنجيل وبيوتهم خالية تمامًا من الخمير... لأن وجود الخمير يعني وجود الشر والخبث، وخلو الحياة من الإخلاص والحق.
إن وصية الرب لشعبه هي:
“كل التقدمات التي تقربونها للرب لا تُصطنَع خميرًا” (لاويين 11:2).
فيا خدام الإنجيل، أناديكم باسم الرب يسوع المسيح، فصحنا الذي ذُبح لأجلنا، أن تتحرزوا من: خمير الفريسيين، وخمير الصدوقيين، وخمير هيرودس، وخمير الشر والخبث. لكي تكونوا عجينًا جديدًا كما أنتم فطير.
وليبارككم الرب ويستخدمكم لمجده.
شريككم في الخدمة المقدسة
القس لبيب ميخائيل