نمو الكنيسة وامتدادها ناتج من تجربة ومعاملة حسنة يلقاها كل زائر يأتي لكنيستك. هو ناتج أيضًا من دعوة أعضاء الكنيسة لأصدقائهم وأقربائهم ومن خلال الصيت الحسن الذي تتمتع به كنيستك. كثير من الناس يزورون الكنيسة لعدة مرات قبل أخذ القرار للانضمام إليها وإعلان أنها بيتهم الروحي الرئيسي. والتحدي هنا خوّل حضور العديد من الزوار في كنائسنا من غير أن نعلم كيف جاءوا ومتى ذهبوا.
تشير بعض الدراسات بأن معظم الزوار يأخذون قرارًا للانضمام للكنيسة أو تركها قبل حتى أن يبدأ الخادم بالموعظة والكلام. إذا كان هذا الأمر يحمل شيئًا من الصحة، فما الذي يقيّمه الزائر ويهتم به وهو في طور أخذ قرار للانضمام لكنيستك. إليك بعض العوامل التي تلعب دورًا في أخذ هذا القرار:
موقع الكنيسة الجغرافي. إننا نعيش في عصر يمتاز بالسرعة والعجلة. فالناس بطبيعتهم تبحث عن كنيسة محلية قريبة من مكان السكن وذلك يرجع لعدة أسباب وأهمها الوقت والمسافة. فلماذا يسافر الزائر إلى كنيستك التي تبعد ساعة أو أكثر وتوجد كنيسة محلية تبعد عنه بضعة دقائق فقط. ما لم تتوافر كنيسة محلية، ستبقى هذه مشكلة لا بد من معالجتها. إن زرع كنائس جديدة مبدأ كتابي ومسؤولية رفيعة. فما المانع من أن يكون هناك عدة كنائس في نفس البلدة تعمل بوحدانية بعيدة عن التحزبات والانشقاقات؟ لأننا في نهاية المطاف نخدم الملكوت السماوي وليس أنفسنا. تعلمت درسًا في الخدمة لن أنساه أبدًا ومجمله أنه يجب علينا أن نذهب إلى العالم كما أوصانا الرب وليس العكس. لا تتوقع من الناس أن يأتوا إلى كنيستك وأنت بالمقابل ليس لديك استعداد لأن تذهب إليهم. وإضافة إلى الموقع الجغرافي، لا بد أن تنتبه إلى مواعيد الاجتماعات، موقف مناسب للسيارات، مبنى نظيف، سهولة الاستدلال على غرف الحضانة، قاعة الصلاة، صفوف مدارس الأحد، إلخ...
لقاءات وديّة. كلنا نحب أن نلقى مودة وترحيبًا عندما نوجد في مكان غريب وجديد. والمودة والترحيب ليسا مقتصرين على لحظة التعارف فحسب، بل على ما بعدها. هل خصصت فريقًا لتحديد الزوار والترحيب بهم؟ لكن، يجب مراعاة أمر هام وهو أن هناك أشخاصًا يتوقعون أن ترحب بهم وتظهر اهتمامًا بهم، وعلى غرار ذلك، هناك أشخاص انطوائيون لا يكترثون بالترحيب وذكر أسمائهم من على المنبر. فكل كنيسة يجب أن يكون لديها استراتيجية معينة تستطيع من خلالها أن تُشعِر الزائر بالترحيب والمودة. من الضروري على الكنيسة أن تدرّب كل موظفيها وفريق العمل على أن يكونوا في أتم الاستعداد لاستقبال الضيوف والترحيب بهم كما لو أنهم من أهل البيت. أظهِر محبة يسوع للغرباء عمليًا. لا تكتفِ في مصافحة الأيدي والكلام المنمّق، بل ابنِ علاقات حبّيّة أخوية. تابع الزوار عن طريق بطاقة التعارف أو بإرسال بريد إلكتروني دوري.
دروس عملية. لقد سئم المستمعون من المواعظ التي لا تمت إلى الحياة العملية بصلة. فالكنيسة ليست مدرسة لاهوت فحسب، إنما هي مدرسة للنمو الروحي العملي. ورثنا نحن الشرقيون أسلوب التعليم بالتلقين واستخدام العبارات الفصيحة والكلمات المنمقة وبعُدنا كل البعد عن الجوهر. لماذا أدرس كلمة الله؟ لماذا أقرأها؟ لماذا أسمعها؟ هل لأحصل على معلومات جديدة واكتشف أمورًا عميقة أم لأطبّق وأعمل بتعاليم الرب يسوع المسيح والكتاب المقدس؟ فالزائر يأتي إلى الكنيسة محمّلًا بأثقال وأعباء الحياة، فهو لا يحتاج إلى درس في اللاهوت بقدر ما يحتاج إلى كلمة معزية ومشجعة من كلمة الله. هذا لا يعني ألا ندرس كلمة الله ونتعمّق بها، لكن لكل شيء تحت السماء وقت. فكن حكيمًا بالنسبة إلى ماذا تعلمه ومتى.
نقاط وصول متعددة. من أهم الأشياء التي يبحث عنها الزائر هي طريقة سهلة للحصول على معلومات عن الكنيسة. الزائر يريد أن يعرف جميع النشاطات المتوافرة والفرص المتاحة له ولعائلته في إطار الخدمة. وإليك بعض المعلومات التي يبحث عنها كل زائر:
بماذا تؤمن الكنيسة؟
ما هي مهمة ورؤية الكنيسة؟
هل هناك نشاطات للأولاد والأطفال؟
ما هي فرص الخدمة التي أستطيع أن أشارك بها كمتطوّع؟
هل هناك برنامج للتلمذة لأنمو روحيًا؟
ما هي الخطوات المطلوبة لأصبح عضوًا في الكنيسة؟
فمن الضروري أن تقوم الكنيسة بتقديم هذه المعلومات بشكل بسيط ومفهوم خالٍ من التعقيدات والغموض. فالناس لن ترتبط بكنيستك لمجرد أنهم استحسنوا موعظة أو فترة ترانيم جميلة. سيبدأ الناس بالانضمام إلى الكنيسة عندما يؤمنون بفاعليتها وتأثيرها ودورها في المجتمع. فالكنيسة التي تقدّم أجوبة لكل الأسئلة السابقة ستحظى بإقبال غير مسبوق. من المؤسف حقًا أن نرى كنائس كثيرة وخدامًا للإنجيل، يركّزون على جانب واحد في الخدمة ويتجاهلون بقية الأمور العملية والإدارية التي تُفشِل أو تُنجِح الخدمة. بكل تأكيد سنجد أن هناك كنائس أفضل من كنيستنا، ولكن السؤال المحوري يبقى تحت قيد الإجابة، هل كنيستي تقدِّم أفضل ما عندها وتستثمر كل وزناتها ومواهبها على أحسن وجه؟
هل تسخّر كنيستي كل الطاقات والجهود على توفير مناخًا مناسبًا لكل من يتردّد عليها، أم نكتفي بالقول نحنا هكذا ولا نحتاج إلى تطوير وتغيير؟
على كل مؤسسة مسيحية وكنيسة مراجعة دورها وتقييم خدماتها، وتغيير ما عتق ولم يعد له تأثير، وتبنّي أساليب جديدة ومبتكرة لا تتعارض مع كلمة الله، وتطبيقها على أرض الواقع حتى يمتد العمل وتتحقق الرؤية. لقد كان شعار خدمة الرب يسوع في موضعه عندما باشر بالكرازة حيث قال "رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ" (لوقا 18:4–19).
فكم بالحري نحن الذين ائتُمنّا على عمل الله والخدمة في الملكوت؟
ألا يستحق الأشخاص الذين مات المسيح لأجلهم أن نحضنهم ونحبهم كما أحبنا يسوع؟
ألا ينبغي أن نتبنّى شعار خدمة يسوع ليكون شعارنا وعنوانَ خدمتنا؟
ليتنا نفتح قلوبنا وبيوتنا وكنائسنا حتى تكون مكان راحة وملجأ لكل إنسان يبحث عن رحمة ونعمة رب المجد يسوع المسيح.