فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل." (متى 48:5)
يوجد نوعان من الكمال: النوع الأول هو الكمال المطلق الذي يتميّز به الله وحده.
والنوع الثاني هو الكمال النسبي، أو الكمال المكتسب، وهذا يجب أن يتصف به كل مؤمن حقيقي، إتمامًا لقول المسيح له المجد لتلاميذه: "فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل." هذا القول المبارك ينفي ما يزعمه البعض من أن الإنسان لا يمكن أن يصل إلى حياة الكمال، وعليه البقاء في نقائصه وخطاياه! بلا شك هذا اعتقاد شيطاني. لقد قال الله قديمًا لإبراهيم: "أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً." (تكوين 1:17) نعم، هذه هي وصية الله في العهد القديم والجديد، بل في كل الكتاب المقدس.
تُرى، كيف نصل إلى حياة الكمال؟ اسمع ما قاله المسيح للشاب الغني: "إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك، وأعطِ الفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني." (متى 21:19) هذا هو طريق الكمال، إنه تكريس الحياة بجملتها للرب، وإتباع المسيح من كل القلب. لكن ما هي الواسطة التي يستخدمها الله كي يكمّلنا؟ إنه يكمّل نقائصنا بواسطة الصبر: "وأما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين، غير ناقصين في شيء." (يعقوب 4:1) وكيف نحصل على الصبر؟ عن طريق امتحان الإيمان: "عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرًا." (يعقوب 3:1) ومما يتكوّن هذا الامتحان؟ من التجارب المتنوّعة التي يسمح لنا الله أن نجتاز فيها. لهذا يقول الرسول يعقوب: "احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوّعة." (يعقوب 2:1) لكن، ماذا تعني حياة الكمال. هي حياة التشبّه بالمسيح في كل شيء. هي حياة غير ناقصة في شيء. هي كمال داخلي أمام الله، وكمال خارجي أمام الناس. والمحبة رباطها "فالمحبة هي رباط الكمال." (كولوسي 14:3) والقداسة مظهرها. والصلاح جوهرها. هي حياة خالية من العثرة سواء في التصرّف أو الكلام، "إن كان أحد لا يعثر في الكلام فذاك رجل كامل، قادر أن يلجم كل الجسد أيضًا." (يعقوب 2:3) لكن، هل حياة الكمال تعني العصمة؟ كلا. اسمع ما قاله الرسول بولس: "لست أحسب نفسي أني قد أدركت. ولكني أفعل شيئًا واحدًا، إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتدّ إلى ما هو قدّام... فليفتكر هذا جميع الكاملين منا." (فيلبي 13:3-15) أي أنه لا ينبغي أن ننسى أننا ناقصون في أشياء كثيرة حتى ولو وصلنا إلى درجة كبيرة من الكمال. وعلينا دائمًا السعي كي نصل "إلى قياس قامة ملء المسيح."
أيضًا حياة الكمال تمتاز بالثبات والقوة والإمكانية الفائقة. "وإله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع بعد ما تألّمتم يسيرًا، هو يكمّلكم ويثبّتكم ويقوّيكم ويمكّنكم." (1بطرس 10:5) فعدم الثبات هو برهان على الحاجة إلى حياة الكمال. وحياة القوة المعجزية والإمكانية المتزايدة هي دليل الحياة الكاملة. آه، ليت الله يهبنا هذه الحياة المباركة. وليتنا نصبر شاكرين في كل تجربة حتى نحصل على هذه الحياة الكاملة.
- آداب المنبر
- أحد رجال الله الموهوبين من قضى سنين طوال في خدمة الرب، كتب ما يلي:
- إن كانت عليك شكوى من ضميرك أو من الآخرين، فاذهب أولاً صفِّ حسابك مع الله والناس، ثم تعال إلى المنبر.
- اطلب من الرب أن يحفظك من الكبرياء، ويجعل هدفك مجد المسيح لا مجد الذات.
- لتكن حياتك وسلوكك هو العظة الخفيّة قبل العظة الظاهرة.
- لا تثقّل على سامعيك بأخبارك وأتعابك الخاصة، ولا تمتهن كرامتك بالاعتذارات، ولا تذكر شيئًا يستكرهه الذوق السليم.
- لا تبح بالأسرار والأسماء ولو كانت حوادثها في بلاد بعيدة.
- لا تنتقم على المنبر من أحد الحاضرين في الاجتماع يخالفك في العقيدة أو الأمور التدبيرية.
- لاحظ بأن ترفع صوتك وتخفضه حسب مقتضى الحال، وأن تكون إشاراتك وحركاتك وقورة ومتمشية مع المعاني.
- راعِ ما يشغل أذهان الناس مثل الأعياد والمواسم والمفاجآت السارة والأحداث المؤلمة، وقدّم عزاء وحلولاً من كلمة الله.
- ليكن الكلام لا بالطويل المملّ ولا بالقصير المخلّ، حتى تتوفّق في عظاتك.
- اذكر أن بين سامعيك من لا يرحمك على غلطة لغويّة أو كتابية.
- كن نظيفًا مرتّب الثياب معتدلاً غير فخور.
- اقرأ فصل الكتاب بوضوحٍ واحترام، ثم تكلّم بهدوءٍ وسلطان كمن يحمل رسالة من الله إلى الناس واحذر الأمور السياسية أو العقائد الطائفية.