Voice of Preaching the Gospel

vopg

نشرة مع الخدام

لا ريب أن العالم بأسره يقاسي في هذه الأيام من مضاعفات ‏Corona Virus، إذ لم يحدث منذ الطوفان مثل هذا الوباء ‏الذي غطّى وجه الكرة الأرضية، وولّد نظير هذا الكربِ والحيرة، والخوف، بل الرعب.

وعلى الرغم من جميع محاولات الخبراء، ‏والأطباء، والتقنية الحديثة، ووسائل التقدّم العلمي، فإن البشرية بأكملها وجدت نفسها في موقفِ عجزٍ عن صدِّ هجمات هذا ‏الفيروس المميت الذي كشف حتى هذه اللحظة، عن إخفاق إمكانيات الإنسان في وضعِ حدٍّ لانتشاره، أو القضاء عليه.‏
ولكن، ما هو أهمُّ من ذلك هو إدراك الإنسان، أو إن شئت شعور الأمم بالضياع، وما أصاب الأفراد أو الجماعات من ‏وهلة، وخوف إذ أن صورة الموت أخذت تلقي الرعب في قلوبهم ولا سيما قلوب أولئك الذين تنكّروا أو أنكروا وجود الله وقدرته ‏على إدانة البشرية التي رفضته. لقد ظنّت الأكثرية الساحقة منهم أن الله قد مات أو تقاعد، ولم يبقَ هو المتحكّم في شؤون ‏خليقته، فعزلوه من حياتهم، وأرادوا أن يتولّوا شؤون حياتهم وكأنهم أصبحوا هم الله. وبالتالي كان لا بدّ لهذا الخالق الرحيم، ‏من فرط محبته للإنسان، أن يستخدم أسلوب الشدَّة ليوقظ البشرية من عجرفتها، وضلالها، وفجورها، لكي تدرك ضعفها ‏ونقصها، وتتصاغر أمام ربّها طلبًا للرحمة والتوبة. وهذا في نظري هو بيت القصيد.‏
لقد فقدت عقيدة التوبة قوّتها في نفوس الناس، وأخفقت الكنائس - رعاة ومؤمنين - في إضرام شعلة التوبة، وجعلها محور ‏الدعوة الإلهية ولا سيما أن مصطلح «الإيمان» قد اتّخذ مفهومًا جديدًا في نفوس المؤمنين، وتناسوا الخطوة الأولى الجوهرية في ‏الحياة المسيحية. وأودّ هنا أن أنبّر في هذه الرسالة إلى إخوتي الرعاة على حقيقة التوبة لأنها منذ البدء كانت دعوة التوبة في ‏العهدين القديم والجديد هي الخطوة الأساسية في إقامة علاقة مقدسة مع الله. إن معنى التوبة هو الرجوع أو تغيير الاتجاه في ‏سيرتنا الحياتية، وهذا التغيير متوقّف على قناعة الإنسان الخاطئ وهي الخطوة السابقة للإيمان. ولهذه الحقيقة أهميّة كبرى في ‏رحلتنا الروحية، فالشيطان مثلاً يؤمن بوجود الله ويرتعد، وكثيرون من المسيحيين الاسميين يؤمنون أيضًا بالعقائد المسيحية من ‏غير أن يعيشوها إذ تظلّ حياتهم رهينة أغلال الخطيئة. لهذا، وفي رأيي المتواضع، إنّ دعوة التوبة هي المدماك الأوّل الذي ‏علينا أن نرسخه في كرازتنا. فعندما قال المسيح: «تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم» كان يومئ في ذلك إلى دعوة ‏الرجوع وتغيير المسيرة، وكذلك عندما نادى بصوت المحبّة: «من يُقْبِل إليّ لا أُخرجه خارجًا» كان يدعو أيضًا لتغيير ‏الاتجاه.‏
إن خطوة الانصياع للتوبة هي بداية الرحلة مع المسيح. وهذا ما أدركه يوحنا المعمدان أيضًا عندما حثّ الشعب قائلاً: «توبوا، لأنه قد اقترب ملكوت السماوات.» (متى 2:3) ونحن ندرك حقيقة التوبة من ثمارها: «فاصنعوا أثمارًا تليق بالتوبة.»(عدد 8) وفي إنجيل مرقس 15:1 أعلن ‏المسيح للجمهور المحتشد: «قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل.» وفي مكان آخر هتف المسيح: «إن لم ‏تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون.» (إنجيل لوقا 3:13 و9) وكما أشار الرسول بطرس في رسالته الثانية 9:3 «لا يتباطأ الرب ‏عن وعده... لكنه يتأنّى علينا، وهو لا يشاء أن يُهلك أناس، بل أن يُقبل الجميع إلى التوبة.»‏
إن التوبة هي الخطوة العملية التي على الخاطئ أن يتّخذها عندما يقف وجهًا لوجه أمام المسيح. من هنا، فإن الدعوة ‏للتوبة هي النقلة السابقة للإيمان. لأن الإيمان العقلي وحده يفتقر إلى التغيير الذاتي والقلبي. لهذا فإنَّ التوبة هي بدء عملية ‏التغيير. من الجليّ أيضًا أن خطوة التوبة هي نابعة من قناعة المرء بأن مسيرته في درب الخطيئة لا بُدّ أن يفضي إلى هلاك ‏أبدي، وأن حاجته الأولى هي التحوّل عن مسالك الضلال الملتوية والرجوع إلى الطريق الذي هو المسيح.‏
ومن هنا، يا إخوتي الأحباء، أرى أن الدعوة إلى التوبة هي المَعْلَم الأول في الحياة المسيحية، وهي برهان ساطع على قوة ‏الإيمان لأن التائب الحقَّ لا يمكن أن يكفّ عن متابعة المسيرة إذ أن التوبة الحقيقية يجب أن تُفضي به إلى الصليب ومن ثمّ ‏إلى الملكوت الأبدي.‏
إن التوبة الحقيقية مرتبطة أيضًا بيقين الإيمان بفداء المسيح. ومن غير توبة لا فداء ولا خلاص. لهذا أطلب من إخوتي ‏الرعاة أن ينادوا بقوةٍ، وبصوت واثق أن التوبة الحقيقيّة هي بدء الإيمان والرجوع عن التورّط في مستنقعات الخطيئة، لا فرقَ ‏في ذلك إن كنا نعيش في عالمٍ موبوءٍ بالشر، أو في أثناء الضيقات والصعوبات. لأن الله يعلم طبيعة الظروف التي نمرّ ‏بها، والمصاعب التي نعانيها، وهو وحده الذي يمدّنا بالقوة. وباب التوبة مشرّع دائمًا أمام طالبيه، بل إن السماء تفرح بخاطئ ‏واحد تائب أكثر من تسعة وتسعين بارًا لا يحتاجون إلى توبة.‏
كن جريئًا ونادِ بالتوبة لأنها الخطوة الأولى للخلاص.‏
أخوكم بالخدمة، صموئيل عبد الشهيد‏

المجموعة: 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

65 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10664164