Voice of Preaching the Gospel

vopg

نشرة مع الخدام

عندما كنت صبيًا صغيرًا كنت أجد لذة في ملاحظة سلوك الناس المحيطين بي، وإحدى ملاحظاتي التي صدمتني بعنف كانت الافتعال والتصنُّع الذي يُبديه الخدام

وهم يتكلمون إلى الشعب، لقد بدا لي أنهم يعيشون في عالم آخر بخلاف العالم الواقعي الذي يعيش فيه بقية الشعب.

الحقيقة أني لم أنشأ في بيت مسيحي ولذلك لم أكن معتادًا على اللغة الدينية التقليدية، ولذلك عندما أُتيحت لي الفرصة مصادفة أن أستمع إلى عظة دينية، كنت أستمع بأُذنٍ لم تتعوّد على هذه اللغة التي اعتادها الشعب الكنسي ولم يعد يستغربها، كانت أذني "محايدة"، لذلك كم بدا الوعاظ غرباء بالنسبة لي، وكم بدت ترانيمهم مصطنعة، وكم بدا سلوكهم غير طبيعي!
كانوا أناسًا عاديين كما هو واضح، لكن كان ينقصهم الوضوح والبساطة والتلقائية التي عرفتها في بقية الناس العاديين. الحديث الصريح ولكنَّ اللغة الواضحة كانت مفقودة بينهم وبين الشعب، كانوا يبدون منفعلين ومضطربين ومهتاجين لسبب ما لم أكن أستطيع تبيُّنه، لأنه بالتأكيد أن الناس الوديعة الصابرة التي تستمع إليهم لم تكن هي سبب كل هذا الانفعال، فعندما كنت أنظر لوجوه الحاضرين كنت أجدهم غير مبالين بما يجري على المنبر وغير منفعلين به، ولعلّ السبب هو كثرة تعوّدهم على هذا الانفعال حتى صار مألوفًا لديهم، أما أنا فلم أكن معتادًا على هذا الافتعال ولم أفهم له سببًا، واستطعت وقتها أن أفهم ما يعنيه القول الفرنسي الساخر: "إن الله خلق البشر في ثلاثة أجناس مختلفة: الرجال والنساء والوعاظ!"
أما الآن، وبعد أن صرت خادمًا، أصبحت أكثر انحيازًا أو تفهّمًا للوعاظ ولا أتوقّع منهم أن يكونوا كاملين، ولكني ما زلت منحازًا بشدة للغة الصريحة والبسيطة أيضًا. فأنا متيقّن أنه من غير الممكن أن تؤثّر في الشعب وأنت تستخدم لغة غريبة على مسامعه، لا بد أن يشعر الشعب أننا منهم ونتكلم معهم باللغة التي يفهمونها ويستخدمونها في حياتهم اليومية.
أرجع بكم إلى اختباري الشخصي، فمن رحمة الله أنه سمح لي بعد هذا بأن أستمع إلى خادم آخر أعطاني انطباعًا بأنه إنسان طبيعي. كان يتكلم بلغة بسيطة ومباشرة، كان يعرف ما يريد أن يقوله وقاله بوضوح واستقامة، وشكرًا لله أني قبلت كلامه.

التصنّع بدافع الخوف
أحد أسباب التصنّع هو خوف الخادم من إغضاب الشعب، لذلك فهو لا يتكلم بصراحة عن الأخطاء الموجودة في الحياة، ولا يقدّم فكر الله المستقيم بل يضطر إلى اصطناع مواضيع هلامية (كالجلاتين) لا تنطبق على الواقع لكيلا يجرح أحدًا، ويستخدم لغة رسمية وتعابير مقعرة (مجوّفة) لكيلا يواجه الأخطاء مباشرة ويدينها، وتكون النتيجة بلا شك هي فقدان التأثير على السامعين الذين لا يفهمون شيئًا مما يُقال.
حقًا إن الكنيسة قد عانت طويلاً من خدام عنفاء كانوا يتشاجرون مع السامعين أكثر مما يعظونهم، ولكنها عانت أكثر جدًا من الخدام الجبناء الذين فضّلوا أن يكونوا لطفاء عن أن يكونوا صرحاء. ونحن لسنا مطالَبين بأن نختار أيهما أصلح: العنيف أم الجبان لأن كلاهما على خطأ، فالكتاب يطالبنا بأن نجمع بين المحبة والشجاعة في آن واحد. أن يكون لنا اللطف والحق معًا، أو كما يقول بولس: "ليكن كلامكم كل حين بنعمة مُصلَحًا بملح." (كولوسي 6:4) لا بدّ أن تجتمع [النعمة] و [الملح] معًا في كلامنا... إن غياب الملح هو الذي يجعل الكثير من خدماتنا بلا طعم وعديمة التأثير.
ومعاهد اللاهوت قد تكون مشارِكة في هذا الوضع، فهي تدرّب تلاميذها على أن يقولوا كلامًا محَبّبًا للناس، وأن يرسموا دائمًا على وجوههم ابتسامة باهتة بلا معنى، أن يستبعدوا من كلامهم كل الملح ويتركوا فقط الحلاوة، لكن الحقيقة أن كل من يقف لكي يقدم كلمة الله للناس ينبغي أن يتكلّم بسلطان الكلمة ذاتها. يقدِّم الكتاب المقدس للناس محبة الله العجيبة ولكنه في ذات الوقت صريح تمامًا وحاسم في مواجهة أخطائهم. رجال الله في كل العصور لم يكونوا يومًا عنفاء أو شرسين لكنهم كانوا دائمًا أمناء مع الله والناس.
كم أودّ أن أنصح كل الخدام الصغار أن لا يكونوا ضحايا التصنّع والتكلّف.
أن يدرسوا بعناية كتابهم المقدس
أن يكونوا مبدعين وليسوا مقلّدين...
أن يدرسوا بدقة كل المواضيع قبل أن يتكلموا عنها.
أن يتجنّبوا الكليشيهات المحفوظة ويتحدّثوا باللغة الدارجة المفهومة للناس.
إن التصنّع مرض خطير إذا تمكّن من الخادم يؤدّي إلى تدمير الخدمة كلها.
لكي نهرب من فخّ التصنّع ينبغي أن تكون لنا شركة حقيقيّة مع الله. لا بدّ أن نكون مكرّسين بالكامل للرب يسوع وممسوحين بالروح القدس، وآخر الكل ينبغي أن نتحرّر تمامًا من خوف الناس ونمتلئ بمخافة الله وحده.

المجموعة: 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

126 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10661911