نشرة مع الخدام
"أيها الأحباء، لا تصدقوا كل روح، بل امتحنوا الأرواح: هل هي من الله؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم." (1يوحنا 1:4)
نحن نعيش في أيام اختلال أخلاقي وروحي،
وفي هذه الأوقات قد يكون من الصعب تمييز الغث من الثمين والحق من الباطل، ولقد حذّرنا ربنا الأمين من عدم تمييزنا للأرواح وقدّم لنا تحذيرات شديدة اللهجة، "حينئذ إن قال لكم أحد: هوذا المسيح هنا! أو: هناك! فلا تصدقوا. لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب، حتى يُضلّوا لو أمكن المختارين أيضًا." (متى 23:24-24)
الرب يقول هنا أنه في نهاية الزمان سيكون هناك نموّ للنشاطات الدينية المصحوبة بظواهر خارقة للطبيعة، ولكن لا ينبغي أن تخدعنا هذه الأعمال بل يجب أن نمتحن كل روح: هل هو من الله؟
بعض المؤمنين ذوو الأذهان البسيطة يخافون أن يخطئوا ضدّ المحبة إذا هم تجرّأوا على امتحان كلِّ شخص يأتيهم مرتديًا ثياب الروحانية ومتكلمًا باسم يسوع؛ إنهم لا يجرؤون على امتحان تعاليم أنبياء العصر الحديث لئلا يتورّطوا في رفض شيءٍ يتّضح فيما بعد أنه من الله، إنهم يتذكرون كيف رفض الفريسيون المسيح عندما أتى إليهم ولا يريدون أن يقعوا في نفس الخطأ! لذلك فهم إما يؤجّلون الحكم على الأشياء أو تغفل عيونهم ويقبلون كل شيء بلا تعليق، وهم يظنون أن هذا دليل على الروحانية العالية، لكن الحقيقة أن تصرفهم هذا ليس دليلاً على أية روحانية على الإطلاق بل قد يكون دليلاً على غياب الروحانية بالمرة!
السذاجة ليست مرادفًا للروحانية، والإيمان ليس حالة ذهنية تجعل صاحبها يفغر فاه ويبتلع ما يصطبغ بصبغة الروحانية. الإيمان يجعل القلب منفتحًا لقبول كل ما هو من الله ورفض كل ما هو ليس من الله مهما كانت هيئته جذابة.
"امتحنوا الأرواح"، هذه هي وصية الروح القدس للكنيسة. إن خطية قبول الباطل تتساوى مع خطية رفض الحق، والميل لعدم الحكم على الأشياء ليست الوسيلة الناجعة لتفادي الوقوع في الخطأ. إن امتحان كل الأشياء بحسب المحبة والحق إنما هو التزام على كل مؤمن في كل وقت وبقدر ما نرى اليوم يقرب.
كيف يمكننا القول إن شخصًا ما أو اتجاهًا ما هو من الله أم لا؟ الإجابة تحتاج إلى أناس لديهم الشجاعة أن يتبعوا الحق الذي أعلنه لهم الله، وهناك على الأقل امتحانان يمكننا بهما أن نمتحن الأرواح، أولهما:
الحياة المقدسة
ينبغي على خادم الله أن يكون شخصًا صالحًا ومملوءًا بالروح القدس، طاهر القلب ومقدس الحياة، ونحن بالطبع لا نطالب بالقداسة المطلقة التي هي فوق مستوى البشر، لكن الخادم الذي يمكن أن نعطيه ثقتنا ينبغي أن يحيا مثل المسيح بكل طاقته، وإذا أخطأ في أي عمل أو كلمة يعرف كيف يتوب فورًا من كل قلبه.
التعاليم المبهرة والآيات المعجزية لا تصلح دليلاً كافيًا على أن الخادم هو من الله. لا بديل عن الحياة الطاهرة المقدسة... الإنسان الذي يستأمنه الله لا بد أن يكون متّضعًا، ناكرًا لذاته، باذلاً لنفسه، معتدلاً ومتعفّفًا، نظيف السلوك، خاليًا من محبة المال، توّاقًا إلى تمجيد الله كما هو توّاقًا لرفض كل ثناء يوجَّه لشخصه.
والامتحان الثاني الذي ينبغي أن نمتحن به الأرواح هو:
سلطان كلمة الله
ينبغي أن نُخضع كل كلمة وعمل لسلطان الكتاب المقدس. لا يكفي أن يقتبس الخادم آية من هنا وآية من هناك، أو يعوّض نقص التعليم بأن ينسب لنفسه اختبارات مروّعة مع الله! لا بدّ أن نرجع "إلى الشريعة وإلى الشهادة" وإلا فلن يكون لنا فجر. إن كان الكلام ليس بحسب كلمة الله فهذا دليلٌ على أن الخادم ليس فيه نور، ونحن السامعون لنا كل الحق بل تحت التزام أن نمتحن أقواله في ضوء كلمة الله.
ينبغي أن نطالب كل شخص يطلب منا ثقتنا أن يقدِّم لنا تعليمًا كتابيًا صحيحًا ونقيًّا وقويًّا، لا أن يشير من حين لآخر إلى آية كتابيّة أو يلّوح بالكتاب في يده بصورة درامية أمام السامعين! ينبغي أن يَحكم الكتاب في كل شيء وكل شخص.
إن نتيجة اتباع إرشادٍ خاطئٍ في الصحراء هي الموت عطشًا، ونتيجة اتباع نصيحة خاطئة في دنيا الأعمال هي الإفلاس، ونتيجة الثقة في طبيب مزيّف هي عاهة مستديمة، ونتيجة ثقتنا في نبيٍّ كاذب ستكون مأساة أخلاقية وروحية، لذلك دعونا نتحذّر ألّا يخدعنا أحد: "فأجاب يسوع وقال لهم: انظروا لا يضلكم أحد، فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا هو المسيح ويضلون كثيرين." (متى 4:24-5)