Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران (يونيو) 2005

في العدد السابق تكلمنا عن قايين وهابيل ابنَي آدم وحواء. ورأينا أن قايين رفض نعمة الله والفداء المبني على أساس الذبيحة، بينما قدم هابيل الذبيحة التي بحسب فكر الله، فأصبح هابيل أول من ذكر اسمه في قائمة شهود الإيمان في عبرانيين 11. أما قايين فأصبح أول قاتل في التاريخ. في هذه المرة سنتكلم عن رجلين قيل عن كل منهما أنه "سار مع الله" وهما أخنوخ ونوح. أحدهما نُقل لكي لا يرى الموت، والآخر نجا مع أسرته من الطوفان بينما هلك جميع الآخرين.

 

أخنوخ

"بالإيمان نُقل أخنوخ لكي لا يرى الموت. ولم يوجد لأن الله نقله. إذ قبل نقله شُهد له بأنه قد أرضى الله" (عبرانيين 5:11). هذا هو "أخنوخ السابع من آدم" (الذي تنبأ عن أمور كانت ستحدث بعد آلاف السنين قائلاً: "هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه. ليصنع دينونة على الجميع ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها. وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاة فجار" (يهوذا 14-15). وها نحن نرى الوقت قد اقترب جداً الذي فيه ستتم هذه النبوءة، وهي أقدم نبوءة نطق بها أحد رجال الإيمان. فكان كأنه يرى ما سيحدث في الأجيال القادمة بعد آلاف السنين. حقاً ”سر الرب لخائفيه، وعهده لتعليمهم“ (مزمور 14:25). إن تاريخ أخنوخ يلخَّص بكلمات قليلة، وهي أنه "قد أرضى الله". كلمات قليلة تحمل شرفاً عظيماً. كان شرّ الإنسان قد ابتدأ يكثر على الأرض، الأمر الذي أدى فيما بعد إلى مجيء الطوفان.

إذا رجعنا إلى تكوين 5 نتعلم كيف أرضى الله، وما  هو سر نصرته الروحية، إذ يقول لنا هذه الكلمات القليلة مرتين: "وسار أخنوخ مع الله" (تكوين 21:5، 24). هذا هو ما يرضي الله أن نسير معه. والسير مع الله يعني الشركة المتواصلة مع الله. فلم يكن أخنوخ يسير أحياناً مع الله وأحياناً حسب رغباته أو كما يسير المجتمع الذي عاش فيه. لم ينطبق عليه القول "ساعة لربك وساعة لقلبك". لم يكن رجلاً ”ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه". (يعقوب 8:1). بل كان "الساكن في ستر العلي (الذي) في ظل القدير يبيت" (مزمور 1:91). السير مع الله يتطلّب أن نتحاشى أن نعمل أي شيء، أو أن نقول أي كلام، أو نفكر أي فكر يتنافى مع قداسة الله. لم يَسِرْ مرغماً كمن تحت الناموس بل فرحاً بصحبة الإله السرمدي متبادلاً المحبة معه. هذا هو السير مع الله. وهو ما يرضي الله.

وأخيراً، نرى في أخنوخ مثالاً كما سيحدث لكثيرين في المستقبل. فمهما اختلفت الآراء بين المسيحيين الحقيقيين بخصوص بعض تفاصيل الحوادث المستقبلة. إلاَّ أنه هناك حقيقة واضحة وجميلة في الكتاب المقدس لا يحتاج المؤمن لأن يكون خريج كليات اللاهوت لكي يفهمها، هذه الحقيقة يُعبر عنها بكلمات قليلة وغالية على قلب المؤمن، وهي "لا نرقد كلنا" (1كورنثوس 51:15). والمقصود بالرقاد هو موت المؤمن (يوحنا 11:11-14؛ و1تسالونيكي 14:4). فمع أنه "وُضع للناس أن يموتوا مرة" (عبرانيين 27:9)، وأنه قد ”اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع“ (رومية 12:5)، إلاّ أنه في مشهد هذا الموت الشامل تظهر القوة الإلهية والنعمة الإلهية في هذه الكلمات القليلة، "لا نرقد كلنا" كما ظهرت في تاريخ أخنوخ في تكوين 5 الذي تكرر فيه ذكر الموت مراراً.

نوح

هو شخص آخر قيل عنه أنه "سار مع الله" (تكوين 9:6). ولنا في تاريخه دروس نافعة. "بالإيمان نوح لما أُوحي إليه عن أمور لم تُرَ بعد خاف فبنى فلكاً لخلاص بيته، فبه دان العالم وصار وارثاً للبر الذي حسب الإيمان" (عبرانيين 7:11).

 كانت أيام نوح أيام شر وفساد. يقول عنها في (تكوين 5:6-7) "ورأى الرب أن شرّ الإنسان قد كثر في الأرض. وأن كل تصوُّر أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم. فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض. وتأسَّف في قلبه. فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته. الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء. لأني ندمت أني عملتهم". ولا يخفى علينا أن الرب يسوع المسيح أخبرنا أنه في الأيام الأخيرة، أي أيامنا هذه الأيام التي تسبق مجيئه الثاني، سينطبق هذا الوصف على الجنس البشري بالرغم من كل التقدم العلمي والحضاري. وسبب هذه الكارثة الكبرى هو عدم المبالاة. ”وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان. لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوِّجون، إلى اليوم الذي فيه دخل نوح الفلك، ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع، كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان" (متى 37:24-39). كان نوح كارزاً للبر، أي كان يعظ الناس ويحرِّضهم على أن يرجعوا عن شرورهم وأن يحيوا حياة البر (2بطرس 5:2). ولمدة 120 سنة كان ينذر الناس، ولكنهم لم يبالوا. وأخيراً قال الرب لنوح أن يدخل الفلك هو وبنوه وامرأته ونساء بنيه من وجه مياه الطوفان (تكوين 7:7)، وأغلق الرب عليه (تكوين 16:7). وماذا حدث بعد ذلك؟ "العالم الكائن حينئذ فاض عليه الماء فهلك" (2بطرس 6:3). يا للويل، ويا له من إنذار وموعظة لعالمنا هذا، لأنه سيواجه ما هو أكثر فظاعة من الطوفان. "وأما السموات والأرض الكائنة الآن فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها، محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجار" (2بطرس 7:3). أما عن المؤمنين فيقول: "يعلم الرب أن ينقذ الأتقياء من التجربة ويحفظ الأثمة إلى يوم الدين معاقبين" (2بطرس 9:2).

كثيرون يقولون هل من المعقول أن الله سيخلص المؤمنين فقط، ويهلك ملايين الناس غير المؤمنين. إن قصة نوح تجيب عن هذا السؤال في (1بطرس  20:3) "كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح إذ كان الفلك يُبنى، الذي فيه خلص قليلون، أي ثماني أنفس". يقدِّر العارفون عدد الناس على الأرض في أيام نوح بالملايين، ولكن المأساة هي أنهم "كانوا يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك. ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع" (متى 39:24). أي الجميع هلكوا ما عدا الثمانية أشخاص الذين كانوا في الفلك. والفلك بلا شك يشير إلى ذاك الذي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية. وهذا يجب أن يحثّ الخاطئ على التوبة والإيمان بيسوع المسيح، ويشجِّع المؤمن على أن يكون كارزاً بالبشارة بجد واجتهاد. إذا كنت أيها القارئ العزيز قد التجأت إلى فلك النجاة، ربنا يسوع المسيح، الذي "ليس بأحد غيره الخلاص" (أعمال 12:4) فلا تخف، لأنه "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع" (رومية 1:8)، بل إفرح وقل مع الرسول بولس: "فإني متيقن أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة، ولا علو ولا عمق ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا" (رومية 38:8-39). هللويا، آمين.

المجموعة: حزيران June 2005

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

150 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576851