Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيار (مايو) 2006

عندما نقول إن المعجزة ارتبطت بالمسيح ارتباطاً وثيقاً لم يجاره به أحد، فنحن لا نبالغ ولا نكون قد خرجنا عن الحقيقة، والشواهد على ذلك كثيرة ومتنوّعة.

 

ففي ميلاده معجزة حيّرت العقول... وفي صعوده للسماء معجزة أذهلت مَن شاهدها من تلاميذه... وما بين الميلاد والصعود تزاحمت المعجزات بما يذهل ويحيّر. إنما السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما سر ارتباط المسيح بهذا الزخم المتواصل من المعجزات؟ ولماذا هو بالذات يتميّز بكل هذا؟ تساؤلات تمر في ذهن الباحث الراغب حقاً في استجلاء الحقيقة وكشف النقاب للوصول إلى معرفة هوية المسيح، ومن ترى يكون هو؟ ولعلنا في ما نقدّمه في الملاحظات التالية ما يسلط الضوء أمام الباحث في التعرّف على الحقيقة:

1-  لم يحاول المسيح يوماً في أي معجزة من معجزاته أن يثير الإعجاب في نفوس مشاهديه ليصفقوا له. فمعجزاته لم تكن لمجرّد إثارة دهشة المتفرّجين. فقد طُلب منه في أكثر من مرة أن يصنع معجزة ما ورفض، فالمعجزة عنده ليست للدعاية ولا للتسلية أو لاستمتاع الجماهير.

2-  كل معجزة عملها المسيح كان لها هدف تشير إليه.. مال يوماً إلى شجرة تين بجانب الطريق يطلب فيها ثمراً فلم يجده، فخاطبها قائلاً: لا يكون فيك ثمر إلى الأبد.. فيبست التينة في الحال، والجموع من حوله تراقب المشهد بذهول، حتى قال بعضهم لبعض: أنظروا كيف يبست التينة في الحال! فالرسالة التي تحملها معجزة التينة مفادها أن الشجرة التي لا تعطي ثمراً تُقطع وتُلقى في النار. وكذلك الإنسان الذي لا يحمل ثمراً خيِّراً سيواجه نفس المصير في يوم الدين. أو كما يقول الإنجيل: "من يعرف أن يعمل حسناً ولا يعمل فذلك خطية له.

3-  في كل معجزة شفاء عملها المسيح كانت هناك رسالة رحمة وإحسان لفرد أو لأفراد كانوا تحت المعاناة، وكان للمعجزة ضرورة ملحّة. في آخر أسبوع من حياته على الأرض، مرّ المسيح بمدينة أريحا. ولما اقترب من مدخل المدينة كان هناك أعمى جالساً على الطريق يستعطي، فلما سمع هذا ضجيج الناس وهم يعبرون، سأل ما عسى أن يكون هذا، فأخبروه أن يسوع المسيح الناصري مجتاز. فصرخ الرجل بأعلى الصوت: ”يا يسوع ابن داود ارحمني“؛ فانتهره الناس ليسكت لكنه ازداد صراخاً أكثر "يا ابن داود ارحمني". فوقف يسوع وأمر أن يُقدّم إليه، ولما حضر سأله قائلاً: ماذا تريد أن أفعل بك؟ بمعنى "حدّد طلبتك"! فقال: يا سيد، أن أبصر. فقال له: أبصر، إيمانك قد شفاك. فللحال أبصر الرجل وصار يقفز ويبتهج ويمجّد الله، والجموع من حوله إذ لاحظوا المعجزة أمام عيونهم سبّحوا الله مبتهجين. فالمعجزة هنا حملت لذلك الإنسان رسالة رحمة لازمته طيلة حياته.

4-  قراء الإنجيل يلاحظون أن المسيح لم يُجرِ معجزة ليرشو بها مشاهديه كي يتقبلوا رسالته أو ليضمهم إلى صفّه! يخبرنا متى في الأصحاح الثامن من إنجيله قائلاً: وإذا أبرص قد جاء وسجد له قائلاً يا سيد إن أردت تقدر أن تطهرني. فمدّ يسوع يده ولمسه قائلاً أريد فاطهر. وللوقت طهر برصه. فقال له يسوع انظر أن لا تقول لأحد. بل اذهب أرِ نفسك للكاهن وقدّم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم" (متى 2:8-4).

5-  في معجزاته المتنوّعة أظهر المسيح سلطانه على الإنسان والنبات والحيوان وحتى على الطبيعة الصماء، فقد مشى على الماء في عرض البحر فحملته المياه كما لو كانت أرضاً صلبة تحت قدميه وسار هكذا من شاطئ البحيرة حتى وصل إلى السفينة في قلب البحر، وكان تلاميذه فيها يعانون من الخوف والاضطراب بسبب هياج البحر عليهم وعلوّ الأمواج. ولما دخل السفينة سكنت الريح وهدأ البحر (متى 14).  وفي مشهد آخر، كان مع تلاميذه في السفينة وسط البحر، فاستلقى هو في مؤخرة السفينة حتى كادت تمتلئ، فأيقظوه قائلين: يا سيد إننا نهلك، فقام وانتهر الريح وقال للبحر اسكت إبكم. فسكنت الريح في الحال وصار هدوء عظيم. فذهل من كان معه وخافوا وقال بعضهم لبعض بتعجّب: من هو هذا!!! فإن الريح أيضاً والبحر يطيعانه (مرقس 14).

6- أظهر المسيح سلطانه على الأرواح الشريرة التي استولت على الأفراد، كان ينتهرها بحزم فتخرج مولولة. يخبرنا مرقس في إنجيله أن بعد حادثة البحر التي أشرنا إليها قبل قليل، وحين وصلت السفينة إلى الشاطئ الآخر من بحيرة طبرية نزل المسيح من السفينة فاستقبله إنسان به روح نجس كان يسكن القبور يصيح ويجرّح نفسه بالحجارة، ويقطع السلاسل والقيود، ولم يقدر أحد أن يضبطه. وكان يرعب سكان المنطقة. فهذا عندما رأى يسوع ركض وسجد له وصرخ بلسان الشيطان الذي فيه: "ما لي ولك يا يسوع ابن الله العليّ، أستحلفك أن لا تعذبني". فردّ المسيح عليه قائلاً: "اخرج من الإنسان أيها الروح النجس". فخرج في الحال واندفع إلى قطيع مجاور من الخنازير كانت ترعى، فاندفعت هذه إلى البحيرة واختنقت.

7-  يلاحظ المطلعون على سيرة المسيح في الإنجيل أنه كان يصنع المعجزات كيفما شاء. فسواء حضر شخصياً إلى حيث المريض أو لم يحضر كان يقول كلمة فيُشفى المريض. وإذا حضر فسواء مدّ يده ولمس المريض أو لم يلمسه كانت المعجزة تؤدي عملها. يخبرنا إنجيل لوقا في الأصحاح السابع أن قائداً رومانياً كان له عبد مريض مشرف على الموت، وكان عزيزاً عنده، فهذا أرسل رسلاً إلى المسيح يطلب إليه أن يشفي عبده، فلبّى يسوع الدعوة وسار باتجاه المكان، وبينما هو في الطريق أرسل القائد إليه ليقول له: يا سيد لا تتعب، فأنا لا أستحق أن تدخل تحت سقف بيتي لكن قل كلمة فيبرأ غلامي، فأثنى يسوع عليه وقال: لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا  - والجدير بالذكر هنا أن القائد كان رومانياً وليس يهودياً. ولما رجع المرسلون إلى البيت وجدوا العبد المريض قد صحّ.

8-  لاحظنا أكثر من مرة أن المسيح كان أحياناً قبل أن يصنع معجزة شفاء يعطي فرصة للمريض أن يشترك معه بشيء ما كخطوة تصل به إلى حالة الشفاء لينشّط إيمانه وليرفع من معنوياته ويهدّئ من روعه فيشعره أنه كان شريكاً في صنع المعجزة... يخبرنا إنجيل يوحنا في الأصحاح التاسع أن أعمى منذ ولادته التقى به المسيح فتفل على الأرض وصنع من التفل طيناً وطلى به عيني الأعمى وقال له اذهب اغتسل في البركة القريبة. فمضى الرجل يتحسّس طريقه وهو أعمى مطليّ العينين حتى وصل إلى بركة الماء، فاغتسل وأتى بصيراً.

ولعلّك تتفق معي قارئي العزيز، بأن عملية الطين هذه كانت عملية خلق، الشيء الذي يذكّرنا بما صنعه الله قديماً حين خلق آدم من جبلة طين. ونعود لسؤالٍ طرحناه في بداية هذه الحلقة: ما سرّ ارتباط المسيح بهذا الزخم المتواصل من المعجزات؟ ولماذا هو بالذات قد تميّز بكل هذا؟ تساؤلات نطرحها في مرماك لعلها تحدث صدىً يتكشّف عن الحقيقة في من هو المسيح... ومن ترى يكون.

المجموعة: 200605

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

566 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577838