آب (أغسطس) 2008
هائم بلا خريطة أو برنامج، دون مقصد أو هدف، يسير محني الرأس وأمام عينيه ستار أسود. لا نور، ولا بارقة أمل. غارق في محيط من اليأس. أمواجه الحيرة وأطرافه مشبعة برائحة اللامبالاة.
من أين أتى؟
وإلى أين يذهب؟
تلمّس بأصابعه كل ما في هذا الكون المنظور ولم يكتفِ. يائس – يبحث عن شيء يشبع قلبه ويروي عطش نفسه، قرأ لكبار المفكرين وأصحاب النظريات ومستنبطي العقائد. اختبر الخير والشر، الخوف والبطولة، عزة النفس وخنوعها. ورغم أفكاره المتضاربة ورأسه المنهوك من السفسطات العصرية، ما زال صوت جدته الأمية العجوز يرن في أذنه صافياً: "لي رجاء بوجود سماء سراجها يسوع". ويضحك... سماء؟
ليست هذه الكلمة سوى تغطية لأشياء لا تُستقصى!
ولمعت أمام عينيه كلمة ”رجاء“ – موسيقاها غريبة.
لم تصادفه هذه الكلمة مرة إلا وتحيطها مئات الأسئلة.
ماذا يرجو؟
أليس الرجاء هو يقينية امتلاك ما يرجوه في المستقبل؟
وكم من رجاء وقتي مات في غمرة مرارة الواقع؟
لم يستطع أن يتخطى هموم مشغولية الإنسان بحاضره البائس.
أين هو الإيمان الذي يرفعه إلى مستوى الوثوق، مع ارتياح قلبي هادئ وعميق، بأن غموض المستقبل مجلو أمام نور الحاضر الذي بين يديه؟
يائس كيف يرجو؟
وهل الرجاء يُستخرج من اليأس؟
وذات يوم دخل كنيسة. وفي الداخل انساب ماء كلمة الله وروى شقوق قلبه المتفسخ. لقد وجد يسوع، سراج السماء ورجاء الحياة.
خرج خليقة جديدة: يأس اضمحلّ، ورجاء تولّد وأنوار تفجّرت في جميع كيانه لأن أحلك ساعات الليل تبددها إطلالة كوكب الصبح المنير.