كانون الأول (ديسمبر) 2008
”لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم“ (1تسالونيكي 13:1).
هل يحق لأولاد الرب أن يحزنوا - عند وفاة أحدهم - وأن يبكوا لفراقه؟ استناداً إلى كلمة الرب أقول: نعم، يحق لنا أن نحزن وأن نبكي ولكن حزننا وبكاؤنا ليس كالباقين الذين لا رجاء لهم.
عندما وقف الرب يسوع أمام قبر لعازر بكى! وقال الذين رأوه يبكي: انظروا كيف كان يحبه!
إننا سنلتقي بالذين سبقونا للأمجاد لنكون جميعاً مع الرب يسوع ونحيا معه إلى الأبد.
ونحن نحزن أيضاً لأنه الرب نفسه - وبحسب كلمته - عزيز في عينيه موت أتقيائه.
إني حزين لفقدان الراحل المحبوب الدكتور سامي، وسأفتقده بقية أيام حياتي.
عرفت الأخ سامي مدة 57 عاماً عندما كان شاباً صغيراً يافعاً في سن الخامسة عشر. كان حديث الإيمان، ومنذ ذلك الحين نشأت صداقة متينة بيننا. بدأت هذه الصداقة في اليوم الذي قبلت فيه الرب يسوع كمخلصي الشخصي، وكان سامي أحد الإخوة الثلاث الذين استخدمهم الرب لحثّي على حضور أحد الاجتماعات الانتعاشية في بلدة عجلون سنة 1952 حيث كان سامي قد قبل الرب قبل بضعة أشهر من ذلك الوقت. بعد ذلك دُعينا للخدمة. فهو ذهب لمصر لدراسة اللاهوت وبعدها تابع دراسته في بيروت - لبنان. وأنا بدأت الخدمة في المركز التبشيري في المحطة التابع للكنيسة الإنجيلية المحلية في عمان.
إني أنتهز هذه الفرصة التي أُعطيت لي كي أقول كلمة في مناسبة وداع الأخ المحبوب سامي لأبيّن لكم أنها ليست مجرّد كلمة كما هي العادة في مثل هذه المناسبة لرفع شأن وتمجيد إنسان، بل إنها فرصة لكي أعطي بها المجد وكل المجد لإلهنا وربنا يسوع المسيح.
قال بولس الرسول: ”فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا“ (2تيموثاوس 6:4-8).
ليت هذه الكلمات تكون تعبيراً صادقاً لكل واحد منا عند وقت انطلاقه لملاقاة الرب. عندما كتب بولس الرسول هذه الكلمات كان متأكداً مما كتبه عن نفسه، ورجاء قلبي أننا جميعاً نتمثّل بحياة القديسين الذين سبقونا للأمجاد.
عرفت سامي مجاهداً في خدمة الرب:
جاهد الجهاد الحسن في محبته: أحب الرب من كل قلبه... أحب زوجته هربسما وابنته روث... كان فخوراً بحفيدَيه يزرع محبة الرب في قلبيهما... أحب أولاد الرب إخوة وأخوات... أحب الناس وخصوصاً الذين بحاجة إلى معرفة الرب واختبار خلاصه.
جاهد الجهاد الحسن في الصلاة: كان يصلي من أجل الجميع وخصوصاً خدام الرب.
جاهد الجهاد الحسن في إيمانه: حفظ الإيمان المسلم مرة للقديسين. سار مسيرة الإيمان في كل مراحل حياته. تمسك بإيمانه في كل الظروف، وحقق الانتصار على الشكوك التي تهاجم المؤمن.
جاهد الجهاد الحسن في سعيه فأكمل سعيه: هناك مخطط وُضع لنا من قبل الرب إخوة وأخوات، يريدنا أن نكمّله في مسيرة الخدمة التي عيّنها لنا. تختلف مدة هذه المسيرة من شخص إلى آخر، لكن المهم والمطلوب هو تكميل السعي. لأجل هذا، عندما حان الوقت لانطلاق بولس الرسول، وبعد أن قام بمراجعة مسيرة الخدمة التي أعطاه إياها الرب استطاع أن يقول: أكملت السعي. أخشى أن يغادر بعضٌ منا هذه الديار دون أن يكمل هذا السعي الذي عيّنه لنا الرب. لأجل هذا أعتقد أن الحكمة تتطلب منا ”فحص النفس“ والتأكد من أننا أكملنا السعي قبل الانطلاق. إن الأمناء في مسيرة الإيمان هم فقط الذين يكمّلون السعي.. وسامي قد أكمل السعي، ولذلك دعاه الرب إليه.
كان عند سامي اشتياق دائم لملاقاة الرب. كان يرى الرب في الخليقة كلها، وكان ينتظر الوقت الذي فيه سيرى الرب وجهاً لوجه. وتحقّق هذا الاشتياق إذ هو يتمتع الآن برؤية الرب وجهاً لوجه، وينتظر المجازاة التي هي إكليل المجد الذي وعد به الرب لجميع الذين يحبون ظهوره. وإني بالإيمان أرى الإكليل الذي أُعدّ للمحبوب الراحل سامي مرصعاً بالجواهر.
ليعيننا الرب لكي نقتدي ونتمثّل بالقديسين الذين سبقونا ليكونوا مع الرب بعد أن عاشوا حياة الجهاد لمجد الرب بكل أمانة وإخلاص.