Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الثاني (يناير) 2008

”وفي تلك الأيام خرج (يسوع) إلى الجبل ليصلي. وقضى الليل كله في الصلاة لله“ (لوقا 12:6).

امتياز الصلاة أنها تمسك القدرة المطلقة، وتدفعها بقوة جبّارة، لتدكّ المعاقل وتحطّم الحواجز، وتذلل الصعوبات، لأن طاقتها عظيمة جداً وهائلة. وقد قيل: الركب الساجدة أقوى من الجيوش الزاحفة. فالقوة الحقيقية هي بيد المصلين المقتدرين.. فهل تحسن استخدام الصلاة؟! فكما أن الطاقة الكهربائية التي تنير المدن وتدفع المحركات وتسيّر الأعمال الجبارة، نابعة من مولّدات ضخمة، كثيراً ما تكون مختفية عن الأنظار لا تفطن لوجودها، هكذا الصلاة في حياة المؤمن!

 

نتطلع فنجد الخدمة في تقدّم، والبركات فائضة، والاجتماعات في انتعاش، والرب يخلّص النفوس... من أين هذا؟ إنه وليد القوة المستترة! وليد الصلاة. ذلك لأن رجال المخدع في جهاد مع الله، ونحن لا نعرف قيمة هؤلاء الرجال إلا عندما نفقدهم. عندما ينقطع التيار الكهربائي ويدبّ الظلام، وتقف المحركات الكهربائية، نعلم أن مولدات الطاقة عاطلة عن العمل. فعندما تخبو نار الانتعاش، وتجفّ الحالة الروحية، ويدبّ الخصام بين أعضاء الجسد الواحد، ويخفّ تأثير كلمة الله على السامعين، لا تسل عن السبب لأنه ناتج عن فتور في اجتماعات الصلاة المخدعية والجماعية.

فاعلية الصلاة

الصلاة صعبة، لأنها نكران الذات. أنت تصلي في الخفاء من أجل عمل الرب فتظهر نتائجها في انتفاضة الأعضاء العاملين. تصلي وإذا الرب يسكب انتعاشاً، ولا أحد يعلم بك إلا الله الذي يجازيك علانية. هذا شيء ضد الطبيعة البشرية التي تحب الكبرياء والظهور... مسكينة الكنيسة بدون الصلاة. لكن نجاح عمل الرب في حقل الخدمة هو وقف على النفوس المصلية. اطلبوا من رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده. الصلاة تغيّر الأوضاع وتضع قوة الله موضع التنفيذ. فعندما تصلي تشرك الله معك في الخدمة. كل عمل بدون صلاة يسقط أمام هجمات إبليس، لكن الصلاة تحصنه من سهام الشرير الملتهبة. يربط الشيطان الناس، والصلاة تقطع هذه الربط! الشيطان لا يقاوم الخدمة الخالية من الصلاة، لأنها فاشلة، لكنه يرتعب عندما ترتفع أصوات الكنيسة بالصلاة بقلب واحد.

الصلاة أعظم قوة في العالم. لقد غيّرت تاريخ أمم، وأثّرت في أحوال الناس، كما تأثرت بها قوانين الطبيعة ذاتها. نحتاج لرجال تشهد جدران مخادعهم بجهادهم في الصلاة طويلاً. فإن أبفراس قادته شركته مع المؤمنين في كولوسي للصلاة من أجلهم، وصلواته زادت في شركته معهم. وهكذا كلما ازددنا محبة لأي شخص كثرت صلواتنا لأجله، وكلما أكثرنا الصلاة من أجله ازددنا اشتياقاً لخلاصه.

مثالنا في الصلاة

يسوع رجل الصلاة، صرف الجموع فذهبوا إلى بيوتهم، أما هو فذهب إلى الجبل أي إلى مخدع صلاته الدائمة، وقبل كل عمل هام كان يصلي. إن الأعمال الجليلة التي تقوم بها تحتاج إلى صلاة متواصلة كافية. يسوع مثالنا في الصلاة: كان يعتزل في البراري... وإذ كان يصلي انفتحت السموات... قبل الصليب صلى... على الصليب صلى. هكذا كان يسوع، وهذه هي روح المسيح شفيعنا الوحيد لدى الآب.

كل من ينشغل بالصلاة لأجل خلاص النفوس يختبر عمق الشركة مع شخص المسيح.

اكتشاف نفوسنا

لماذا لا نستفيد من امتيازاتنا السامية؟ لماذا لا نعرض أمام الله همومنا ومتاعبنا بصراحة، ونكشف له عما في حياتنا من رواسب؟ لماذا لا نسقط على وجوهنا عندما يتحدث الله معنا؟ يجب أن تكون حياتنا محادثة واحدة طويلة مع الله، ولا يجب أن يمر يوم دون التحدث إليه عن أمور حياتنا بجملتها، داخلين إلى مقادسه، رافعين عن قلوبنا كل حزن ومرارة.

إن قوة الصلاة في المؤمن ليست شيئاً مفاجئاً، لكنها تجيء نتيجة لجلسات سابقة طويلة. فطاقة المؤمن للصلاة، ليست وليدة ضغط احتياجات، بل وليدة النموّ الروحي التدريجي، والتقدم في الإيمان والثقة بالله دون التأثُّر بالمحيط الخارجي والنواهي البشرية. عندما نصلي نطلب ضمن حدودنا البشرية، لكن الله يعطينا بحسب غناه في المجد - ويدَا الله مملوءتين بغنى السماء لكل من يطلب. لماذا لا تمتلك هذا الغنى الفيّاض؟

ضرورة الصلاة

روح الصلاة لازمة وهامة للمؤمن الخادم، وبدونها هو ضعيف لا يصمد أمام التجارب.. فلا ربح نفوس إلا بالصلوات الطويلة.. وفاعلية الصلاة لا يماثلها شيء في حياة المؤمن. إن فقدنا روح الصلاة، لا نستطيع أن نفعل شيئاً مهما امتلأ عقلنا معرفة.

مصلين بكل صلاة... لأجل كل الاحتياجات. لأجل الأجساد، والأذهان، والقلوب، والأولاد... ولا يوجد شيء يخصنا لا يستجيب الله صلاتنا من أجله.

كثرة الصلاة السرية، معناها فيضان القوة الجهارية.

فإن تأثيرك في البيئة التي تعيش فيها لا يتولّد من طلاقة لسانك أو غيرتك، ولا من نشاطك، ولا استقامة سلوكك أو كلامك - مع أن هذه جميعها لها قيمتها وفائدتها، بل ينبثق من اتصالك الدائم مع الرب بالصلاة.

معرفة إرادة الله في الحياة

لا توجد صلاة غير مستجابة. قد لا يمنح الله طلبة المؤمن، فهذا لا يعني أن الله لم يستجب، بل قد يستجيب عكسياً بالنفي. صلى يسوع في جبل الزيتون قائلاً: ”يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكأس“، أجابه الله على الصلاة، إذ ظهر ملاك من السماء يقويه: لكن كانت الإجابة نفياً، ولماذا يقول الله لا؟  بولس صلى من أجل شوكته في الجسد، فاستُجيبت الصلاة، لكن الطلبة لم تمنح. موسى اشتاق أن تتحقق أمنيته بدخول الأرض، بعد أن كرّس حياته لقيادة الشعب، ولما وصلت مهمته العظمى إلى آخر مراحلها، ودنا وقت القطاف، سأل الله أن يمتعه بدخول أرض الميعاد. لكن الجواب كان، لا تعد تكلمني بهذا الأمر. أُجيبت الصلاة، لكن لم تُمنح الطلبة، ومات موسى على جبل الفسجة دون أن يدخل الأرض. لكنه دخل الأرض في الوقت المعين من الله، نرى أن الطلبة التي لم تتحقق في أيام حياته، تمت على جبل التجلي.

لماذا سمح الله لخادم له موهبة ممتازة أن يبقى في السجن؟ لكن في السجن الموحش كتب الرسول بولس أغلب رسائله التي تعد ميراثاً لا تقدّر قيمته على مدى الأجيال. وشوكته التي كان من المتوقع أن يحرره الله منها حيث ضايقته جداً، حتى أنه طلب ثلاث مرات من الله لأجلها، لكن الصلاة استُجيبت، ولم تُمنح الطلبة. بل كان الجواب: ”تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمل“.

هذا ما يساعدنا على طرد فكرة عدم استجابة الله لطلباتنا لأننا مخطئون في طلبنا.. إذا كانت صلاتنا  بإرشاد الروح القدس، لا بد أن نأخذ ما نسأل. فهل كانت طلبة يسوع في جثسيماني في غير محلها؟ حاشا، لأن يسوع يعرف إرادة أبيه ويتممها في حياته - لذلك نراه يقول: ”لتكن لا إرادتي بل إرادتك“.

قال الرب لداود في مناسبة مشروع بناء هيكل للرب الذي كان يود أن يقوم به، ولكن لم تكن مشيئة الرب أن ينفذه؛ فأجابه قد أحسنت بكونه في قلبك غير أن ابنك الذي يخرج منك هو يبني لي بيتاً... فقد صادق الله على رغبته، لكنه جعل تحقيقها بيد سليمان.

صعوبة الصلاة

بالنسبة لكثر المشغوليات، يحتاج المؤمن إلى خلقِ وقت كاف للصلاة، وحصر ذهنه كلياً مع الرب.. ومما يساعد المؤمن ليكون منسجماً مع فكر الله هو قضاؤه أوقاتاً طويلة على ركبتيه أمام عرش النعمة. إن قراءة الكلمة لها أهميتها، لكن بدون روح الصلاة فهي جافة تفتقد للفائدة. إنها تملأ الذهن بالمعرفة العقلية التي تؤدي إلى حالة برود، وانعدام الأثمار الروحية، وتصبح بلا قوة، بل بالحري تظهر فيه روح الكبرياء، فلا يوجد شيء يُضعف الحياة الروحية أكثر من انشغال العقل بالحق المقدس، بينما القلب والضمير يبقيان غريبين عن قوته، وتتوقف هذه الحالة على إهمال الصلاة. المسيح مثالنا وشعارنا، بدأ واستمر وأنهى كرازته بالصلاة، حتى أن كلماته الأخيرة، كانت صلاة لأجل أعدائه.

مبشر دون صلاة... كموسى بلا عصاه.

معلّم دون صلاة، كداود في مقابلة جليات بدون المقلاع.

واعظ بدون صلاة... كشمشون بدون شعر.

فإذا كان يسوعنا، يصلي من وقت إلى آخر وبجهاد، فما أحرانا نحن إذا أن نطيع الأمر الإلهي، ”صلوا بلا انقطاع“.

المجموعة: 200801

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

535 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10472008