Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2010

"ارجعوا لتُمحى خَطاياكم" (أعمال 19:3).
"يسوع... يبارككم بِردّ كل واحد منكم عن شروره" (أعمال 26:3).
"فسقَط على الأرض وسمع صوتاً قائلاً له: شاول شاول" (أعمال 4:9).

من الأمور المسلّم بها من الجميع أنه قبل البناء لا بدّ من الهدم، وقبل أن يكون تعمير لا بدّ من تدمير.


والطبيعة تشهد الانقلاب كل يوم وتشهده مرى أخرى كل عام. فقبل شروق الشمس يحدث انقلاب بين الليل والنهار، وقبل أن يأتي الربيع بزهوره الجميلة ونسيمه المنعش يقبل الشتاء بعواصفه القاسية فتتجرّد الأشجار عن أغصانها ويذبل فيها كل أخضر وجميل.
وفي السياسة أيضاً لا يمكن أن يقوم بناء إلا بعد هدم، ففرنسا لم تشهد عصر الحرية الذي ترددت في أجوائه كلمات الحرية، والإخاء، والمساواة، إلا بعد انقلاب سياسي عنيف.
وكذلك الحال أيضاً في مدينة "نفس الإنسان"، فلا يمكن أن تشرق شمس البر على حياة الإنسان إلا بعد انقلاب روحي، ولا يمكن أن يتمتّع الإنسان بربيع الحياة، وسلام الضمير، وراحة الفكر والبال، وجمال الغفران، إلا بعد انقلاب روحي، أعني بعد الشتاء.
كما لا يمكن أن يقوم في نفس الإنسان وزن للحرية، والإخاء، والمساواة، إلا بعد أن ينهدم الباستيل الذي في عمق قلب الإنسان، فيتحرر المرء من قيود الشر، والمادة، والفساد، وحب النفس.
إن الله ينادينا في الآية الأولى قائلاً: «ارجعوا»، وهذه الكلمة مكمّلة لكلمة «توبوا»؛ «فتوبوا وارجعوا لتُمحى خطاياكم لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب».
ولئلا يظن إنسان أن الرجوع مستحيل، يسعفه الله بالقول الذي ورد في الآية الثانية: «أقام الله فتاه يسوع، أرسله يبارككم برد كل واحد منكم عن شروره».
ولكي لا يسأل الإنسان: وما هو هذا الانقلاب؟ يوضِّحه لنا الله في حياة بولس الرسول فيقول: «سقط شاول على الأرض وسمع صوتاً من السماء يقول: شاول، شاول».
إن هذا الانقلاب الروحي يتم على خطوات كلمح البصر أمام الإنسان.

الخطوة الأولى
تبدأ بهدم كل شيء

لقد كان شاول الطرسوسي راكباً جواداً معتزّاً به وبنفسه، متخيّلاً نفسه البطل المغوار الذي سيصرع المسيح مع جنوده على هذه الأرض. وفجأة أشرق حوله نور فسقط عن جواده إلى الأرض.
ومن علياء جوادك أيها الإنسان يجب أن تسقط أمام الله على الأرض، وأن تخلع عنك ثوب برّك الذاتي، وتعترف أمام الله أن أعمالك الصالحة لا تنفعك شيئاً ولا توازي أمام الله فتيلاً.
لقد كان نعمان السرياني رجلاً جباراً مرفوع الوجه عند سيده، وصاحب انتصارات عظيمة، إلا أن نبي الله قال: يجب أن هذا الرجل الجبار الغني العظيم ينزل عن مركبته ويغتسل في نهر الأردنّ، القذر حسب ظنه، لأنه أبرص.
كذلك ينبغي أن كل إنسان منا يختبر هذا الانقلاب الروحي في حياته فيبكَّت تبكيتاً عميقاً أمام الله ويقول له، جلّ في علاه، بانكسار وانسحاق: «يا رب، هوذا كل الأعمدة التي ارتكزت عليها قد تهدّمت، وهوذا كل العصي التي توكّأت عليها قد تحطّمت، وهأنذا مجرّد بين يديك، فماذا تريد مني يا رب أن أفعل؟».
دخل غني مع سائق سيارته إلى كنيسة ليحضرا خدمة دينية وسمع كلاهما رسالة واحدة، إلا أن السائق خرج مبرّراً متهللاً دون سيده الذي لم تمسّ كلمة الله قلبه. فتعجّب ذلك الرجل الغني للتغيير الذي حدث في حياة سائقه وسأله: «كيف تغيّرت؟» قال: «من موعظة الأحد الماضي». قال له:  «لكني سمعتها أنا أيضاً معك ولم أتأثّر أو أتجدّد».
فقال له السائق في حياء وبعد تردّد: «إني يا سيدي رجل بائس، حين عُرض عليّ أن ألبس رداء بر المسيح التفتّ إلى ملابسي وإذا بها خرق بالية، فقبلت ثوب برّ المسيح في الحال، ورضيت أن أخلع عني ثيابي المهلهلة، وهأنذا أفرح وأفتخر. لكنك أنت يا سيد، لما عُرض عليك رداء برّ المسيح نظرت إلى ردائك وإذا به جميل فظننته مثل رداء بر المسيح جمالاً فأعرضت عن الأخير». فقال الغني: «أصبت أنت وأخطأت أنا. تعال لنصلي». وركع الغني قائلاً: «يا إلهي، وضعت عند موطئ قدميك كل غناي ومجدي وفخري، وبري الذاتي لأنال برك ومجدك». فقام مبرراً فرحاً!
لقد ظل جون وسلي معتمداً على بره وجهوده الشخصية في إصلاح نفسه وعمل خادماً لله أربعة عشر عاماً من غير أن يتجدّد إلى أن أدركه مرسل من إرسالية الموريفيين.
وقال له: «ما لك مضطرب؟ ماذا أنت عامل في حياتك الروحية؟». فقال وسلي: «أنا أجتهد كل يوم أن أكون أسعد حالاً من اليوم السابق، وأن أبطل عادة سيئة من عاداتي، لكني كلما حاولت أن أبطل عادة واحدة سقطت في عشرة». فقال له المرسل: «ألقِ بنفسك بالتمام على الله وسلّم له كل شيء، ذو القلب الممكن تحفظه سالماً سالماً لأنه عليك متوكل». وحين تنازل وسلي عن بره وجهوده نال تبريراً وتجديداً.
وكذلك ظل جورج وايتفيلد معتمداً على قوته وجمال منظره حتى قرأ آية في كتاب قدّمه له صديقه وسلي وهي قول المسيح: «ينبغي أن تولد من فوق». فآمن بالمسيح، وهجر غروره، فاستراح، وجال منادياً بتلك الآية حتى قيل أنه وعظ عنها ثلاثمائة مرة نفس العظة، فقال له أحد السامعين:
«ألا تعرف عظة غير هذه؟ ما لك في كل مرة تعظ عن الآية القائلة ينبغي أن تولدوا من فوق؟». فقال له: «لأنه ينبغي أن تولدوا من فوق».
تلك هي الخطوة الأولى في الانقلاب الروحي.


أما الثانية فهي
 تغيير نبع الحياة

قيل أن رجلاً اشترى حقلاً به بئر عليها طلمبة، ثم وجد أن مياه البئر سامة فطلى الطلمبة، لكن المياه ظلت سامة، ثم طلى البئر كلها ولكن دون جدوى، وأخيراً علم أن العلة ليست في البئر بل في الماء الذي بداخلها، وفي نبعها الذي يحتاج إلى تغيير.
مثل ذلك مثل ساعة إن هي تعطّلت لا يكفي أن يستبدل معدنها من فضة مثلاً إلى ذهب، أو أن يغيّر رقاصها بل ينبغي أن يصلح أو يغيّر الماكينة التي بداخلها.
لا دخول إلى الحياة الأبدية إلا بتغيير نبع الحياة. «وأنزع قلب الحجر... وأعطيهم قلب لحم». فليست العلة في طريقة المظهر وإنما علة العلل هي في داخل القلب.

أما الخطوة الثالثة
فهي تغيير الأوضاع

فينزل العالي في حياة الإنسان إلى أسفل، ويرتفع السافل إلى أعلى، ويصبح ما كان مكروهاً محبوباً، ويضحي المحبوب من الشر مكروهاً.
الشيء المقدّر كل تقدير - قبل معرفة المسيح - يصبح بعد التجديد لا شيء! «أحسب كل شيء نفاية لكي أربح المسيح».
المرّ على لساننا قبل أن نعرف المسيح يتحوّل إلى حلو ويضحي الحلو مراً.
قبل التجديد كنا نحب الشر ونبغض المسيح، وبعد التجديد نحب المسيح ونبغض الشر.
قبل التجديد كانت الدنيا كل شيء والأبدية لا شيء، وبعد التجديد تصبح الحياة الأبدية كل شيء والحياة الدنيا لا شيء.
قبل التجديد كنا نحبّ أن نوجد في أماكن الشر، ونكره الوجود في بيت الله، وإذا بالأوضاع تتغيّر بعد التجديد.
أخيراً، أقول إن هذا الانقلاب الروحي يتناول كل مرافق الحياة، ويشمل كل أركان النفس والقلب.
فلنفحص قلوبنا: هل نحن قد اختبرنا هذا الانقلاب الروحي؟
اللهمّ، هذه نفسي استلمها ووجّهها كيفما شئت.

المجموعة: 201006

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

88 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476126