أذار March 2011
عندما نتحدث عادة عن الإفلاس فنحن نفكّر بالأمور الماديّة والتجارية. وتأخذنا الدهشة والمفاجأة عندما نسمع أحيانًا عن شركة كبيرة مشهورة قد أفلست، فنصاب بالاحباط والذهول وتتبادر إلى أذهاننا أسئلة الاستفسار عن أسباب هذا الإفلاس. ويومًا بعد يوم تبدأ الأخبار تتوالى عن الأسباب الكامنة وراء ذلك "التفليس". وحوادث "التفليس" كثيرة، منها الفعلي ومنها الكاذب المخادع لأغراض خفيّة.
إن ما يهمنا هنا فعلاً هو الإفلاس الروحي!
الإفلاس الروحي أمر غير محبّب كما هو الحال بالنسبة للإفلاس التجاري. ونتمنّى أن نتكلّم عن النجاح، والتقدّم والنموّ المطّرد في حياة الإيمان، إلا أن ما حرّك فؤادي في المدة الأخيرة هو سماعي بعض شهادات الإيمان التي تفرّح القلب، لا بل تفرّح السماء، بقبول خطاة إلى حظيرة الإيمان ومعرفة الرب يسوع المسيح مخلصًا شخصيًا. وخلال تلك الاختبارات الحلوة كان بعضهم يروي أنهم خلال مسيرة بحثهم عن الإيمان المسيحي أو طريق الخلاص، كانوا يلتقون ويتكلمون مع أناس مسيحيين حسب عرفهم. وهنا كانت الصدمة المفاجئة، لأنهم أصيبوا بخيبة أمل... لأنهم لم يستطيعوا أن يفيدو سائليهم بما يشبع تساؤلهم. ربما كان البعض يتهرّب والبعض يستهجن. وفي الحالين ما كان عليهم سوى التحوّل عنهم ليفتّشوا عن آخرين. وكانت خيبات الأمل تتكرر مرة بعد أخرى.
وعندما كان يحاول أحدهم أن يبحث عن الحق عند إنسان مسيحيٍّ بالاسم، لكونه يُدعى "مسيحيًا"، فيجده مصابًا بالإفلاس الروحي غير المعلن - إنه إنسان "مسيحي" لأنه من خلفيّة مسيحية، لكنه يجهل طريق الإيمان بالمسيح! - هذه خسارة كبيرة يؤسف لها أسفًا شديدًا!
عندما نتكلم عن الإفلاس التجاري فنحن نعرف أن تلك الشركة غدت لا تملك السيولة الماديّة لتتابع عملها بنجاح. وبالتشبيه نقول إن "المسيحي" الذي لا يملك معرفة روحيّة اختباريّة يوميّة كتابيّة عن حياة المسيح في حياته أو في ذهنه، هو في حالة التفليس الروحي. هذا الوضع هو مصيبة روحيّة مخيفة! فهناك شخص يغرق، يصرخ ويطلب النجدة من شخص على مرأى منه، فيأتيه الجواب بالاعتذار الشديد! فهل لذلك الاعتذار من فائدة؟!
الاستعداد الروحي في معرفة الإيمان أمرٌ ضروري وملحّ، كي نكون سبب بركة وفرح لكل سائل ومستفسر.
"بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ" (1بطرس 15:3). ويعلل الرسول بطرس هذا الموقف الضروري قائلاً: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ" (1بطرس 9:2).