أذار March 2011
هناك العديد من الكلمات اليونانية المرادفة لكلمة محبة، ولكن أكثرها استخدامًا في العهد الجديد هما كلمتي "فيليو Phileo" و"أغابي Agape".
"فيليو" تشير إلى المحبة المشروطة، وهي المتعامل بها عادة بين الناس. أما "أغابي" فهي المحبة التي من الله، التي يسكبها في قلوب أولاده، وهي محبة غير مشروطة وهي نفس المحبة التي يحبنا بها يسوع؛ محبة مجانية، لا يضع فيها المحب شرطًا لكي يمنحك إياها. فمثلاً، الله لا يشترط شرطًا من جهة أدائك، أو سلوكك، أو حتى حالتك، وهو أيضًا لا يعتمد في محبته لك على محبتك أنت له، لكنه في محبته لك تجده يواصل المنح والعطاء حتى وإن كانت محبته لك مرفوضة منك.
ونحن، بدون الرب، لا نستطيع أن نعطي سوى تلك المحبة المشروطة، تلك المحبة التي لا تعطى إلا لمن يستحق، ولمن هو قادر أن يرد بالمثل، ولا نستطيع أن نعطي تلك المحبة المجانية، ولكن بالرب نستطيع؛ نستطيع أن يكون لنا نفس محبة المسيح "أغابي" التي بها سامح صالبيه وطلب لهم الغفران.
إن المحبة التي من نوع "الفيليو"، أو المحبة المشروطة فبالرغم من جمال اسمها وبالرغم من كونها نوعًا من أنواع المحبة، إلا أنها كثيرًا ما سببت فشلاً وإحباطًا، بل جروحًا في حياة كثير من المؤمنين. فهي للأسف محبة مصحوبة بكثير من الأنانية؛ تلك الأنانية التي تجعلنا نُصاب بالفشل والاحباط عندما لا نجد هذا الشخص الذي أحببناه، يرد تلك المحبة بمحبة مثلها. إنه ما أسهل أن يعترينا الشعور بالخذل إذا توقعنا أن نحظى بردٍّ ما ولا نحصل عليه؛ إننا نجعل أنفسنا عرضة للجروح عندما نتوقع سلوكيات معينة ومحددة تجاهنا ومن حولنا؛ فبقدر ما نتوقعه من الآخرين نعرّض أنفسنا للجروح والصدمات، وخيبة الأمل. أما إذا لم نتوقع شيئًا على الإطلاق - كما في أغابي - فإن أقل القليل منهم يكون بالنسبة لنا نعمة كبيرة، وأنه ليس هناك دينًا كبيرًا فى أعناقهم هم مديونون به وعليهم أن يسددوه لنا. ولكن هذا ليس معناه أنه ليس هناك حصاد لتلك المحبة الباذلة، فهناك قانون روحي يجب أن نؤمن به وهو: "الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ" (غلاطية 7:6–9).
إذًا، فالكتاب يضمن لنا الحصاد ولكن في وقته، أي لا بد وأن نحصد ثمر محبتنا هذه، والتي هي فينا من الله.
سنحصدها حتمًا حتى ولو لم نحصدها بسرعة. سنحصدها حتمًا حتى وإن لم نحصدها من نفس الحقل الذي زرعناها فيه. ولكن الكتاب يقول إننا حتمًا سنحصد ثمر أعمالنا، ولكن علينا أن ننتظر ولا نكلّ.