تشرين الأول October 2011
إن الطهارة في المؤمن على جانب أعظم من الأهمية، ولا يمكن أن يحصل نمو ولا أية خدمة روحية حقيقية بدونها. والرسول يعقوب - وهو يكتب للمؤمنين المسيحيين من أسباط إسرائيل في الشتات - يقول عن الحكمة التي من فوق أنها "أولاً طاهرة" (يعقوب 17:3).
إن الطهارة في المؤمن على جانب أعظم من الأهمية، ولا يمكن أن يحصل نمو ولا أية خدمة روحية حقيقية بدونها. والرسول يعقوب - وهو يكتب للمؤمنين المسيحيين من أسباط إسرائيل في الشتات - يقول عن الحكمة التي من فوق أنها "أولاً طاهرة" (يعقوب 17:3). والرسول يوحنا - في رسالته الأولى - عند كلامه عن الحقيقة المباركة وهي أننا سنكون مثله لأننا سنراه كما هو، يقول أيضًا: "وكل من عنده هذا الرجاء به (بالمسيح) يطهر نفسه كما هو طاهر". والرب يسوع في الموعظة على الجبل يقول: "طوبى للأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (متى 8:5). والرسول بولس يحث تلميذه تيموثاوس في رسالته الأولى على أن يكون قدوة للمؤمنين في جملة صفات، ومن بينها الطهارة. كما أنه في الأصحاح الخامس من نفس الرسالة يضيف القول: "احفظ نفسك طاهرًا". إن خادم الرب، لكي يكون ناجحًا في خدمته، يجب أن ينتبه إلى سلوكه حتى يستطيع أن يوصل الحق، بقوة الروح القدس، إلى قلوب سامعيه. ومن الجهة الأخرى، لا يكون قبول حقيقي للحق من جانب المخدومين بدون أن يكونوا طاهرين في قلوبهم وأفكارهم. هذا يظهر بوضوح في خدمة ربنا المبارك، الذي قبل أن يتكلم مع تلاميذه بالحقائق الإلهية السامية المذكورة في الأصحاحات من 14-17 من إنجيل يوحنا، والتي كانت في ذلك الحين فوق إدراكهم، نراه يهتم بإيجادهم في الحالة التي تتناسب مع قبولهم لهذه الحقائق، والعيشة فيها بعد موته وقيامته ونزول الروح القدس. لذلك نراه في الأصحاح 13 يغسل أرجلهم، ونحن نفهم طبعًا ما المقصود من هذا العمل المبارك. والرب هنا يضع مثالاً لما سيقوم به من خدمة تالية، كالخادم الممجد المتمنطق في الأعالي لغسل أقدام شعبه بماء الكلمة. وفي هذا الفصل - يوحنا 13 - يُرى كمن "ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم إلى الآب"، تاركًا مرافقته الشخصية لتلاميذه. وبطرس لم يقبل أن يرى الرب في هذا الوضع، وضع الانحناء لغسل أرجلهم - لذلك يعترض، ولكن بعد أن عرف أنه لا يمكن أن تكون له معه شركة دون أن يغسل رجليه - يرضخ لما يريد الرب عمله. وهكذا الحال معنا أيها القارئ المسيحي العزيز. إن كنا نريد أن تكون لنا شركة مع ذلك السيد المبارك الذي أتى من عند الآب ورجع أيضًا إليه، يجب أن تطبق الكلمة علينا لغسل أرجلنا وتطهيرنا في الحياة أو لإرجاعنا إذا ضللنا. وفي هذه الأيام الأخيرة التي نحن فيها، ما أعظم أهمية قول الرسول لنا: "امتحنوا كل شيء. تمسكوا بالحسن" (1تسالونيكي 21:5). ولا يمكننا أن نعمل ذلك إلا بدراسة كلمة الله والتأمل العميق فيها بعمل الروح القدس. إن كل انحراف في نفس المؤمن إنما مرجعه إهمال الكلمة؛ ذلك لأن هذه الكلمة المجيدة إنما هي أعظم حافظ للنفس من شراك العدو.