Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيلول - تشرين الأول Sep - Oct 2012

الدكتور لبيب ميخائيلقايين وهابيل أخوان، أبوهما آدم وأمهما حواء، أخبرهما أبوهما أن طريق التقرب إلى الله هو الذبيحة الدموية، وأخبرهما كيف ذبح الله حيوانًا بريئًا ليأخذ جلده ويكسو عريه وعري أمهما بعد عصيانهما. وأخبرهما كذلك أن الله وعد بمجيء واحد سيولد من امرأة لم يمسسها بشر، وأن هذا الواحد سيسحق رأس الشيطان الذي أغوى حواء لتأكل من الشجرة المحرمة.



عرف قايين وهابيل الله، وعرفا الطريق الوحيد للتقرب إليه، وهو الذبيحة الدموية. كان الإيمان بالله هو القاسم المشترك الأعظم في حياة الأخوين، لكن قايين رفض التقرب إلى الله عن طريق الذبيحة الدموية وهو الطريق الذي أخبره عنه أبوه، وابتدع طريقًا جلب عليه وعلى من يتبعون طريقه الويل، كما قال يهوذا أخو يعقوب "وَيْلٌ لَهُمْ! لأَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ قَايِينَ" (يهوذا 11).
قدم هابيل لله ذبيحة دموية، ونظر الله بعين الرضا إلى قربانه. أما قايين فقدم من ثمار الأرض الملعونة قربانًا للرب ورفض الله قربانه. واغتاظ قايين جدًا وقتل أخاه هابيل. ويقينًا أن قتل قايين لهابيل يؤكد وراثة الطبيعة الساقطة، طبيعة آدم بعد سقوطه... يؤكد أن الإنسان يولد بنفسٍ أمّارة بالسوء... يولد في أسفل سافلين، ولذا قتل قايين هابيل دون مؤثرات من البيئة أو التربية، بل بدافع طبيعته الشريرة الساقطة.
والآن إلى الحديث عن طريق وديانة قايين وديانة هابيل:
إن طريق قايين هو:

 

1- طريق رفض الإيمان بكلمة الله التي أخبره بها أبوه


الإيمان الحق، هو الإيمان المؤسس على كلمة الله الموحى بها منه كما يقول بولس الرسول: "إِذًا الإِيمَانُ بِالْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ بِكَلِمَةِ اللهِ" (رومية 17:10). وقد أخبر آدم قايين وهابيل بكلمة الله التي تعلن أن التقرب إليه هو عن طريق الذبيحة الدموية. أخبر آدم ولديه أن أجرة الخطية موت، ولا سبيل لنجاة الإنسان من الموت إلا عن طريق البديل الكامل، الذي تزيد قيمته عن قيمة البشرية كلها والذي يرضى أن يموت. هذا البديل وحده هو الذي يفدي الإنسان الأثيم وينقذه من غضب الله ودينونته بعد أن يموت، ولذا فيمكن أن يقال عنه "الذبح العظيم". هذا البديل لا يمكن أن يكون إنسانًا كسائر الناس، وُلد بطبيعة ساقطة، وإنما يولد من امرأة لم يمسسها بشر ليولد خاليًا تمامًا من الخطية، وينتسب بولادته إلى المرأة لا إلى الرجل، وأن الإيمان القلبي بهذا البديل الكامل هو طريق النجاة من الدينونة الأبدية والموت الأبدي.
هذا البديل وُلد من امرأة في ملء الزمان، وهو يسوع المسيح.
رفض قايين الإيمان بما أخبره به أبوه، وابتدع بوحي إبليس طريق الخلاص والنجاة بالأعمال الصالحة، ليكون له الفضل في خلاص نفسه، ويفتخر أنه أنقذ نفسه بجهده وأعماله الصالحة، لكن الكتاب المقدس يعلن أن أعمال الإنسان الصالحة كثوب مهلهل لا يستر عريًا (إشعياء 6:64)، ويسجل لنا الكتاب:
"وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا وَسَقَطَ وَجْهُهُ" (تكوين 3:4-5). نظر الرب إلى قربان هابيل لأنه كان مؤسسًا على الإيمان بكلمة الله - الكلمة التي أخبره بها أبوه - "بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ لِلهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ. فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ. وَبِهِ، وَإِنْ مَاتَ، يَتَكَلَّمْ بَعْدُ!" (عبرانيين 4:11)، ورفض قربان قايين لأنه من ابتداع قلبه ومن ثمار الأرض الملعونة.

 

2- طريق موحى به من إبليس

وهذا الحق يقرره يوحنا الرسول بكلماته: "لأَنَّ هذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا. لَيْسَ كَمَا كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ وَذَبَحَ أَخَاهُ. وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟ لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ" (1يوحنا 11:3-12).
الديانة الإلهية تربط بين قلوب المؤمنين بها، وتحضهم على أن يحبوا بعضهم بعضًا. أما الديانة التي تحض أتباعها على قتل من يخالفها فهي ديانة موحى بها من إبليس نفسه. ذلك لأن الله القدوس لم يعطِ لأحد الحق في إدانة من يخالفه، وذبح المخالف عمل بربري ليس من الله بل من إبليس، وكان قايين من الشرير ولذلك ذبح أخاه.
قال يسوع المسيح لليهود: "أَنَا عَالِمٌ أَنَّكُمْ ذُرِّيَّةُ إِبْرَاهِيمَ. لكِنَّكُمْ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي لأَنَّ كَلاَمِي لاَ مَوْضِعَ لَهُ فِيكُمْ... لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ، لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ! وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ. هذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ. أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ أَبِيكُمْ... أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ" (يوحنا 37:8 و39-40 و44).
صار واضحًا أن الديانة التي تحض على قتل من يخالفها ديانة موحى بها من إبليس قتّال الناس... وأن الله الذي تؤمن به هذه الديانة ليس الإله الحقيقي الذي أحبّ الخطاة وفداهم بموت المسيح بديلاً عنهم على الصليب.

3- طريق يقود إلى اللعنة والتيهان، والحياة بغير يقين

قال الرب لقايين بعد أن قتل أخاه هابيل: "أين هابيل أخوك؟" (تكوين 9:4). وردّ قايين بوقاحة: "لا أعلم! أحارس أنا لأخي؟ فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. فَالآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ. مَتَى عَمِلْتَ الأَرْضَ لاَ تَعُودُ تُعْطِيكَ قُوَّتَهَا. تَائِهًا وَهَارِبًا تَكُونُ فِي الأَرْضِ». فَقَالَ قَايِينُ لِلرَّبِّ: «ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ. إِنَّكَ قَدْ طَرَدْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ، وَمِنْ وَجْهِكَ أَخْتَفِي وَأَكُونُ تَائِهًا وَهَارِبًا فِي الأَرْضِ، فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ وَجَدَنِي يَقْتُلُنِي». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «لِذلِكَ كُلُّ مَنْ قَتَلَ قَايِينَ فَسَبْعَةَ أَضْعَافٍ يُنْتَقَمُ مِنْهُ». وَجَعَلَ الرَّبُّ لِقَايِينَ عَلاَمَةً لِكَيْ لاَ يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ وَجَدَهُ. فَخَرَجَ قَايِينُ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ، وَسَكَنَ فِي أَرْضِ نُودٍ شَرْقِيَّ عَدْنٍ" (تكوين 9:4-16).
هذا المشهد في غاية الأهمية، لأنه يعلن لنا أن عمل الناموس مكتوب في قلب وضمير كل إنسان، يشتكي ضميره عليه ويحتجّ  الآن وفي يوم الدينونة، ولهذا قال قايين للرب: "ذنبي أعظم من أن يُحتمل".
يرينا المشهد أيضًا أن الخطية تفصل الإنسان عن الله فيعيش طريدًا في الأرض بلا هدف، ويحاول الاختفاء من وجه الرب كما قال قايين للرب: "ومن وجهك أختفي".
يرينا المشهد أيضًا خوف الإنسان الأثيم من أخيه الإنسان، فقد خاف قايين من الآخرين وقال: "كل من وجدني يقتلني"، لكن الله لم يسمح بقتل قايين لأنه رغم أن الناموس كان في قلبه، لكنه لم يكن قد أُعطي للإنسان، وحيث ليس ناموس، فلا خطية.
يرينا المشهد حياة الإنسان الطبيعي كما وصفها قايين "أكون تائهًا وهاربًا في الأرض". والإنسان الطبيعي لا يدرك سبب وجوده في الأرض، فينتهي به المطاف إلى الحياة في "أرض نود" ومعناها "أرض التيه والهرب"؛ الأرض التي يعيش فيها الإنسان الذي اختفى الله من حياته فصار بغير يقين من جهة مصيره الأبدي.
واسأل، إن أردت، الكثيرين من الذين تبعوا طريق قايين: ما مصيرهم بعد الموت؟ ولن تجد واحدًا عنده يقين الحياة مع الله... أو انتظار أن يرى وجهه ويشبع به في الحالة الأبدية. إن طريق قايين تنطبق عليها الكلمات: "تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ" (أمثال 12:14). ولهذا السبب يُغرق السائرون في طريق قايين إحساسهم بالضياع، بالملذات الجسدية "وَاتَّخَذَ لاَمَكُ لِنَفْسِهِ امْرَأَتَيْنِ" (تكوين 19:4)، وبالموسيقى إذ أن يوبال، وهو من نسل قايين "كَانَ أَبًا لِكُلِّ ضَارِبٍ بِالْعُودِ وَالْمِزْمَارِ" (تكوين 21:4) - أضف إلى هذا الإغراق في تناول المخدرات والمسكرات، ويصير إلههم بطنهم ومجدهم في خزيهم، ويفتكرون في الأرضيات.
هناك فرق كبير بين ديانة قايين وديانة هابيل، فديانة قايين بلا رجاء، أما ديانة هابيل فإنه "وإن مات يتكلم بعد" (عبرانيين 4:11)، وديانة قايين كان ثمرها أعماله الشريرة، أما ديانة هابيل فظهر ثمرها في أعماله البارة. وديانة قايين هي ديانة سفك الدماء أما ديانة هابيل فهي ديانة الحب.
لنذكر في الختام:
أن طريق قايين هو طريق رفض الإيمان بكلمة الله، فرغم أن كل البراهين تؤكد أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد هو موحى به من الله "كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ" (2تيموثاوس 16:3-17)، وأن أي كتاب أتى بعده - يحمل في صفحاته ويعلن بتناقض نصوصه، وبإلغاء بعض نصوصه للبعض الآخر - أنه من ابتداع الإنسان ووحي الشيطان، فإن الكثيرين حتى من أصحاب الثقافات العالية يؤمنون بمثل هذا الكتاب رغم ما يرون فيه من عيوب، وكأنهم اختاروا بإرادتهم طريق قايين ومصيره المحزن.
إن طريق قايين طريق موحى به من إبليس قتّال الناس.
إن طريق قايين هو طريق اللعنة والتيهان والحياة بغير هدف أبدي وبغير يقين. فأي ديانة تختار؟
لنسمع في هذا المجال كلمات الرب يسوع المسيح: "اُدْخُلُوا مِنَ الْبَاب الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ".
(متى 13:7-14)

المجموعة: أيلول-تشرين الأول Sep-Oct 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

533 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577767