كانون الثاني - شباط Jan-Feb 2013
في مستهل كل عام تطالعنا الصحف بطائفة من التنبؤات، يقول أصحابها أنها تكشف عن الأحداث التي يخبئها العام الجديد بين طياته.
ونرى الناس يتلهفون على هذه التنبؤات، يطالعونها بشغف، إشباعًا لغريزة حب الاستطلاع، وتبديدًا للمخاوف التي تنتابهم أمام المجهول الذي ينتظرهم في عامهم الجديد. والغريب أن الناس يزدادون تعلقًا بها على مر السنين، بالرغم من أن كثيرًا منها لم تثبت الأيام صحتها.
هذا، في الوقت الذي تجد فيه كثيرين لا يهتمون بما يحمله كتاب الحق الذي بين أيديهم من تنبؤات صادقة أكيدة، قد شهدت الأجيال ولا زالت تشهد على صدقها! تأمّل – مثلاً – تلك النبوءة المباركة التي يختتم بها النبي داود مزموره الأشهر، مزمور الراعي، حيث يقول: "إنما خير ورحمة يتبعانني كل أيام حياتي" (مزمور 6:23). نعم، صاحب الكنوز التي لا تنفد يذخر خيرًا ورحمة لكل يوم من أيام السنة، "لأن مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح" (مراثي 22:3-23). لذلك يرفع موسى رجل الله صلاته قائلاً: "أشبعنا بالغداة من رحمتك، فنبتهج ونفرح كل أيامنا" (مزمور 14:90).
ولكن هل هذا يعني أن النبوءة تبشر بأيام كلها إشراق، أو طريق مفروش بالورود على الدوام؟ لو كان الأمر كذلك لما تضمنت الرحمة التي لا تفتقدها – في الغالب – إلا في ظلام الأيام وطريق الأشواك. ولكن إذ تشملنا الرحمة، يتبدد الظلام، فنسعد حتى في طريق الأشواك!
وإنما عليك أنت يتوقف تحقيق هذه النبوءة! لأنها تنتهي بالقول: "وأسكن في بيت الرب إلى مدى الأيام" (مزمور 6:23).
إذًا فالنبوءة مشروطة بسيرك المستمر مع الرب... بل بسيرك معه باستقامة، لأنه "لا يمنع خيرًا عن السالكين بالكمال" (مزمور 11:84). ويؤكد في مناسبة أخرى نبوءته للصدّيقين قائلاً: "قولوا للصديق خير" (إشعياء 10:3)؛ خير مهما قابل، بل رغمًا عن كل ما قد يقابل، "لأن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله" (رومية 28:8)، وكل عام وأنت بخير في المسيح.