أيار - حزيران May - June 2013
"وأما أنا فحاشا لي أن أخطئ إلى الرب فأكفّ عن الصلاة من أجلكم" (1صموئيل 23:12)
هل يمكن أن يعيش المؤمن بغير صلاة؟
وهل يمكن أن تكون هناك حياة روحية حقيقية بدون صلاة؟ إذا استطاع الإنسان أن يحيا حياته الجسدية بدون هواء، فإن المؤمن يستطيع أن يعيش حياته الروحية بغير صلاة. فالصلاة هي بمثابة الهواء الذي يتنفسه المؤمن ليحيا الحياة الروحية. وقد عبّر المؤمن المختبِر عن هذه الحقيقة بهذه الكلمات: "أما أنا فصلاة" (مزمور 4:109).
ولكن هل خطر ببالك يومًا أن عدم الصلاة خطيئة؟ قد تعترف بأن عدم الصلاة إهمال أو ضعف روحي، لكنه أكثر من ذلك، إنه خطيئة!
أولاً: لماذا يعتبر عدم الصلاة خطيئة؟
1- إن عدم الصلاة خطيئة لأن كلمة الله الموحى بها تقرر هذا الأمر، مما جعل صموئيل يصرح بهذه الكلمات الخطيرة: "فحاشا لي أن أخطئ إلى الرب فأكفّ عن الصلاة من أجلكم".
2- إن عدم الصلاة خطيئة بالنسبة لأهميتها، وهذا نراه واضحًا في مواقع كثيرة من كلمة الله. فنقرأ: "ينبغي أن يصلى كل حين" (لوقا 1:18)؛ "صلوا بلا انقطاع" (1تسالونيكي 17:5)؛ "مصلين بكل صلاة وطلبة كل وقت في الروح" (أفسس 18:6). والحقيقة أنه يوجد نوعان من الخطيئة: خطيئة نرتكب بها عملاً لم يكن من الواجب أن نعمله، وخطيئة نغفل بها عن عمل كان يجب أن نعمله. وعدم الصلاة خطيئة من النوع الثاني. وهذا ينطبق عليه هذه الكلمات: "فمن يعرف أن يعمل حسنًا ولا يعمل فذلك خطية له" (يعقوب 17:4).
3- إن عدم الصلاة خطيئة لأنه إهانة في حق إلهنا
حين نصلي فإن هذا يعني أنه لا إيمان لنا، "وكل ما ليس من الإيمان فهو خطية" (رومية 23:14). كما أنه "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" (عبرانيين 6:11). ويا له من عار يلحق بالأب حين لا يثق فيه ابنه! إن عدم الصلاة خطيئة تلحق كثيرًا من العار على اسم إلهنا، كما أنها تسبب لنفوسنا كثيرًا من المتاعب. إن هذه الخطيئة قد تكون من الخطايا المحيطة بنا بسهولة، فعلينا أن نطرحها جانبًا وننظر إلى رئيس إيماننا ومكمله، الرب يسوع المسيح (عبرانيين 1:12-2).
4- إن عدم الصلاة خطيئة بالنسبة للدوافع الكثيرة التي تدفعنا للصلاة
على صفحات الوحي المقدس نجد الكثير من التحريضات والتشجيعات التي تدعونا لأن نصلي. كما أننا نجد أيضًا أمثلة كثيرة لرجال الله الذين صلوا وحصلوا على الاستجابة لصلواتهم. بل إن اختباراتنا الشخصية، واختبارات الآخرين من المؤمنين خير مشجع لنا على الصلاة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أكبر مشجع لنا على الصلاة هو مشاركة الروح القدس لنا في الصلاة، فهو الذي يعين ضعفاتنا ويشفع فينا بأنات لا يُنطق بها (رومية 26:8).
5- إن عدم الصلاة خطيئة بالنسبة لما تستطيع الصلاة أن تفعله
فكّر مليًا فيما تستطيع الصلاة أن تفعله. ارجع إلى كلمة الله واعمل قائمة بكل المعجزات المسجلة في الكتاب، والتي حدثت فيها استجابة للصلاة. فما دامت الصلاة تستطيع أن تفعل كل هذا، فإن عدم الصلاة يعتبر خطيئة. إننا بعدم صلاتنا نسد القنوات التي من خلالها يمكن أن تتدفق البركات. وحينما لا نصلي فإننا نحرم العالم والكنيسة، بل نحرم أنفسنا من الكثير من البركات.
6- إن عدم الصلاة خطيئة لأنه يفتح الباب لخطايا أخرى
كم من مرة حذر المسيح تلاميذه من عدم الصلاة حتى لا يدخلوا في تجربة. قال يوحنا بنيان: "إما أن تمنعنا الصلاة عن الخطيئة، أو تغرينا الخطيئة في أن تمنعنا عن الصلاة". وقال آخر: "إن عدم الصلاة بالنسبة للمؤمن هو الارتداد بعينه". لنسأل أنفسنا: ما هي الخطايا التي نحن مغلوبون منها؟ ولنذكر أن السبب الرئيسي لفشلنا من التغلب على هذه الخطايا هو عدم الصلاة.
7- إن عدم الصلاة خطيئة لأنه السبب المباشر لقصورنا وضعفنا الروحي، لماذا نشعر بالهزال والضعف الروحي؟ ولماذا خدمتنا عديمة التأثير والقوة؟ لماذا فقدت الكنيسة قوتها؟ ولماذا نبذل المجهودات الكثيرة ولا نحصل إلا على نتائج قليلة؟ أليس هذا لأننا أغفلنا بل أهملنا حياة الصلاة؟!
ثانيًا: ضد من نخطئ حينما لا نصلي؟
1- حينما لا نصلي فإننا نخطئ في حق الله
"حاشا لي أن أخطئ إلى الرب فأكف عن الصلاة". نعم، إن كل خطيئة نقترفها هي خطيئة ضد الله (مزمور 4:51؛ لوقا 21:15). كذلك عدم الصلاة هو خطيئة ضد الله لأننا بعدم صلاتنا نمسك يد الله، ونمنعه – إن جاز التعبير – من أن يتمم أغراضه وأعماله ومعجزاته. وهذا ليس غريبًا، إذ يسجل الوحي المقدس عن الرب يسوع هذه الكلمات: "ولم يقدر أن يصنع هناك ولا قوة واحدة... وتعجب من عدم إيمانهم" (مرقس 5:6-6).
هناك أمور كثيرة لا يمكن أن تحدث إلا بالصلاة. وحينما لا نصلي لا يمكن لها أن تحدث.
2- حينما لا نصلي فإننا نخطئ في حق الآخرين
"حاشا لي أن أخطئ إلى الرب فأكف عن الصلاة من أجلكم". إننا نعيش في عالم ممتلئ بالبشر المحطمين والمتألمين، لا سيما أولئك الذين استعبدتهم الخطيئة وحطمتهم. وبالصلاة نستطيع أن نطلب لهم اللمسة الشافية من الطبيب الأعظم شخص ربنا يسوع المسيح. فإن كنا لا نصلي من أجل هؤلاء "فهذا يعني أننا لا نبالي بهم وبمصيرهم، ونحن بهذا نرتكب في حقهم خطيئة جسيمة، وسيأتي الوقت الذي فيه يطالبنا الرب بدمهم. لنفكر فيما كان يمكن أن يحدث للعالم لو أن الكنيسة كانت تصلي بطريقة جدية من أجل الآخرين!
3- حينما لا نصلي فإننا نخطئ في حق أنفسنا
حسنًا نقول إن الصلاة تستطيع أن تغير الأشياء وتصنع المعجزات، ولكن ينبغي ألا ننسى أن الصلاة تغيّر أول ما تغيّر المصلي نفسه. إن النتيجة الأولى للصلاة هي النتيجة الإنعكاسية على المصلي، والتي تتمثل في البركات التي تصل إلى قلب وحياة المصلي نفسه.
ثالثًا: ما هو المطلوب منا كمؤمنين؟
أولاً: أن نعترف بكل صدق وأمانة بأننا خيّبنا أمل الرب فينا من جهة حياة الصلاة، ومن جهة تدعيم روح الصلاة في كنائسنا وجمعياتنا.
وثانيًا: أن يتخذ كل واحد منا قرارًا شخصيًا بأن يبدأ في الصلاة، وأن يضم صوته مع صموئيل: "أما أنا فحاشا لي أن أخطئ إلى الرب فأكفّ عن الصلاة". لنأخذ عهدًا أمام الرب أننا من اليوم سنكون رجال صلاة.
مقترحات للصلاة
وأقدم هذه المقترحات التي تساعدنا في التغلب على عدم الصلاة:
1- حدد يوميًا أوقاتًا معينة ومنتظمة للصلاة.
2- ابدأ كل فرصة للصلاة بالتأمل في فصل من كلمة الله.
3- لا تكن متكلفًا في الصلاة. تعوّد على أن تتحدث مع الله.
4- اعمل قائمة بالذين تريد أن تصلي من أجلهم.
5- استمرّ مصليًا... استمر مثابرًا ومجاهدًا في الصلاة بالرغم من كل الظروف.
(عن مجلة "رسالة الخلاص")